إيران تستغل أحد أخطر الاختراقات الاستخباراتية في التاريخ الحديث لمطاردة جواسيس لبريطانيا
كشفت صحيفة "التلغراف" البريطانية أن الحرس الثوري الإيراني شرع في مطاردة جواسيس بريطانيين بعد حصوله على "قائمة اغتيالات" سرّبتها حركة طالبان، تضم أسماء آلاف الأفغان الذين تعاونوا مع الجيش البريطاني، إضافة إلى أفراد من القوات الخاصة والاستخبارات البريطانية.
وبحسب مسؤولين كبار في إيران وأفغانستان، فقد توجه وفد من الحرس الثوري إلى كابول الأسبوع الماضي، من دون علم الحكومة في طهران، لمناقشة اتفاقية تعاون مع قيادة "طالبان"، هدفها استخدام القائمة لتعقّب جواسيس مشتبه بهم واعتقالهم كورقة مساومة في المحادثات النووية المقبلة مع الغرب.

في المقابل، تسعى طالبان إلى الحصول على اعتراف رسمي من إيران بحكمها لأفغانستان. وقال مسؤول إيراني كبير إن أربعة من عناصر الحرس الثوري اجتمعوا بقيادات طالبان، متعهدين بالضغط داخل طهران للإسراع في الاعتراف بالإمارة الإسلامية مقابل تسليم القائمة.
وتحتوي قاعدة البيانات التي سُرّبت عن طريق الخطأ عام 2022 على أسماء وأرقام هواتف وعناوين بريد إلكتروني لآلاف الأفغان ممن قدموا طلبات لجوء إلى بريطانيا ضمن برنامج إعادة التوطين، بينهم جنود سابقون تعاونوا مع القوات البريطانية، إضافة إلى أكثر من مئة عنصر من القوات الخاصة البريطانية وضباط في جهاز الاستخبارات الخارجية (MI6).
وأكدت مصادر لـ"التلغراف" أن قوات الحدود الإيرانية اعتقلت في الأيام الأخيرة عدداً من الأشخاص الواردة أسماؤهم في القائمة، قبل أن تُفرج عن بعضهم بعد التحقق من أنهم مجرد جنود أفغان سابقون، بينما يجري التدقيق في آخرين يُشتبه بأنهم جواسيس بريطانيون.
وتأتي هذه التطورات في وقت هدّدت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بفرض عقوبات اقتصادية خانقة على إيران إذا لم تستأنف المحادثات النووية قبل نهاية آب/أغسطس 2025.
وتخشى طهران أن تدخل هذه المفاوضات من موقع ضعف، ما يدفع الحرس الثوري إلى البحث عن "أوراق ضغط" يمكن استغلالها على طاولة التفاوض.
من جانبها، رأت طالبان أن تسليم القائمة لإيران فرصة لكسب الاعتراف الدولي، على الرغم من اعتراض بعض قادتها بسبب سوء معاملة طهران للاجئين الأفغان. وقال أحد مسؤوليها إن نسخة "معدّلة" من القائمة سُلّمت بالفعل للحرس الثوري، من دون الكشف عن التغييرات التي أجريت عليها.
والقائمة التي ضمّت نحو 25 ألف اسم أصبحت منذ تسريبها محل سرية قصوى في بريطانيا، حيث فُرض أمر قضائي يمنع تغطية تفاصيلها، ووصفت بأنها أحد أخطر اختراقات البيانات الاستخباراتية في التاريخ الحديث. لكن طالبان تؤكد أن محتواها لم يعد سرًا، وأن سجلاتها الداخلية تضم بالفعل معلومات مماثلة.
ويرى مراقبون وفق الصحيفة أن التعاون بين إيران وحركة طالبان يمثّل تحولاً لافتاً في العلاقات الإقليمية، إذ يتجاوز العداء التاريخي بين الطرفين ليبنى على مصالح مشتركة: بالنسبة لطهران، تعزيز نفوذها الاستخباراتي والدبلوماسي وبالنسبة لطالبان، خطوة إضافية نحو الاعتراف بشرعيتها الدولية، بعدما كانت روسيا الدولة الوحيدة التي اعترفت رسمياً بحكمها حتى الآن.
نبض