يبدو الخوف الفائض (الرُهاب) من المهرجين  أحياناً كأنه حالة طبيعية معزولة، إلا أنها في الواقع ظاهرة معترف بها على صعيد عالمي، ولا تقتصر على مجرد حالة خوف عادية. وتشير الدراسات إلى أن هذه الحالة موجودة بين الراشدين والأطفال، وتحضر في ثقافات متعددة، بالإضافة إلى امتلاكها أسباباً محتملة كثيرة. ويسمى هذا النوع من الخوف المفرط "كولور فوبيا"  Coulrophobia، في تسمية لها سياق تاريخي يركز على الدور الذي تؤديه الألوان الفائضة التي يستعملها المهرجون في توليد رهبة غير اعتيادية حولهم.

ورُصِدت ملامح كثيرة من تلك ظاهرة رُهاب المهرجين في تقرير نشره أخيراً  موقع "ساينس آلِرت" sciencealert.

أسباب رُهاب المُهرّجين

وفق التقرير المشار إليه آنفاً، سعى فريق علمي من "جامعة جنوب ويلز" البريطانية إلى التوصل إلى أجوبة بشأن مدى شيوع هذه الظاهرة، خصوصاً بين الراشدين، عبر إجراء استقصاء حولها. ودرس ذلك الفريق عينة من 987 شخصاً تراوحت أعمارهم بين عمر 18 و77 سنة. وأجاب أكثر من نصف المشاركين بأنهم يعانون خوفاً من المهرجين بدرجات متفاوتة. و أكد 5 في المئة منهم الشعور برُهاب من المهرجين.

ويلفت أن الخوف المرضي من المُهرجين سجل نسبة مرتفعة بالمقارنة مع أنواع عدة أخرى من الفوبيا، مثل رُهاب الحيوانات (3.8%)، والحقن والدم (3%) والمرتفعات (2.8%) والمياه وحوادث المناخ (2.3%) والأماكن المغلقة (2.2%) والطيران (1.3%).

وفي الدراسة الاستقصائية نفسها، تبيّن أن النساء يعانين فوبيا المهرجين أكثر من الرجال. ولم يتضح للفريق العلمي الذي أنجز ذلك الاستقصاء، السبب في الاختلاف بين النساء والرجال بالنسبة إلى فوبيا المُهرجين. في المقابل، بدا ذلك التفاوت مشابهاً لما توصلت إلى الدراسات العلمية عن فوبيا الأفاعي والعناكب. 
هذا، وقد تبين أيضاً أنّ رُهاب المُهرجين يتراجع مع التقدم في العمر، على غرار ما يحصل مع أنواع أخرى من الفوبيا.

أسباب  "كولور فوبيا"

وفق التقرير نفسه، رُصدت أسباب محتملة متنوعة لتفسير ظاهرة رُهاب المُهرجين، تشمل

1- الشعور بالقلق والخوف بسبب ماكياج المهرج الذي يمنحه مظهراً غير بشري. وظهر تأثير مماثل للألوان يتعلق بالدمى
2- التعابير المبالغ فيها للمهرجين التي تجعلهم يبدون كأنهم من مصادر الخطر
3- يخفي ماكياج المهرج التعابير والمشاعر، ما يسبب شعوراً بالقلق وانعدام الأمان
4- ألوان ماكياج المهرج تذكر بالموت والمرض والإصابات وتولد اشمئزازاً منها
5-السلوكيات التي يتّبعها المهرج قد تشعر كثيرين بعدم الارتياح
6- الخوف المتناقل بين الأجيال من المهرجين
7- الصورة العامة عن المهرج التي ترافقها إيحاءات بالخوف
8- وجود تجربة سابقة مخيفة مع أحد المهرجين

ولقد وضع الفريق العلمي البريطاني تلك المعطيات بوصفها أسباب احتمالية لتفسير الخوف المفرط من المهرج. وبدا في الاستقصاء أن الاحتمال الأخير [معايشة تجربة سابقة مخيفة مع مهرج] لم تظهر إلا بمعدل منخفض، ما يعني أنها  لا تعتبر كافية وحدها لتوليد فوبيا. إلا أن الصورة التي للمهرج هي مصدر أساسي لمشاعر الخوف التي يولدها لاعتبارها ترتبط غالباً مع الكتب والأفلام عن شخصيات مرعبة قد تتخذ هيئة المهرج [يحضر في الذاكرة فيلم "الجوكر"  Jocker (2019) للمثل يواكيم فوينيكس].

وعلى الرغم من ذلك، قد ينتاب البعض رُهاب مرضي من مهرج ليس من المفترض ان يكون مخيفاً. وربما يرتبط ذلك بنظرة الناس إلى تلك الشخصية بحد ذاتها. لكن بشكل عام، قد تكون المشكلة في أن مشاعر المهرج مخفية وراء ماكياجه، ما قد يثير القلق حيال عدم القدرة على التواصل مباشرة مع تعابير وجهه والمشاعر المرتسمة عليها.