استعداد لمحادثات دون "ورقة توماهوك"... موقف تفاوضي أفضل لكييف رغم استبعاد الصواريخ

أوروبا 20-10-2025 | 06:15

استعداد لمحادثات دون "ورقة توماهوك"... موقف تفاوضي أفضل لكييف رغم استبعاد الصواريخ

رغم خيبة الأمل من قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب، فإن موقف كييف أفضل من قبل في أي مفاوضات مستقبلية
استعداد لمحادثات دون "ورقة توماهوك"... موقف تفاوضي أفضل لكييف رغم استبعاد الصواريخ
زيلينسكي (أ ف ب)
Smaller Bigger

تدخل أوكرانيا مرحلة محادثات جديدة مرتقبة مع روسيا من دون ورقة صواريخ "توماهوك" التي كانت تراهن عليها للضغط على موسكو. ورغم خيبة الأمل من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإن موقف كييف أفضل من قبل في أي مفاوضات مستقبلية، ما يمنحها أملاً في التفاوض من موقع أقوى، ولو من دون الصواريخ البعيدة المدى.

مهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الطريق لزيارته إلى البيت الأبيض الجمعة بدقة متناهية. لأيام، كرر رسالة واحدة وهي أن بلاده بحاجة إلى صواريخ "توماهوك" لضرب عمق روسيا. وأرسل مساعديه الكبار إلى واشنطن الأسبوع الماضي للقاء الشركة المصنعة للصاروخ. ولكن بعد وصوله، تغير الوضع. تلقى ترامب مكالمة هاتفية من نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي بدا كأنه يثنيه عن بيع الأسلحة ويدفعه نحو إحياء محادثات السلام من خلال لقاء شخصي.

بينما كان زيلينسكي يجلس أمام ترامب الجمعة، بدا واضحاً تحوّل موقف الرئيس الأميركي. قال له: "نأمل في أن نتمكن من إنهاء الحرب من دون التفكير في صواريخ توماهوك". وأضاف أن بوتين "يريد إبرام صفقة".

 

فخ بوتين مجدداً؟
وفي هذا السياق، يقول مراقبون إن ترامب وقع في فخ بوتين القديم، فيما رأت صحيفة "واشنطن بوست" أن سيد الكرملين أعاد علاقته بترامب إلى "مسارها الصحيح" بمكالمة هاتفية قبيل اجتماع ترامب الحاسم الجمعة مع زيلينسكي.

كان هذا أحدث تحول في المواقف المترددة للرئيس الجمهوري بشأن الحرب الروسية - الأوكرانية، والتي غالباً ما تتغير بعد التواصل مع بوتين الذي أظهر مهارة كبيرة في إقناعه برأيه في الصراع. حتى الآن، نجحت روسيا في ردع ترامب عن فرض مزيد من العقوبات أو إرسال أسلحة أكثر قوة إلى أوكرانيا، من خلال التلويح المستمر بآمال التوصل إلى اتفاق سلام، بينما تُصعّد هي هجماتها.

كان تسلسل الأحداث مألوفاً جداً للأوكرانيين. فعلى مدى أشهر، شاهدوا حشد جهود ترامب المتقلب إلى جانبهم يُقوّض مراراً من روسيا التي تُلوّح بوعدها بإجراء مزيد من محادثات السلام.

بدلاً من استراتيجيتها المُفضّلة - توجيه ضربات قاسية إلى روسيا  بضربات بعيدة المدى لإجبارها على مفاوضات جادة - تجد كييف نفسها عائدةً إلى دوامة من المحادثات التي تعتقد أنها أثبتت فشلها بالفعل. يترك هذا الوضع أوكرانيا في موقفٍ صعب، مُجبرةً على انتظار اجتماع ترامب وبوتين قبل اتخاذ قرارها التالي. 

 

من لقاء ترامب وزيلينسكي في واشنطن (أ ف ب)
من لقاء ترامب وزيلينسكي في واشنطن (أ ف ب)

 

موقف غير سيئ لأوكرانيا
مع ذلك، حمل اجتماع ترامب أخباراً سارة لزيلينسكي الذي  يُمكن أن يشعر ببعض الارتياح. فمقترح موسكو إجراء محادثات سلام جديدة  أثبت حجته الراسخة بأن روسيا لن تتفاوض إلا عند مواجهة تهديد عسكري، بحسب "نيويورك تايمز".

وحديث ترامب عن الوضع الميداني، حين أشار في منشور على موقع "تروث سوشيال" إلى وجوب "التوقف حيث هم"، أي وقف نار على طول خطوط القتال الحالية، يبدو أنه احتمال يتوافق زيلينسكي معه بشدة خصوصاً أنه قال: "علينا التوقف حيث نحن. هذا مهم، التوقف حيث نحن، ثم التحدث".

