في التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2023 نجا نائب رئيس البرلمان الأوروبي الأسبق ألخو فيدال كوادراس من محاولة اغتيال في مدريد. كانت الشبهات تحوم حول ثلاثة مشتبه بهم من إسبانيا وتونس وبريطانيا. لكن بالنسبة إلى السياسي الإسباني كان الأمر محسوماً: إيران هي التي أمرت بذلك الهجوم.

قدم فيدال- كوادراس الأربعاء الماضي شهادة أمام "لجنة حقوق الإنسان والديموقراطية في إيران" في مجلس النواب الأميركي، طالب فيها بتغيير السياسات الغربية حيال إيران، بحجة أن السياسة التوافقية المعتمدة  في السنوات الأربعين الماضية، أثبتت فشلها، لا بل كانت عكسية "لأن النظام الإيراني أصبح أكثر عدوانية".

يتحدث فيدال كوادراس الى "النهار" عبر تطبيق زوم  من واشنطن حيث التقى أعضاء في الكونغرس وقدم شهادته أمام اللجنة، مؤكداً وجود دينامية جديدة في الادارة الأميركية لصوغ سياسة جديدة حيال إيران.
ويقول: "نعم، هناك تغيير واضح لأن الإدارة الجديدة مصممة على تجفيف مصادر تمويل النظام الإيراني، وبالتالي يجب تصنيف النظام كإرهابي أيضاً من الاتحاد الأوروبي ومنع البرنامج العسكري النووي الإيراني بكل الوسائل"، اضافة إلى  زيادة الضغط على النظام في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة وغيرها بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان.  

 في اليوم نفسه الذي عقدت فيه جلسة الاستماع في الكونغرس، وقع أكثر من 150 نائباً من الحزبين الجمهوري والديموقراطي القرار الرقم 166 الذي يعبر عن التأييد  لرغبة الشعب الإيراني في إيران ديموقراطية وعلمانية وغير نووية.  
 ويكتسب هذا القرار دلالات سياسية مهمة. ويقول فيدال كوادراس إنه  "بمجرد حصول القرار على الغالبية في الأيام المقبلة، سيكون توصية سياسية من مجلس النواب".

وتعود قصة انخراط السياسي الكاتالوني المولود ببرشلونة في الشؤون الإيرانية إلى عام 1999 عندما وصل إلى البرلمان الأوروبي كعضو في حزب الشعب المحافظ. في ذلك الوقت، لم يكن يعرف سوى القليل عن إيران أو سياساتها الداخلية. تقرب منه باولو كاساكا، الاشتراكي البرتغالي، ودعاه للانضمام إلى مجموعة تسمى "أصدقاء إيران الحرة" كانت تضم ما بين 70 و80 عضواً من انتماءات مختلفة.  
ومع تزايد نفوذه في البرلمان الأوروبي ازداد انخراطه في ملف إيران، حتى أنه صار العدو الرقم واحد للنظام الايراني. ويقول: "عام 2022، نشر النظام الإيراني قائمة بالأفراد الذين فرض عليهم عقوبات. وفي هذه القائمة، كنت الأول... ".
وبعد ذلك بسنة حصلت محاولة اغتياله. وقال: "استأجر النظام قاتلاً محترفاً. نجوت بأعجوبة، لأنني في اللحظة الأخيرة، أدرتُ رأسي، فدخلت الرصاصة في فكي وخرجت من الجانب الآخر ونجوت".
 دوّت الطلقة كصوت الرعد في رأسه، على حد وصفه، وتسببت بثقب في طبلة الأذن مما أدى إلى فقدانه 40 في المئة من سمعه. وعندما حاول المسلح إطلاق النار مرة أخرى، انفجرت البندقية. ويضيف: "كانت معجزة مزدوجة. لم أتعاف. كانت فترة عصيبة بالنسبة إليّ وإلى أسرتي".

 في الأيام التي أعقبت إطلاق النار، ألقي القبض على ثلاثة أشخاص، أحدهم في فوينخيرولا قرب ملقة وزوجان تم تحديدهما على أنهما نارايا غوميز وصديقته ساشا بروكس، وهي في العشرينيات من عمرها. وبعد تحقيقات وتعقب، ألقي القبض على الشخص الذي أطلق النار في هولندا.
ويوضح فيدال كوادراس إن ذلك الشخص كان يحاول اقتحام منزل معارض إيراني وضعت الشرطة الهولندية كاميرات لمراقبة منزله لأنه كان قد تعرض للتهديد. "راقبت الشرطة المنزل بالكاميرا  وعندما رصدت الشخص الذي أطلق النار عليّ، وهو يحاول اقتحام المنزل، تحركت بسرعة وألقت القبض عليه، وهو الآن في السجن".   
قضية فيدال كوادراس لم تغلق بعد. ويقول: "في إسبانيا، لا تزال قضيتي قيد التحقيق لأنه حتى الآن، تم القبض على ثمانية أشخاص لهم علاقة بمافيات ولا يزال اسباني من اصل مغربي فاراً ربما يختبئ في إحدى هذه الدول، روسيا أو فنزويلا أو إيران ، هذه الدول لن تتعاون".
يعتقد فيدال كوادراس أن إيران تعاقدت مع أفراد العصابة لتنفيذ عملية القتل كجزء من أحدث أساليب عملها.
ويقول: "في الماضي، أرسل المسؤولون (أشخاصاً) من إيران... والآن غيروا الأساليب. إنهم يدفعون لأعضاء في مافيات للقيام بهذه المهمة"، مضيفاً: "لم تعد طهران تستهدف المعارضين الإيرانيين فحسب، وإنما بدأت تطارد الغربيين الذين يعارضونها أيضاً".