الدخول إلى الجامعة مرحلة انتقالية ملأى بالتحديات... كيف نخفف الأعباء؟
تعتبر مرحلة الدخول إلى الجامعة انتقالية بالنسبة إلى كل شاب وفتاة. فمع انتهاء السنوات الدراسية تأتي مرحلة الانتقال إلى الجامعة حيث يتحدد المصير والمستقبل، إضافة إلى كل ما يتخللها من علاقات اجتماعية جديدة وصداقات. ووفق ما تؤكده المعالجة النفسية في مركز بلفو الطبي ريما بجاني هذه المرحلة في غاية الأهمية في تطور شخصية كل شاب وفتاة، لكنها لا تخلو من التحديات.

ما التغييرات التي تحصل مع الانتقال إلى الحياة الجامعية؟
تختلف الحياة الجامعية إلى حد كبير عن تلك التي يعيشها الطالب في المدرسة بالنظر إلى عوامل عديدة تلعب دوراً في ذلك:
-التطور على مستوى العمر والنضج: فمع انتهاء مرحلة المدرسة، تنتهي في الوقت نفسه مرحلة المراهقة. وهذا أول تغيير، إذ يكون الطالب قدد اكتسب نضجاً وانتقل إلى مرحلة عمرية جديدة مع دخوله إلى الجامعة. هذا ما يحدث أموراً كثيرة في حياته فيشعر بالمزيد من المسؤولية والنضج.
-المسؤولية: بالنسبة إلى الطالب الذي ينتقل إلى الجامعة تترافق مع تقرير للمصير بحسب بجاني، وفيها يرسم مسار حياته كاملاً ومستقبله ما يزيد من الضغوط عليه. أحياناً قد لا يكون جاهزاً للاختيار، خصوصاً على المستوى النفسي وإن كان قد بلغ سن الرشد. فمع هذه النقلة في حياته يتخلى أيضاً عن سلوكيات معينة طبعت مرحلة المراهقة فتزيد المسؤولية وهذا ما يكون عليه التعامل معه. وهنا يبرز دور الأهل في مساعدة الطالب وتقديم الدعم له، خصوصاً إذا لم يكن جاهزاً. يجب أن يساعدوه على تحمل هذه المسؤولية والانتقال من دون ضغوط تزيد من الأعباء عليهم. وفي الوقت نفسه يجب عدم التصرف بالطريقة التي يتصرف بها الأهل احياناً بأن يتركوا ابنهم أو ابنتهم ليتحملا هذه المسؤولية وحدهما بشكل كامل. وهنا الفرق الأساسي بين المدرسة حيث تزيد معدلات الإحاطة والجامعة التي يقوم فيها الطالب بكل الاختيارات والخطوات التي تفرضها هذه المرحلة. يجب أن تكون هناك مرحلة انتقالية بالنسبة إلى الأهل بالعمل على اعتياد الطالب تدريجاً حتى لا تبدو مرحلة التغيير الجذري صعبة عليه.
-التغيير في نمط الحياة، خصوصاً في حال الانتقال للدراسة في بلاد أخرى: تفرض المدرسة نظاماً معيناً وانضباطاً ومن الممكن أن يبدو الانتقال إلى الجامعة صعباً للبعض حيث لا وجود لمثل هذه الأمور. قد يسبب ذلك ارتباكاً للبعض لأنهم يحتاجون إلى التعامل مع الوضع الجديد. من هنا أهمية أن يعتاد الطالب، قبل انتهاء المدرسة على هذا التغيير في النمط بشكل تدريجي عبر التوجيه والمرافقة. ومن الممكن الاعتياد في السنوات الأخيرة في المدرسة التي يتركها بعد 15 سنة إلى محيط مختلف للغاية.
-الصداقات الجديدة: في المدرسة يبني الطالب كل علاقاته وصداقاته مجدداً بعد أن حافظ على صداقاته طوال سنوات. ومن النادر جداً أن يرافق الطالب صديقاً إلى الجامعة. وهذا تحد إضافي لا بد من مواجهته. لكن بالنسبة إلى البعض هي فرصة لإقامة علاقات أفضل من تلك االموجودة في المدرسة.
