ايران 11-01-2025 | 00:56

طفرة المداحين الدينيين في إيران... طبقة محمية تسيء إلى شخصيات محلية وأجنبية

في مراسم أقيمت في الحسينية الجامعة في مدينة أردبيل شمال غربي ايران، هاجم مداح مغمور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، واتهمهما بالوقوف أمام المقاومة الاسلامية، مثلما فعل في الماضي معاوية بن أبي سفيان والسلطان سليم العثماني حينما تصدّيا للشيعة.
طفرة المداحين الدينيين في إيران... طبقة محمية تسيء إلى شخصيات محلية وأجنبية
المداحون بحماية رأس النظام الايراني
Smaller Bigger

 

أشعل اثنان من المنشدين الدينيين المعروفين في إيران بـ"المَدّاحين" جدلاً خلال الأسبوعين الأخيرين، بإساءتهما إلى شخصيات محلية وأجنبية. أحدهما يُدعى علي رضائي، وقد أساء في حفل دينيّ، أقيم في مدينة "قم" (وسط إيران) إلى أهل السنة، لا سيّما إمام جمعة محافظة سيستان وبلوشستان (جنوب شرقي إيران) مولوي عبد الحميد، ووصف مسجد "مكي" في زاهدان (مركز المحافظة) بمسجد ضِرار (هو مسجد اتّخذه المنافقون ضِراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين في المدينة، وأمر نبيّ الإسلام بهدمه وهُدم).
وفي أعقاب هذه الإهانة السافرة والاحتجاجات الواسعة التي أبداها المجتمع، سواء من أهل السنة أم الشيعة، أُلقي القبض على "المَدّاح" المذكور. اللافت أن مولوي عبد الحميد أعلن في بيان أنه لن يرفع دعوى ضد هذا المدّاح بل يتوجّب إصلاحه، لا معاقبته. وكتب علي مطهري النائب السابق في البرلمان الإيراني، ونجل أحد أبرز رجال الدين الشيعة، في منشور على منصة "إكس" أن هذا "المداح" تصرّف وفقاً لرؤية (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو لزرع الخلاف بين المسلمين.
لكن هذا الجدل لم يكد ينحسر حتى أشعل "مَدّاح" آخر جدلاً ثانياً. ففي مراسم أقيمت في الحسينية الجامعة في مدينة أردبيل (شمال غربي إيران)، هاجم مدّاح مغمور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، واتهمهما بالوقوف أمام المقاومة الإسلامية، مثلما فعل في الماضي معاوية بن أبي سفيان والسلطان سليم العثماني حينما تصدّيا للشيعة. وبينما كانت هذه المراسم تُبثّ عبر التلفزيون الإيراني على الهواء مباشرة، نعت هذا المدّاح الرئيسين التركي والأذربيجاني بـ"أولاد الحرام". كانت هذه الإهانة السافرة تكفي لكي يطالب الرئيس إلهام علييف إيران بتقديم اعتذار رسمي وإقالة إمام الجمعة وممثل السيد الخامنئي في أردبيل. وكان إمام جمعة أردبيل حسين عاملي قال في وقت سابق إن تصرّف مدّاح ما لا علاقة له بالجمهورية الإسلامية، وإنّه لا يتحمّل المسؤولية. 

