العالم في حالة هشة ... خبراء يحذرون من ساعة يوم القيامة

دوليات 31-10-2025 | 12:34

العالم في حالة هشة ... خبراء يحذرون من ساعة يوم القيامة

 هل يقبل العالم بالاعتراف بحدود الجغرافيا والاحترام المتبادل من أجل البقاء؟
العالم في حالة هشة ... خبراء يحذرون من ساعة يوم القيامة
تعبيرية.(أرشيف)
Smaller Bigger

انتهى النقاش من دون إجابة حاسمة، لكنه طرح سؤالاً وجودياً: هل يقبل العالم بالاعتراف بحدود الجغرافيا والاحترام المتبادل من أجل البقاء؟ أم يواصل منطق القوة الذي جرّ البشرية من كوبا إلى أوكرانيا، وربما قريباً إلى إيران، نحو حافة الهاوية من جديد؟

شارك المفكران الأميركيان البارزان جيفري ساكس وجون ميرشايمر في ندوة عبر «يوتيوب» بعنوان «مجالات الأمن لتجنّب الحرب العالمية الثالثة»، ناقشا فيها خطر التصعيد بين القوى الكبرى ومستقبل النظام العالمي الجديد. وقد أدار الجلسة الباحث النرويجي، غلين ديسن، فجمع بين رؤيتين متناقضتين في العلاقات الدولية: المثالية التشاركية التي يمثلها ساكس، والواقعية الصلبة التي يتبناها ميرشايمر.

 

 

الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جينبينغ.(أف ب)
الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جينبينغ.(أف ب)

 

 

بدأ ساكس، أستاذ جامعة كولومبيا والناقد لسياسة واشنطن الخارجية، حديثه بالإشادة بتنبؤات ميرشايمر الدقيقة حول الصين وأوكرانيا، لكنه أشار إلى أن منطق الصراعات القديمة لم يعد قابلاً للتكرار في عصر السلاح النووي. واقترح استبدال مفهوم «مجالات النفوذ» الإمبريالية القديمة بمفهوم جديد هو «مجالات الأمن»، يقوم على احترام المصالح الأمنية المتبادلة بين القوى الكبرى.

وقال ساكس إن أي وجود عسكري في "ساحة الجار الخلفية" قد يتحوّل إلى شرارة مواجهة مباشرة، وضرب مثالاً بأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، حين كانت الولايات المتحدة على وشك خوض حرب نووية بسبب صواريخ الاتحاد السوفييتي قرب حدودها. وأضاف أن روسيا اليوم ترى في توسع الناتو واستقرار قواته في أوكرانيا التهديد ذاته، مؤكداً أن «الموقفين متشابهان من حيث المنطق الأمني».
ودعا ساكس إلى الاعتراف بحق كل قوة كبرى في القلق على حدودها، كما تعترف أمريكا لنفسها بـ«مبدأ مونرو»، لكنه شدد على أن الهدف ليس العودة إلى مناطق النفوذ، بل إقامة "مسافات آمنة" تمنع الصدام المباشر بين القوى العظمى. 

وحذر من أن العالم في حالة هشة للغاية. وفي إشارة إلى "ساعة يوم القيامة" التي كانت على بعد 89 ثانية فقط من منتصف الليل، قال إن خطر الحرب النووية لا يقتصر على أوروبا ويمكن أن يبدأ في أي مكان: من الهند وباكستان إلى شرق آسيا أو الشرق الأوسط. وأضاف ساكس: "إن الافتقار إلى آليات الأمن المتبادلة قد زاد أيضًا من احتمالية نشوب صراع بين إسرائيل وإيران". "في منطقة تعاني من الكثير من انعدام الثقة والمنافسة العسكرية، يمكن لأي حادث أن يكون شرارة لأزمة أكبر".

معادلة سلب القوة
أما ميرشايمر، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة شيكاغو وصاحب نظرية «الواقعية الهجومية»، فاعتبر أن مقترح ساكس رغم نبل نواياه يتجاهل طبيعة النظام الدولي القائمة على صراع القوة الدائم. وقال: «الأمن في عالم اليوم لعبة محصلتها صفر؛ فكل خطوة تزيد أمن دولة ما، تقلل أمن الأخرى». وأوضح أن فكرة «المجال الأمني» تواجه ثلاث مشكلات أساسية: صعوبة تحديد حدوده ومن يملك القرار فيه. وتسلل التنافس الخارجي إلى داخله بمرور الوقت. وغياب سلطة دولية قادرة على إلزام الدول بتعهداتها، ما يجعل الاتفاقات قصيرة العمر.
ورغم الخلاف النظري، اتفق ساكس وميرشايمر على أن توسع الناتو شرقاً كان خطأً كارثياً أدى إلى حرب أوكرانيا.وأوضح ساكس أن تجاهل «منطق الجغرافيا» هو ما فجّر الأزمة، قائلاً: «روسيا لا تريد صواريخ أميركية على بعد دقائق من موسكو، تماماً كما رفضت واشنطن في عهد كينيدي الصواريخ السوفييتية في كوبا».
وانتقل النقاش لاحقاً إلى الشرق الأوسط، حيث طرح ساكس مثال إيران لتوضيح فكرته عن «المجالات الأمنية المتبادلة». وقال إن العالم قد يتجنب انفجار المنطقة إذا اتفقت القوى الكبرى على عدم نشر قوات أو منظومات صاروخية دائمة هناك، مضيفاً أن «الشرق الأوسط اليوم هو أوكرانيا الغد: نقطة تماس القوى ومصدر محتمل للاشتعال».

غير أن ميرشايمر ردّ قائلاً إن مثل هذا الاتفاق «جميل نظرياً، لكنه غير قابل للحياة عملياً»، لأن القوى الكبرى لن تتخلى عن مصالحها الحيوية في مناطق الطاقة والنفوذ، مشيراً إلى أن «الخليج سيظل محور التنافس بين أميركا والصين لعقود قادمة».
وفي ختام الندوة، لخص ديسن التناقض الذي يواجه النظام الأمني العالمي قائلاً: "المبدأ الأول يقول إن الأمن لا يجب أن يتحقق على حساب الآخرين، والثاني يمنح كل دولة حرية اختيار حلفائها؛ تجاهل الناتو الأول، وتجاهلت روسيا الثاني، فكانت الحرب».
وختم ساكس  الحوار مقتبساً من الرئيس جون كينيدي: «السلام ليس غاية، بل أسلوب في حل النزاعات». بينما رأى ميرشايمر أن الردع وحده هو الضمان الواقعي للسلام في عالم تحكمه الشكوك.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

ثقافة 10/30/2025 10:50:00 PM
بعد صراع طويل مع المرض...
صحة وعلوم 10/29/2025 2:06:00 PM
أنقذ الطبيب اللبناني الدكتور محمد بيضون طفلاً من الموت بجراحة غير مسبوقة أعاد فيها وصل رأسه بجسمه، بعدما كان الأمل مفقوداً في نجاته.
مجتمع 10/30/2025 3:01:00 PM
فتحت القوى الأمنية تحقيقاً في الحادثة للوقوف على ملابسات جريمة الطعن