ميركل تروّج لمذكّراتها... لكنّ طيف أوكرانيا يطاردها

ميركل تروّج لمذكّراتها... لكنّ طيف أوكرانيا يطاردها
مذكرات ميركل "الحرية" (أ ب)
Smaller Bigger

عادت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل إلى الواجهة الإعلامية مجدداً من بوابة تسليط الضوء على مذكراتها "الحرية" (720 صفحة)، والتي كتبتها مع مستشارتها بيت باومان. أطلت ميركل في مناسبات ومقابلات عدة لتتحدث عن بعض التفاصيل في تلك المذكرات، من بينها اللحظات البارزة في صياغة القرارات الخارجية لبلادها.

 

في وقت لا ينكر المراقبون الأوروبيون أسلوب الحكم الهادئ والرصين الذي ميّز ميركل، بالتحديد عند مقارنته بحكام شعبويين آخرين في الغرب، لم يبخلوا بانتقاد عدم إبدائها ندماً على أي خطأ محتمل في سنوات حكمها الطويلة (2005-2021). يصح ذلك بشكل خاص على سياساتها التي ساهمت، بحسب رأي هؤلاء، في إشعال حرب هي الأولى على أراضٍ أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

 

قالت ميركل إن ترامب كان "مفتوناً على ما يبدو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، في إشارة إلى أن الرئيس السابق كان يحب الرجال الأقوياء. لكن ميركل نفسها لم تجد ضيراً في مد الجسور الاقتصادية مع روسيا البوتينية لتغذية اقتصادها المتعطش للطاقة. وهذا هو أحد أبرز مآخذ الأوروبيين على سياستها.

 

هي وأوباما

رئيس التحرير السابق لصحيفة "هاندلسبلات العالمية" الألمانية أندرياس كلوث كتب في "بلومبرغ" أنه أمكن لميركل، "لو أرادت"، أن ترى وتحذر من الخطر الآتي من روسيا، لكنها أصرت "بعناد" على شراء الغاز الروسي من البلطيق بالرغم من اعتراض دول أوروبا الشرقية.

 

يمكن قراءة الرأي نفسه تقريباً للمعلق على الشؤون الدولية في صحيفة "فايننشال تايمز" جدعون راخمان. لكن راخمان حمّل أيضاً الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، إلى جانب ميركل، بعضاً من مسؤولية ما يجري في أوكرانيا. "من الواضح بشكل متزايد أنه كان للقرارات التي اتخذها الزعيمان – أو القرارات التي لم يتخذاها – تأثير ضار، ولو (أتى) متأخراً، على الاستقرار الدولي".

 

لقد "استرضت" ميركل بوتين عبر اتفاقيتي مينسك بينما فاقم أوباما - بعدم تطبيقه "الخط الأحمر" في سوريا سنة 2013 ضد استخدام السلاح الكيميائي وعدم تسليح أوكرانيا - قرارات ميركل. وشكل خطأ أوباما الأول بداية نمط أظهر الغرب ضعيفاً بحسب راخمان.

 

حقيقة مينسك

في كانون الأول (ديسمبر) 2022، أخبرت ميركل صحيفة "دي تسايت" الألمانية أن اتفاقيتي مينسك كانتا محاولة لشراء الوقت لأوكرانيا كي تسلح نفسها. أتى هذا التصريح بعد نحو 10 أشهر على اندلاع الحرب. كان تصريحها آنذاك أول إشارة إلى أنها غير نادمة على بعض سياساتها الخارجية السابقة.

 

فطوال سنوات أوباما، لم يظهر أي دليل إلى أن الولايات المتحدة، وبشكل أقل أوروبا، كانت ذاهبة باتجاه تسليح أوكرانيا. على العكس من ذلك، كشف تقرير لصحيفة "تلغراف" في نيسان (أبريل) 2022 أن ألمانيا وفرنسا حولتا إلى روسيا نحو 275 مليون دولار من الأسلحة عبر استغلال ثغرات في نظام العقوبات الذي فرضه الغرب على روسيا منذ ضم شبه جزيرة القرم سنة 2014.

 

وفي مقابلة مع "بوليتيكو" في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأوكراني أولكسندر ميريجكو إن "مسار مينسك" برعاية ميركل قد أدى إلى "عدوان كامل النطاق". وثمة المزيد من أسباب الاستياء لدى البعض.

 

النتيجة واحدة

بعد وضع اللمسات النهائية على مشروع "نورد ستريم 2"، أشار الكاتب في صحيفة "دي فيلت" الألمانية روبين ألكسندر إلى أن ميركل نجحت في "مراوغة" الرئيس جو بايدن بدفعه إلى القبول بالمشروع. وبالإضافة إلى أن ميركل لم تقبل حتى ببند إغلاق خط الأنابيب لو عمد الكرملين إلى الضغط على أوروبا الشرقية والوسطى، لم تقدم ألمانيا أي مقابل لأميركا، أكان على مستوى حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو على مستوى السياسة تجاه الصين.

 

وانتقد الزميل البارز في مؤسسة "ستيفتونغ ميركاتور" الألمانية سلافومير سيبراكوفسكي نهج ميركل الخارجي كاتباً أن سياسة الغاز الرخيص كانت أهم من أمن بولندا وأوكرانيا، علماً أن النتيجة كانت واحدة بحسب رأيه: "لا طاقة رخيصة (بعد غزو أوكرانيا) ولا أمن".

 

لم تقدم ميركل أي جديد في إطلالاتها العلنية الأخيرة للترويج لمذكراتها على مستوى المراجعة النقدية لسياساتها الخارجية الأساسية. قولها مؤخراً إنها غير نادمة على عدم منح كييف سنة 2008 "خطة عمل العضوية" للانتساب إلى الناتو كان تأكيداً لما أعربت عنه أيضاً سنة 2022.

 

"جيدة لبعض الوقت"

في الداخل الألماني، لا تزال ميركل تحظى باحترام كبير. لكن حين يأتي الموضوع إلى سياستها الأوروبية، تصبح مسيرتها حتى بين من يؤيد أسلوب حكمها، أكثر عرضة للانتقاد، وأحياناً بشكل قاسٍ. كلوث، من شبكة "بلومبرغ"، أشار إلى أن العالم المنظم والتعددي الذي رغبت به ميركل يتحلل إلى فوضى. "مع ذلك، ما من (مشاعر) ندم".

 

وأضاف: "لقد كانت (ميركل) جيدة لبعض الوقت؛ والآن من الجيد أنها رحلت".

 

ربما لو أبدت ميركل شيئاً من الندم على قسم من سياساتها لخففت بعضاً من هذه الأحكام. في النهاية، بإمكان الساسة أن يقروا بسهولة أكبر ببعض الأخطاء أو سوء الحسابات بعد خروجهم من الحكم. إلى الآن، لسبب أو لآخر، لا تبدو ميركل في هذا الوارد.

 

 

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
اسرائيليات 10/9/2025 3:20:00 PM
جلس في أحد المقاهي البيروتية واحتسى فنجان قهوة بين الزوار المحليين.