لكن هذه المرة لم تكن الأولى التي يتدخّل فيها "المدّاحون" في الشؤون السياسية ويهاجمون بعض الشخصيات السياسية والدينية والمثقفين والرياضيين، وحتى السلطات الحكومية، أو يُسيئون إليهم. وأشهر هؤلاء المدّاحين شخص يُدعى "الحاج منصور أرضي"، الذي أساء قبل سنوات إلى أمين العاصمة طهران حينها محمد باقر قاليباف؛ والمثال الآخر هو مدّاح  يدعى سعيد حجّاريان، وهو من المدّاحين المشهورين في إيران، فقد وجّه كلمات نابية إلى إسفنديار رحيم مشائي، الشخص الثاني في حكومة محمود أحمدي نجاد آنذاك. 
إن تدخّل المدّاحين القريبين من نظام الحكم والسلطة في القضايا السياسية في إيران ليس له ماض طويل، بل يعود إلى نحو 20 عاماً من قبل. ومنذ أن أقدم الحكم الإسلامي على حشد حماته وأنصاره ضد تهديدات المعارضين والمحتجين الداخليين، وقام بتنظيم طبقة المدّاحين، طلب منهم الاستخدام الأقصى لهذه الإمكانية وفرصة الاجتماعات والتجمعات الدينية لتحقيق الهدف المنشود؛ ويمكننا اليوم الحديث عن طبقة ذات وقع تُدعى "المدّاحين" في الجمهورية الإسلامية، وهي ذات طابع سياسي أكثر منه دينّي. 
باتت هذه الشبكة قويّة لدرجة أن المدّاحين يلتقون سنوياً المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في ذكرى استشهاد السيدة فاطمة الزهراء (ابنة النبي محمد)، ويتلقّى بعضهم منه هدايا، بما ذلك الخواتم. وقبل بضعة أسابيع، تم تداول مقطع فيديو يظهر فيه ميثم مطيعي، وهو أحد المدّاحين القريبين من السلطة، وهو يعرض خاتماً تسلّمه من خامنئي في مزاد علنيّ بقيمة مليار تومان (12500 دولار تقريباً)، لكي يقدّم ثمنه مساعدة للمنكوبين في الحرب على غزة وجنوبي لبنان. وهذه العلاقة الوثيقة مع أركان السلطة أدّت إلى أن يشعر الكثير من المدّاحين بالحصانة السياسية والقضائية. وأبدت هذه الطبقة السياسية خلال السنوات الأخيرة حرصاً أيضاً على اكتساب السلطة والثروة. ورغم أنها تنكر ذلك بصورة رسميّة، فإن الواقع يُظهر تقلّد بعضهم مناصب حكومية، فيما تنتشر أخبار حول تلقّيهم أجوراً باهظة لقاء مشاركاتهم في الاحتفالات الدينية.

إن تزايد سلطة طبقة المدّاحين ترك أثراً مهماً على حياتهم وقيمهم. وعلى سبيل المثال، ازدادت سلطة المدّاحين لدرجة أثارت قلق بعض رجال الدين أيضاً، إذ ينظر رجال الدين التقليديون إلى المدّاحين على أنهم تحوّلوا إلى منافسين لهم في التأثير والنفوذ لدى الرأي العام، ويرون أن المدّاحين لا يملكون خبرة وثقافة دينية كافيتين لهداية الناس؛ وبما أنهم يتعاطون مع عواطف الجماهير، فقد يتحوّلون إلى أناس يروجون الخرافات بين الناس بدلاً من الترويج للدين والأخلاق والقيم.
لكن هذه الانتقادات لم تحُل دون نيل طبقة المدّاحين اليوم في الجمهورية الإسلامية دعماً من العيار الثقيل من نظام الحكم ومؤسّسات السلطة وبعض رجال الدين. ورغم النقد الموجّه إليها، يرى أصحاب السلطة في إيران أن نشاطات هذه الطبقة تسهم في ترسيخ سلطة النظام السياسي والانسجام والتماسك بين داعمي النظام السياسي وإحباط الدعاية التي تُمارس ضد الجمهورية الاسلامية؛ وعليه، فإنهم يتجاهلون بعض إشكاليات هؤلاء وأخطائهم والجدل الذي يثيرونه، مقارنة بمنافع وجودهم وفوائده.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
سياسة 10/5/2025 3:09:00 PM
تابعت: "إن الدستور اللبناني يكفل المساواة بين اللبنانيين، مقيمين كانوا أم مغتربين. وتحقيق هذه المساواة يقتضي تعديل القانون الحالي بإلغاء المادة 112، بما يسمح لكل مغترب بالاقتراع في بلدته الأم".
مجتمع 10/4/2025 12:02:00 PM
من المتوقع أن تتأثر المنطقة اعتباراً من بعد ظهر الثلاثاء بمنخفض جوي متوسط الفعالية مركزه شمال غرب تركيا.
مجتمع 10/4/2025 3:23:00 PM
العملية تأتي في إطار الحملة الأمنية التي ينفذها الجيش في المنطقة لضبط المطلوبين ومواجهة التفلّت الأمني منذ ساعات الصباح الأولى.