ما الذي يُقلق نتنياهو في مبادرة الـ21 نقطة؟
مبادرة أميركية جديدة تضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مأزق. خطة من 21 نقطة لإنهاء الحرب في غزة، صاغتها إدارة دونالد ترامب بالتعاون مع المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس جاريد كوشنر، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، أثارت جدلاً واسعاً في إسرائيل.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، فإنّ الخطة تبدأ بوقف فوري لإطلاق النار، والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين العشرين المتبقين خلال 48 ساعة، وتسليم جثث القتلى والمحتجزين الإسرائيليين. في المقابل، تلتزم إسرائيل بالإفراج عن 250 أسيراً فلسطينياً محكوماً بالمؤبد، و1700 آخرين اعتُقلوا بعد هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وتقترح الخطة التي لم تقبلها بعد إسرائيل أو "حماس"، تفكيك جميع الأسلحة الهجومية للحركة الفلسطينية، مع منح كبار قادتها فرصة لمغادرة غزة بأمان إلى دول أخرى. بند وصفته صحيفة "يديعوت أحرونوت" بـ"السخيف"، مضيفة: "سيتم الإفراج عن 250 أسيراً محكوماً بالمؤبد، فيما سيُعرض العفو أو الترحيل على نشطاء حماس الذين يلتزمون بالتعايش السلمي".
وأشارت الصحيفة إلى أن المخاوف في إسرائيل تتركز على أن هذا البند "غامض للغاية"، ما يجعل من غير المرجح أن تتخلى "حماس" فعلياً عن ترسانتها. وبناءً على ذلك، يواجه نتنياهو خيارين: رفض الخطة بحجة قصورها، أو قبولها مقابل إطلاق سراح الأسرى، مع المخاطرة ببقاء "حماس" في القطاع واستمرار القتال لاحقاً.
كذلك، نقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الخطة تفتقر إلى موافقة صريحة من "حماس" على الانسحاب من القطاع، بينما تستعد إسرائيل لمنح حصانة لقادة الحركة، سواء لمن سيغادرون إلى تركيا أو قطر، أو لأولئك الموجودين أصلاً في الخارج. وهناك تقديرات بأن نتنياهو سيقول لترامب: "دعونا نسمع رد حماس أولاً".
ومن بين نقاط الخلاف الأخرى صندوق المساعدات الأميركية لغزة، إذ تخشى إسرائيل أن يقرر ترامب إغلاقه وتحويل مهمة توزيع المساعدات إلى الأمم المتحدة، وهو ما تعتبره غير مقبول استناداً إلى تجارب سابقة. كما يواجه الصندوق أزمة مالية خانقة، فيما ليس هناك أي مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية مستعد للمصادقة على موازناته، بسبب معارضة الجمهوريين لإنفاق أموال على نزاعات خارجية.
وفي موازاة ذلك، وقبيل اجتماعه بترامب في البيت الأبيض الإثنين المقبل، يتعرّض نتنياهو لضغوط متزايدة من داخل الائتلاف الحاكم. وبحسب صحيفة "إسرائيل اليوم"، فقد أدخلت دول عربية تعديلات على المبادرة، تضمنت المطالبة بانسحاب إسرائيلي كامل من غزة، على أن "تضع حماس سلاحها" من دون التخلي عنه نهائياً.

هل يتهرّب نتنياهو مجدداً؟
الصحافي الإسرائيلي بن كسبيت كتب في "معاريف" أن خطة ترامب "تشبه عازف الطبول" الذي قد ينفد صبره يوماً ما، مدركاً أن "لا نصر كاملاً" على تنظيم لا يملك ما يخسره. محذراً من محاولة نتنياهو استنزاف ترامب الذي "قد يجد نفسه مرهقاً".
وتابع كسبيت أن "الرفيقين" بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير يمارسان ضغوطاً صاخبة على نتنياهو، ملوحين بانهيار الحكومة إن طُبّقت الخطة. وبعد عامين على هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، يجد رئيس الوزراء نفسه أمام مفترق حاسم: إما أن يوافق على الخطة، يعلن النصر، ويتجه إلى الانتخابات، أو يواصل المماطلة على حساب الأسرى وصبر ترامب الذي يتآكل يوماً بعد يوم، فقط لإطالة عمر تحالفه السياسي.
وختم كسبيت بالقول: "نتنياهو استنفد الحرب. الهجوم على قيادة حماس في الدوحة كان يفترض أن يمنحه صورة النصر، لكن العملية فشلت، وترامب لا يربط نفسه عادة بالفشل، لذا تبرأ منها. ووفق مصادر مقربة من نتنياهو، فإن خطة ترامب في جوهرها نسخة من خطة رون ديرمر، التي تضمنت الانسحاب الكامل من غزة وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية بإشراف مجلس دولي، وكان مجلس الحرب قد أقرّها بأغلبية 6-0، لكن نتنياهو تراجع عنها بسبب تهديدات بن غفير وسموتريتش".
هاكابي يزور القاهرة
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة هآرتس أن السفير الأميركي في إسرائيل مايك هاكابي سيزور القاهرة خلال الأيام المقبلة للقاء وزير الخارجية بدر عبد العاطي، وبحث تفاصيل خطة ترامب لإنهاء الحرب على غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن المباحثات ستتناول كذلك التوترات بين تل أبيب والقاهرة، في ظل المخاوف المصرية من احتمال تهجير الفلسطينيين من القطاع، إضافة إلى اتهامات إسرائيلية للقاهرة بتعزيز قواتها في سيناء. كما ستشمل المداولات التهديدات الإسرائيلية بـ"إعادة النظر" في صفقة الغاز الضخمة مع مصر، ومحاولة هاكابي إقناع القاهرة بقبول أوراق اعتماد السفير الإسرائيلي المعيّن أوري روتمان، وهو ما ترفضه مصر منذ مغادرة السفيرة السابقة منصبها العام الماضي.
نبض