ما الذي حقّقته أوكرانيا في 6 أشهر من غزو كورسك؟

أوروبا 06-02-2025 | 08:10

ما الذي حقّقته أوكرانيا في 6 أشهر من غزو كورسك؟

من 6 آب (أغسطس) 2024 إلى 6 شباط (فبراير) 2025... مكاسب وشكوك
ما الذي حقّقته أوكرانيا في 6 أشهر من غزو كورسك؟
الجيش الروسي يقصف مواقع عسكرية أوكرانية في كورسك (أب عن وزارة الدفاع الروسية)
Smaller Bigger

"الجرأة، الجرأة، دائماً الجرأة". هذا ما كان الجنرال الأميركي جورج باتون يقوله لجنوده. يبدو أن الجيش الأوكراني لم يكن بعيداً من الإصغاء إلى هذه النصيحة.

 

قلة توقعت أن تشن أوكرانيا أفضل عملياتها العسكرية السنة الماضية في الأراضي الروسية. لقد كانت كورسك المنطقة الوحيدة التي حقق فيها الجيش الأوكراني المكاسب بدلاً من الخسائر الميدانية على طول الخط المشتعل للجبهة بين روسيا وأوكرانيا. في 6 آب (أغسطس) 2024، أطلقت أوكرانيا هجومها المباغت مستفيدة من معلوماتها الاستخبارية ومسيّراتها المطورة وعدم جاهزية القوات الروسية المرابطة على الحدود، فاحتلت في أسبوعين تقريباً نحو 1200 كيلومتر مربع من الأراضي.

 

منذ ذلك الحين، خسرت أوكرانيا أكثر من نصف ما احتلته. لكن بالنظر إلى أجواء التشاؤم الأساسية مما أمكن أن تحققه كييف عبر هذه العملية، يمكن وصف النتيجة العامة، لغاية اليوم، بأنها ناجحة نسبياً. يكمن أحد الأسئلة الأساسية في القدرة على استدامة هذا النجاح حتى بلوغ المفاوضات.

 

مكاسب صغيرة لكن متنوعة

أكدت القوات الأوكرانية أنها قادرة على تحقيق مفاجآت على الصعيد التكتيكي، بدلاً من الرهان فقط على فكرة واحدة هي الدفاع. أدركت كييف أن الدفاع، لوحده، يحمي الأراضي في أفضل الأحوال، لكنه لا يحرر ما هو واقع أساساً تحت الاحتلال.

 

من جهة ثانية، أثبتت أوكرانيا أنها تعلمت من تجربتها الفاشلة في هجومها المضاد صيف 2023 حين عجزت عن شن عمليات أسلحة مشتركة. هذه العمليات عبارة عن هجوم معقد يقتضي التنسيق بين المشاة والألوية المدرعة والمدفعية والمسيّرات والفرق الهندسية وأنظمة الدفاع الجوي وغيرها. هذه المرة، نجحت أوكرانيا، ولو على صعيد ضيق، في قيادة هذه العملية. وتمكنت أوكرانيا من أسر مئات الجنود الروس (من بينهم حرس حدود وقوات شيشانية) فاستخدمتهم في عمليات تبادل مع أسرى من قواتها. ثم يأتي العامل النفسي.

 

للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، تتعرض الأراضي الروسية لاحتلال من قوات أجنبية، وهي ضربة معنوية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولجيشه. وأتت الضربة الثانية بعد اضطراره للاستعانة بما يزيد عن 10 آلاف جندي من كوريا الشمالية لتحرير كورسك، ويبدو أن تلك القوات الإضافية عجزت عن تحقيق خرق ميداني ملموس. نقل "معهد دراسات الحرب" عن مدون عسكري روسي مقرب من الكرملين قوله إن ثمة وقفاً موقتاً للعمليات العسكرية الروسية في كورسك بسبب الأحوال الجوية والمسيّرات الأوكرانية. ونقل المعهد أيضاً عن الاستخبارات الكورية الجنوبية إشارتها إلى وقف القوات الكورية الشمالية انخراطها في الهجوم المضاد بسبب الخسائر الكبيرة في الأرواح. لكن قائد الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف قال إن نحو 8 آلاف كوري شمالي لا يزالون يقاتلون في كورسك.

 

في غضون ذلك، استطاع غزو كورسك رفع معنويات بعض الجنود الأوكرانيين ولو موقتاً. "لقد شعرتُ بأنني جزء من التاريخ"، على ما قاله أحد المظليين الأوكرانيين لمجلة "بوليتيكو" في بداية الهجوم.