وكان من الممكن أن يكون ذلك أسوأ بكثير بالنسبة إلى أوكرانيا، بحسب ما أفادت شبكة "سي أن أن". وشددت على أن ترامب لا يزال على الأرجح بعيداً من الصفقة التي سمّاها "رقم 9"، في إشارة إلى عدد اتفاقات السلام حول العالم التي يزعم أنه كانت له يد فيها. لكن نهجه الجديد، المتمثل في التهديد بتصعيد عسكري حقيقي، قد يُقرّب، مع مرور الوقت، من صفقة لا يريدها بوتين. فالتهديد نفسي بقدر ما هو عسكري. 

كذلك لا يخشى ترامب الآن الاعتراف بأن بوتين قد يتلاعب به، وهي لحظة إدراك مهمة، وإن كانت متأخرة، بحسب الشبكة. وقال: "لقد تلاعب بي أفضلهم طوال حياتي، وخرجت منها بنتائج طيبة". بوتين سيلتقي رئيساً أميركياً ربما يكون أكثر حكمة في التعامل معه وما يتطلبه الأمر لجذب انتباه موسكو. لقد استجاب ترامب الآن نصيحة حلفائه الأوروبيين: بوتين أوضح أنه لا يرد إلا حين يُهدد بقوة.  يبدو أن التغييرات الأخيرة أقل راحةً لبوتين. صحيح أن الصين لا تزال تدعمه، لكن الهند تدفع حالياً ثمن العقوبات الأميركية المفروضة بسبب شرائها النفط الروسي. كما أن روسيا لم تحقق حتى الآن أي نصر عسكري بارز.

 

موقف أقوى لكييف
ويقول محللون إنه إذا انطلقت جولة جديدة من المحادثات، فإن أوكرانيا ستكون في وضع أقوى نسبياً مما كانت عليه في محاولات التفاوض السابقة.

بينما تزايدت المخاوف خلال ربيع وصيف هذا العام من احتمال سيطرة روسيا على مدن حيوية في دونيتسك، صمدت أوكرانيا واحتفظت بالسيطرة على المدن. تباطأ التقدم الروسي في الأسابيع الأخيرة، واستعادت الهجمات المضادة الأوكرانية بعض الأراضي. ويتوقع المحللون استقرار الجبهة خلال فصل الشتاء. ساعد التقدم الروسي المحدود في ساحة المعركة المسؤولين الأوكرانيين على إقناع ترامب بالتخلي عن اعتقاده الأولي أن روسيا محكوم عليها الفوز في الحرب، وأن من الأفضل لأوكرانيا إبرام اتفاق. وهم الآن أقل قلقاً من أن ترامب قد يقوض موقف كييف في المفاوضات المستقبلية. كما منحت حملة أوكرانية استهدفت البنية التحتية النفطية الروسية كييف نفوذاً جديداً من خلال وضع موسكو تحت ضغط اقتصادي. بحلول الشهر الماضي، كانت قد دمرت أو ألحقت أضراراً بنحو 20% من طاقة التكرير الروسية.

وفي حين أن قرار ترامب في وقت سابق من هذا العام إنهاء المساعدات العسكرية والمالية لأوكرانيا أثار مخاوف من تقليص قدرة كييف على القتال بشكل كبير، إلا أن الأموال الأوروبية سدت الفجوة جزئياً.

رغم غياب صواريخ "توماهوك" عن طاولة التفاوض، تدخل أوكرانيا المحادثات المقبلة بواقع جديد. فالمكاسب الميدانية والضغط الاقتصادي على موسكو قد تفتح باباً لفرص ديبلوماسية مختلفة، وإن كانت محفوفة بالتحديات.


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 10/22/2025 3:51:00 PM
لا يمكن اعتبار هذا التراجع "انهيارًا" أو حتى "تصحيحًا"، نظرًا لارتفاع الأسعار الكبير. لا تزال المعادن تحقق أرباحًا جيدة هذا العام، حتى بعد التراجعات الأخيرة
لبنان 10/20/2025 8:03:00 PM
تتشكل هذه السحب العدسية عادة على ارتفاع يتراوح بين 2000 و5000 متر فوق سطح البحر، عندما يتدفق هواء رطب ومستقر فوق الجبال
لبنان 10/22/2025 7:56:00 AM
صحيفة "جيروزاليم بوست": الطريق إلى النزع الكامل لسلاح حزب الله لا يزال طويلاً