يزيد حنينك للماضي في أيام البرد... كيف يشرح العلم هذه الظاهرة؟

صحة وعلوم 18-11-2025 | 08:02

يزيد حنينك للماضي في أيام البرد... كيف يشرح العلم هذه الظاهرة؟

تفسير علمي شيّق عن حالة تُسمّى بالحنين للماضي الموسمي
يزيد حنينك للماضي في أيام البرد... كيف يشرح العلم هذه الظاهرة؟
صورة تعبيرية من أجواء الحنين لأيام البرد (Freepik)
Smaller Bigger

هل سألت نفسك مرة لماذا تنتابك الذكريات والحنين والتأمل في الماضي والذات خلال تغيّر الظواهر الطبيعية، مثل حلول الشتاء أو الخريف، وغروب الشمس وغيرها من المواقف التي تثير لديك الحنين للماضي؟ أحياناً قد لا يرتبط الحنين هذا أو العودة في الذكريات إلى حادثة أو ذكرى معينة تستعيدها في الوقت الحالي، لكن ببساطة قد تكون الظواهر الطبيعية مدعاة للتأمّل والعودة للبحث في الماضي في الأجواء الحالية وكأنّها فرصة تعزّزها الفصول بوجوهها ومظاهرها المتنوعة. لكن خلف هذه الحالة، تفسير علمي شيّق عن حالة تُسمّى بالحنين للماضي الموسمي (seasonal nostalgia)، يكشفه هذا المقال.

 

صورة تعبيرية للاستمتاع بأجواء موسمية دافئة (Freepik)
صورة تعبيرية للاستمتاع بأجواء موسمية دافئة (Freepik)

 

بحسب دراسة "Adverse Weather Evokes Nostalgia"، فإنّ الطقس العاصف أو البارد أو الماطر يزيد من مشاعر الحنين للماضي. وكلّما شعر الأشخاص بانزعاج أو توتّر من الجو، كلّما ارتفعت لديهم رغبة بالعودة إلى ذكريات قديمة ودافئة عاطفياً. ووجدت الدراسة أنّ الحنين للماضي يعمل كآلية تنظيم نفسي، فهو رد فعل دفاعي إيجابي لمواجهة المزاج السلبي الناتج عن الطقس الكئيب. وعندما يشعر الإنسان بالوحدة أو الانزعاج بسبب الطقس، يلجأ ذهنه إلى ذكريات مريحة ودافئة لاستعادة التوازن العاطفي، والأجواء الدافئة والمريحة تقلل من الحنين للماضي، بدليل، أنّ على العكس من ذلك، في الطقس المشمس والمستقر، تقلّ الحاجة لاستدعاء الذكريات لأن المزاج الحالي يكون أصلاً إيجابياً.

 

 

صورة تعبيرية لشابة تستمتع بأجواء البرد (Freepik)
صورة تعبيرية لشابة تستمتع بأجواء البرد (Freepik)

 

وبحثت مقالة علمية بعنوان "When bittersweet turns sour: Adverse effects of nostalgia on habitual worriers"، حول الآثار السلبية المحتملة للحنين إلى الماضي لدى عينة من أكثر من 200 بالغ، معظمهم من طلاب الجامعات، وتركزت الأسئلة حول حالتهم المزاجية، بما في ذلك ما إذا كانوا يعانون من القلق أو الاكتئاب، ميلهم للقلق، وذكريات الحنين التي طُلب منهم وصفها باستخدام الصور البصرية وتفاصيل حسية أخرى. ووفقاً للنتائج، أفاد المشاركون الذين يميلون للقلق بشكل متكرر بمشاعر اكتئاب وقلق أقوى بعد الحديث عن ماضيهم.

الإنسان معجون بالذكريات!