 

رأى بعض المحللين أنه كان أفضل لأوكرانيا استخدام مواردها البشرية والعسكرية للدفاع عن الأراضي الأوكرانية بدلاً من المخاطرة بإهدارها في احتلال أراض روسية. مع ذلك، لم يكن هناك من ضمانة مطلقة عبر الإبقاء على تلك الموارد للمجهود الدفاعي. تحت ضغط "موجات اللحم" التي لا هوادة فيها، كان الاحتمال كبيراً في أن تخسر أوكرانيا جنودها وأراضيها معاً، وإن بشكل أبطأ. باخموت أبرز مثل على ذلك.

 

في النهاية، نجح رهان أوكرانيا: لم تتعرض قواتها لضغط عسكري كبير من الداخل الروسي بالمقارنة مع حجم الضغط الذي تتعرض له في دونيتسك، واستطاعت مواصلة السيطرة على أراضٍ روسية. وبالحد الأدنى، لم يتحقق توقع البعض في انهيار درامي للدفاعات الأوكرانية بفعل هجوم كورسك. لم تسقط مثلاً مدن أوكرانية كبيرة مثل توريتسك وبوكروفسك وتشاسيف يار، بالرغم من أنها لا تزال مهددة.

 

ليس كل شيء وردياً

كما في كل العمليات العسكرية، ثمة أهداف مرجحة لم تحققها أوكرانيا. هي أخفقت في دفع الجيش الروسي إلى سحب قوات كبيرة من شرق البلاد للدفاع عن كورسك، وبالتالي، فشلت في الضغط على موسكو كي تتسرّع في محاولة تحرير المنطقة. لا يزال الكرملين يعطي الأولوية للسيطرة على أراض أوكرانية إضافية آملاً أن يحصل على شبه اعتراف دولي بذلك في المفاوضات المنتظرة. بالمقابل، يدرك الكرملين أنه سيسترجع في نهاية المطاف كورسك خلال المفاوضات، إن لم يكن بالقوة العسكرية، حتى ولو اضطر إلى التخلي عن جزء ضئيل من الأراضي الأوكرانية التي سيطر عليها. ولا يبدو أن هناك تقارير عن استياء واسع النطاق بين نحو 200 ألف روسي نزحوا عن المنطقة في بداية الغزو، مما يظهر أن الشعب الروسي تكيف مع الهجوم.

 

حالياً، تحتفظ أوكرانيا بالسيطرة على نحو 500 كيلومتر مربع من الأراضي في كورسك. من غير المتوقع أن يتغير هذا الرقم كثيراً في غضون الشهرين المقبلين تقريباً، بسبب الأحوال الجوية على الأقل. منذ بداية سنة 2024 وحتى أوائل شباط (فبراير) 2025، سيطرت روسيا على نحو 4500 كيلومتر مربع من الأراضي الأوكرانية. بالتالي، تعد السيطرة على كورسك ورقة قوة بيد أوكرانيا لاسترجاع ما يوازي ذلك من أراضيها. لكن ورقة القوة هذه محدودة.

 

فالأراضي في كورسك زراعية بالدرجة الأولى، على عكس الأراضي في دونباس التي تعد مركز الصناعة والثروات الطبيعية الأوكرانية. لقد كانت أوكرانيا جريئة في التوغل داخل الأراضي الروسية، لكن تحويل الجرأة إلى مكاسب استراتيجية دائمة هو التحدي الحقيقي أمامها بحسب باولو أغويار من موقع "جيوبوليتيكال مونيتور".

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
سياسة 11/20/2025 6:12:00 PM
الجيش اللبناني يوقف نوح زعيتر أحد أخطر تجّار المخدرات في لبنان
سياسة 11/22/2025 12:00:00 AM
نوّه عون بالدور المميّز الذي يقوم به الجيش المنتشر في الجنوب عموماً وفي قطاع جنوب الليطاني خصوصاً، محيّياً ذكرى العسكريين الشهداء الذين سقطوا منذ بدء تنفيذ الخطّة الأمنية والذين بلغ عددهم 12 شهيداً. 
مجتمع 11/21/2025 8:31:00 AM
تركيا وسواحل سوريا ولبنان وفلسطين ستكون من بين المناطق المستهدفة بالأمطار بعد إيطاليا