في الوقت نفسه، تشير بجاني إلى أن مرحلة الانتقال إلى الجامعة تترافق مع مشاعر السعادة والحماسة، وإن كان هناك تضارب في المشاعر أحياناً. لا بد من أن يعرف الطالب أن الجامعة مختلفة وفيها المزيد من الحرية. وهذا ما قد يكون أسهل بالنسبة إلى من يعرف ما سيفعله وما سيختاره في الجامعة.
أين يكمن دور الأهل في اعتياد الطالب على الانتقال من المدرسة إلى الجامعة؟
يلعب الأهل دوراً مهماً بحسبب بجاني، فيجب أن يعملوا على تنمية الحس بالمسؤولية لدى أولادهم وتركهم يأخذون بعض الأمور على عاتقهم في السنوات الأخيرة من المدرسة ليحققوا ذلك. وفي مرحلة لاحقة يجب أن يتركوهم يدخلون إلى الجامعة من دون الوجود معهم طوال الوقت ليصبحوا قادرين على تولي زمام الأمور تدريجاً بمفردهم. وحتى بالنسبة إلى الطالب الذي يفضل أن يترك بشكل تام بمفرده، من الممكن أن يتركه الأهل لكن مع ضرورة أن يوضح له الأهل ان الارتباك طبيعي في هذه المرحلة وطلب المساعدة ليس خطأ ولا عيباً.
أما في حال السفر، فقد تزيد الضغوط، خصوصاً أن الانتقال إلى الجامعة بحد ذاته مربك. مع الانتقال إلى الجامعة في بلد آخر تزيد الضغوط والمسؤوليات الملقاة على عاتق الطالب وتزيد التحديات. لذلك، تنصح بجاني بأن تكون الدراسة الجامعية في البلد الأم ليمر بهذه المرحلة الانتقالية في محيطه ويتمكن من الاعتياد على الحياة الجامعية بدلاً من أن يكون التغيير جذرياً في بلاد أخرى أيضاً يحتاج إلى الاعتياد عليها. بعدها، يمكن الانتقال للدراسات العليا في بلد آخر. وفي كل الحالات على الأهل أن يعودوا الطالب على الاستقلالية تدريجياً، ويرافقوه إلى حد ما، خصوصاً في حال السفر لأنه على رغم أنه قد يكون مستقلاً، هناك تغيير كبير يحصل في حياته وقد لا يكون من السهل له التعامل معه.
ما الذي يمكن أن يساعد الطالب على التعامل بشكل أفضل مع التغيير في الحياة الجامعية؟
-التوجيه والإرشاد: يعتبر في غاية الأهمية ليختار الطالب ما يحب من اختصاص. فيخفف ذلك من الضغوط والتحديات في الحياة الجامعية. فما سيختاره يبني عليه حياته المهنية. لكن على رغم التوجيه، قد يضطر إلى التغيير ويجب عدم زيادة الأعباء على الطالب عندها. يجب عدم فرض أن يكون الاختيار نهائياً، كما يجب عدم ربط مسألة دخول الجامعة بالعمر . كما يجب عدم زيادة الضغوط حول المرحلة التي يجب فيها البدء بالعمل. وحتى في مرحلة الجامعة يمكن الاستمرار بالبحث والتأكد مما يحبه الطالب فعلاً ليكون أكيداً من اختياره وأنه المفضل له.
-مساعدة الطفل على تنمية مهاراته: طوال مراحل الطفولة والمراهقة ومن بعدها على الأهل حرص التشجيع على الاستقلالية وترك مساحة معينة يكتسب فيها الطفل ذلك عبر تحمل مسؤوليات معينة حتى لا يوضع في إطار جديد بشكل مفاجئ، خصوصاً في حال السفر عند الانتقال إلى الجامعة. مع الدخول إلى الجامعة، في كل الحالات، لا بد من توفير شيء من الإحاطة والدعم من قبل الأهل خصوصاً إذا كان الطالب لم يكتسب هذه الاستقلالية في مرحلة سابقة. يجب أن تكون الإحاطة محدودة مع الانسحاب التدريجي والتوازن للمساعدة على تنمية القدرات.
-تجنب الضغط: يجب إفساح المجال وتجنب الضغوط على الطالب في الاعتياد على الجامعة ولكل نمطه الخاص في إقامة الصداقات والعلاقات الاجتماعية والاعتياد على نمط عيش جديد والدراسة.
نبض