يشرح المعالج النفسي والمستشار لدى منظمة "أطباء بلا حدود"، الدكتور ماريو عبود، في حديث إلى "النهار"، أنّ ذاكرة الإنسان قوية جداً وتُثار من خلال الحواس الخمس. وعندما يعيش الشخص لحظات تتشابه مع مرور الوقت والأيام والمواسم والفصول، ترسخ في ذاكرته، فالذاكرة ترتبط بأحداث أو لحظات مهمة وفارقة لكن سابقة، وتصبح لاحقاً في الذاكرة على شكل مثيرات (triggers)، مثل صور، سيناريوهات، روائح، أو نكهات طعام. وفي حالة الحنين الموسمي ينتاب الشخص شعوراً نابعاً من مزيج من شيء حسي مرتبط بذكرى معينة.

وتزيد حالة الحنين هذه عندما تجتمع مثيرات عديدة في لحظة واحدة كقدوم الشتاء والإحساس بالجو البارد ورؤية الضباب وسماع صوت الشتاء، في آن واحد. كلّها عناصر تشكّل تجربة كلية تأخذ الشخص إلى ذكرى قد تكون حسنة أو سيئة. 

 

 

الاستمتاع بالجو الضبابي (Freepik)
الاستمتاع بالجو الضبابي (Freepik)

 

الإنسان مخلوق يعتاد على العادات، فمثلاً يمكن أن يربط أحدهم الشتاء بأيام المدرسة، أو قد يربط آخر يوم الأحد ليلاً بذكرى الذهاب إلى المدرسة في اليوم التالي، وفق ما يشرح عبود. كلّها ذكريات تنبع من تكرار العادات.  ومع تغيّر الفصول، تتغير عادات الشخص، ويستذكر العادات السابقة التي كان يقوم بها في هذا الموسم. 

كذلك، مع تغيّر المظاهر الطبيعية وتقلبات الطبيعة والطقس، مثل دخول الشتاء أو غروب الشمس، يصبح الإنسان حساساً أكثر اتجاه العودة في الذكريات. 

 

 

من أجواء الطبيعة (Freepik)
من أجواء الطبيعة (Freepik)

 

وعن الأشخاص المعرَّضين لهذا النوع من الحنين وما قد ينتج عنه، يورد عبود أنّ هناك أشخاصاً يلتفت انتباههم أكثر للأمور الحسية، دوناً عن سواهم، وبالتالي تكون ذاكرتهم أقوى تجاهها. والذكريات أمر لا بدّ منه، لكن من غير الصحي العيش في الماضي ولا الهرب منه، ففي حال تطوّر العيش في الأوهام والذكريات قد يصل إلى حالة مرضية، إذ إنّ أي فكرة تمتدّ في تفكير الشخص، تصبح فكرة مرضية، وقد يدخل الشخص في حالة اكتئاب وشعور بالذنب وتأنيب الضمير وملامة. بالتالي، إذا كان تفاعل الشخص مع أفكاره محدوداً وترك لنفسه العودة في الذاكرة والإحساس بهذا الشعور العابر، يكون الأمر صحياً. إنّما إذا بالغ الشخص في التفاعل مع هذه الأفكار وغرق فيها، سيعاني حتماً.

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

النهار تتحقق 11/17/2025 9:19:00 AM
منذ ساعات، يستحوذ الفيديو على اهتمام مستخدمين كثر تفاعلوا معه بآلاف اللايكات والتعليقات. ما قصته؟ 
النهار تتحقق 11/17/2025 11:20:00 AM
"هذه الصور وصلتنا قبل قليل للخلية التي ألقت عناصر من الأمن والداخلية السورية القبض عليها، وهي تابعة لحزب الله..."، تقول المذيعة. ما حقيقة هذا المقطع؟
العالم 11/17/2025 6:30:00 AM
لم يتم بعد الكشف عن طبيعة الحادث الذي تعرضت له الحافلة.
سياسة 11/16/2025 7:55:00 PM
يتمتع مرتينوس بخبرة تزيد عن 25 عاماً في ممارسة المحاماة، وقد شغل عدة مناصب داخل نقابة المحامين في بيروت قبل ترشحه للنقابة