على ازدحام الملفّات الدولية والحروب و"الجنون الترامبي" المسيطر حالياً من غزة إلى أوكرانيا، القلق في قلوب قسم كبير من العالم على "بابا الفقراء"، البابا فرنسيس (88 عاماً)، هو الراقد في المستشفى منذ 14 شباط/فبراير بسبب التهاب رئوي مع ترقّب لتطوّرات حالته الصحّية.

وذكر الفاتيكان أن البابا احتاج أيضاً إلى نقل دم لأن الاختبارات أظهرت أنّه يعاني من انخفاض عدد الصفائح الدموية، وهو ما يرتبط بفقر الدم، ما استدعى نقل دم.

من اليوم الأول لدخوله المستشفى، يتابع العالم بقلق أخبار البابا فرنسيس، فللأحد الثاني لم يرأس القدّاس. والفاتيكان في آخر المستجدّات عن حالته الصحّية، لفت إلى أن الوضع "لا يزال حرجاً"، موضحاً أنّه "نام ويستريح".

منذ عام 2021، دخل البابا المستشفى 4 مرّات بعدما عانى من مشاكل صحّية عدّة، وشملت عمليات في القولون والبطن بالإضافة إلى صعوبات في المشي.

"صلّوا من أجلي"... نداء سُمع صداه!
من مستشفى جيميلي في روما، دعا البابا أتباع الكنيسة الكاثوليكية حول العالم ويبلغ عددهم 1.4 مليار شخص، إلى الصلاة من أجله.

وأعرب في رسالة مكتوبة نُشرت الأحد عن امتنانه العميق للدعم الكبير الذي تلقّاه، مشيراً إلى مواصلته تلقّي العلاج الضروري في المستشفى، وأضاف أن "الراحة هي جزء من هذا العلاج".

ووجّه شكراً خاصاً لأطبّائه قائلاً: "أشكر بصدق الأطباء والعاملين الصحّيين في هذا المستشفى، على ما يبدون من اهتمام بي".

اكتسب البابا فرنسيس شعبية كبيرة لدى شعوب العالم بتواضعه وبساطته وقربه من الناس واهتمامه بالسلام والمهاجرين وإنهاء الظلم والفقر والحروب. فدعوته للصلاة استجاب لها الآلاف من الأشخاص في دول عدّة، عربية وغربية، من العراق ولبنان إلى بلده الأرجنتين، وبلدان أميركا اللاتينية، وإيطاليا والمكسيك.

بالإضافة إلى الصلاة، تلقّى البابا فرنسيس بطاقات تهنئة بالشفاء ومحبّة ورسوماً باليد من تلاميذ المدارس في روما.

رجل الإصلاح...
طيلة حبريّته، ترك البابا فرنسيس بصماته في ملفّات عدّة. فمع ما عاناه صحيّاً، يواجه البابا معارضة داخلية عنيفة بسبب الإصلاحات التي أجراها في الكنيسة وينتقده البعض لقراراته مثل حظر القدّاس اللاتيني أو السماح بزواج المثليين.

وهو أصدر قوانين جديدة لمعاقبة مرتكبي الاعتداءات الجنسية داخل الكنيسة وألزم الإبلاغ عنها. وعزّز الرقابة المالية على الفاتيكان وألزمه بنشر تقارير مالية أكثر دقّة ووضوحاً.

كنسياً، جعل إجراءات بطلان الزواج الكنسي أسرع وأقلّ تكلفة لمساعدة المؤمنين الذين يواجهون مشاكل زوجية.

وقد اعتمد البابا سياسة اليد الممدودة وسعى إلى تعزيز العلاقات مع الديانات الأخرى وتحسين العلاقات مع الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية، ووقّع وثيقة الأخوّة الإنسانية مع شيخ الأزهر أحمد الطيّب في 4 شباط/فبراير 2019 في أبو ظبي.

الاستقالة... ما من خيار؟!
على وقع الأزمة الصحيّة للبابا، عادت إلى الواجهة رسالة استقالته التي كتبها عام 2013، وهو العام الذي تسلّم فيه الكرسي الرسولي، فقد وقّعها لاستخدامها إذا ما اضطر إلى التنحّي بسبب سوء حالته الصحّية.

قال الكاردينال الإيطالي جانفرانكو رافاسي إن البابا قد يتخلّى عن منصبه "إذا واجه صعوبات جدّية في أداء واجباته"، مضيفاً في مقابلة نُشرت الجمعة في صحيفة "إل كورييري ديلا سيرا"، "الكلمة الفصل تعود له".

ومع كلّ هذه التطوّرات، بدأت أسماء بعض المرشّحين لخلافة البابا تظهر إلى العلن، أبرزهم الكاردينال بيتر إردو (72 عاماً)، الكاردينال بيترو بارولين (70 عاماً)، الكاردينال ماتيو زوبي (70عاماً)، الكاردينال ريموند ليو بورك (76 عاماً) والكاردينال لويس أنطونيو تاغل (67 عاماً).

مشهد الشموع في الكنائس أمام صور البابا، وفي باحة المستشفى في روما أظهر احترام المؤمنين لبابا الفاتيكان في ظرفه الصحّي الدقيق. فالعالم سيترقّب القرار الأصعب بعد الخروج من المستشفى، فهل يكون كرسيّ بطرس على موعد مع بابا جديد؟ الكلمة الفصل ستكون حتماً لفرنسيس!