
أظهر الصقر ذكاءً فريداً في اصطياد الفرائس
في أحد التقاطعات الهادئة بمدينة أميركية، رصد عالم الحيوان فلاديمير دينيتس مشهداً لا يبدو اعتيادياً. في صباح شتوي، اصطف طابور السيارات أمام إشارة المرور، في هذه الأثناء كان ثمة زائر غير متوقع، صقر كوبر، وهو طائر جارح شتويّ، لم يكن يراقب السيارات، بل ينتظر اللحظة الحاسمة للانقضاض على فريسته، مستعيناً بالبنية التحتية الحضرية المتمثلة بإشارات المرور كأداة صيد تسهل من مهمته.
دينيتس، أستاذ في جامعة تينيسي، لاحظ شيئاً غريباً أثناء مراقبته لصقور قريبة من أحد المنازل. كان هناك صقر يهاجم طيوراً صغيرة، لكن اللافت أن هذا الهجوم لا يحدث إلا بعد أن يضغط أحد المارّة على زر عبور المشاة.
فعندما يضغط الزر، تصبح الإشارة الحمراء أطول، وتتكون طوابير من السيارات، وتصل هذه السيارات إلى شجرة كثيفة قريبة، وهي نفس الشجرة التي يستخدمها الصقر كنقطة انطلاق لهجومه.
يعلق دينيتس لـ"النهار" مازحاً: "استغرق الأمر منّي وقتاً طويلاً لأربط بين هذه الأحداث، بينما الصقر كان قد فهم كل شيء مسبقاً. لا أعرف إن كنت أنا الغبيّ، أو أن الطائر ذكيّ بشكل لا يُصدّق".
ذكاء استثنائي
ما رصده عالم الحيوان لم يكن مجرّد مفارقة، بل مثالاً حياً على تكيّف الطيور الجارحة مع الحياة في داخل المدن، إذ يتطلب نجاح الصيد في المدينة قدرة معرفيّة عالية: فهم العلاقة بين زر المشاة، وصوت الإشارة، واصطفاف السيارات، ثمّ تحديد توقيت الهجوم. الصقر لم يكن يرى فريسته وقت الإقلاع، بل اعتمد على خريطة ذهنية دقيقة للمكان.
بحسب الورقة العلمية، التي نشرها دينيتس في مجلة Frontiers in Ethology، فإن الطائر كان صغيراً في العمر، ومهاجراً شتوياً حديث العهد بالمدينة، ورغم ذلك تمكّن خلال أسابيع من تعلّم استراتيجيات معقّدة للصيد، توحي بقدرة مذهلة على الملاحظة والتكيّف.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان السلوك الذي أبداه الصقر يعدّ ابتكاراً فردياً نادراً أم جزءاً من نمط أوسع لتكيّف الجوارح مع الحياة الحضريّة، أوضح دينيتس بأن ما وثّقه حتى الآن يظلّ مجرّد ملاحظة فردية، لكن من الممكن أن تظهر تقارير مماثلة بعد نشر دراسته العلمية.
وأشار إلى أن بعض السلوكيات التكيفيّة لدى الطيور تنتشر بسرعة، مستشهداً بحالة طيور القرقف الزرقاء في إنكلترا، التي تعلمت فتح زجاجات الحليب؛ وفي مدينة أوكرانية تعلّمت إحدى فصائل الصقور استخدام السيارات المتحركة كغطاء للاقتراب من فرائسها، قبل أن تكتسب فصيلة أخرى السلوك ذاته عبر الملاحظة.
لكن ما يميز حالة صقر كوبر، وفقاً لدينيتس، هو وضوح النمط وسهولة رصده من السيارة، إذ كانت لحظات الهجوم متكررة بشكل يمكن تتبعه ودراسته، في حين تصعب -في الأغلب- ملاحظة لحظات الافتراس في المدن بدقة.

يظهر المسار الذي سلكه الصقر لمهاجمة سرب طيور يتغذى أمام المنزل ذي الرقم 2 المشار إليه بأسْهُم بيضاء
حاجة ماسة للبحث
اليوم، وبعد اختفاء الأسرة التي كانت تخلف فتات الخبز، وتوقف عمل الإشارة الصوتية، لم يُر الصقر مجدداً. لكن بالنسبة لدينيتس، فإن ما حدث ليس حادثة عابرة، بل مؤشر على أن الطيور الجارحة قد تمتلك من الذكاء والتكيف ما يجعلها تعيد تعريف علاقتها بالمدن.
وخلال عمله على هذه الورقة، حرص العالم على جمع مشاهدات إضافية من الجمهور، فطرح أسئلته عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، باحثاً عن سلوكيات غير معتادة لدى الطيور الجارحة في المدن.
يقول مختتماً حديثه إن بعض الإجابات التي تلقاها كانت مثيرة للدهشة، لكنها قليلة، شأنها شأن الدراسات العلمية المنشورة في هذا المجال. وهو ما يؤكد، برأيه، أن هذا الموضوع لا يزال غير مستكشف بالقدر الكافي، ويستحق اهتماماً بحثياً أوسع لفهم كيف تتكيّف الطيور المفترسة مع البيئات التي يصنعها الإنسان.
دينيتس، أستاذ في جامعة تينيسي، لاحظ شيئاً غريباً أثناء مراقبته لصقور قريبة من أحد المنازل. كان هناك صقر يهاجم طيوراً صغيرة، لكن اللافت أن هذا الهجوم لا يحدث إلا بعد أن يضغط أحد المارّة على زر عبور المشاة.
فعندما يضغط الزر، تصبح الإشارة الحمراء أطول، وتتكون طوابير من السيارات، وتصل هذه السيارات إلى شجرة كثيفة قريبة، وهي نفس الشجرة التي يستخدمها الصقر كنقطة انطلاق لهجومه.
يعلق دينيتس لـ"النهار" مازحاً: "استغرق الأمر منّي وقتاً طويلاً لأربط بين هذه الأحداث، بينما الصقر كان قد فهم كل شيء مسبقاً. لا أعرف إن كنت أنا الغبيّ، أو أن الطائر ذكيّ بشكل لا يُصدّق".
ذكاء استثنائي
ما رصده عالم الحيوان لم يكن مجرّد مفارقة، بل مثالاً حياً على تكيّف الطيور الجارحة مع الحياة في داخل المدن، إذ يتطلب نجاح الصيد في المدينة قدرة معرفيّة عالية: فهم العلاقة بين زر المشاة، وصوت الإشارة، واصطفاف السيارات، ثمّ تحديد توقيت الهجوم. الصقر لم يكن يرى فريسته وقت الإقلاع، بل اعتمد على خريطة ذهنية دقيقة للمكان.
بحسب الورقة العلمية، التي نشرها دينيتس في مجلة Frontiers in Ethology، فإن الطائر كان صغيراً في العمر، ومهاجراً شتوياً حديث العهد بالمدينة، ورغم ذلك تمكّن خلال أسابيع من تعلّم استراتيجيات معقّدة للصيد، توحي بقدرة مذهلة على الملاحظة والتكيّف.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان السلوك الذي أبداه الصقر يعدّ ابتكاراً فردياً نادراً أم جزءاً من نمط أوسع لتكيّف الجوارح مع الحياة الحضريّة، أوضح دينيتس بأن ما وثّقه حتى الآن يظلّ مجرّد ملاحظة فردية، لكن من الممكن أن تظهر تقارير مماثلة بعد نشر دراسته العلمية.
وأشار إلى أن بعض السلوكيات التكيفيّة لدى الطيور تنتشر بسرعة، مستشهداً بحالة طيور القرقف الزرقاء في إنكلترا، التي تعلمت فتح زجاجات الحليب؛ وفي مدينة أوكرانية تعلّمت إحدى فصائل الصقور استخدام السيارات المتحركة كغطاء للاقتراب من فرائسها، قبل أن تكتسب فصيلة أخرى السلوك ذاته عبر الملاحظة.
لكن ما يميز حالة صقر كوبر، وفقاً لدينيتس، هو وضوح النمط وسهولة رصده من السيارة، إذ كانت لحظات الهجوم متكررة بشكل يمكن تتبعه ودراسته، في حين تصعب -في الأغلب- ملاحظة لحظات الافتراس في المدن بدقة.

يظهر المسار الذي سلكه الصقر لمهاجمة سرب طيور يتغذى أمام المنزل ذي الرقم 2 المشار إليه بأسْهُم بيضاء
حاجة ماسة للبحث
اليوم، وبعد اختفاء الأسرة التي كانت تخلف فتات الخبز، وتوقف عمل الإشارة الصوتية، لم يُر الصقر مجدداً. لكن بالنسبة لدينيتس، فإن ما حدث ليس حادثة عابرة، بل مؤشر على أن الطيور الجارحة قد تمتلك من الذكاء والتكيف ما يجعلها تعيد تعريف علاقتها بالمدن.
وخلال عمله على هذه الورقة، حرص العالم على جمع مشاهدات إضافية من الجمهور، فطرح أسئلته عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، باحثاً عن سلوكيات غير معتادة لدى الطيور الجارحة في المدن.
يقول مختتماً حديثه إن بعض الإجابات التي تلقاها كانت مثيرة للدهشة، لكنها قليلة، شأنها شأن الدراسات العلمية المنشورة في هذا المجال. وهو ما يؤكد، برأيه، أن هذا الموضوع لا يزال غير مستكشف بالقدر الكافي، ويستحق اهتماماً بحثياً أوسع لفهم كيف تتكيّف الطيور المفترسة مع البيئات التي يصنعها الإنسان.
الأكثر قراءة
شمال إفريقيا
10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق
10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته.
العالم
10/6/2025 5:00:00 PM
مرحبا من "النهار"...
لبنان
10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".