المتداول: خبر يدّعي أنّ "رئيس مجلس النواب نبيه بري استقبل رابع بابا خلال مسيرته السياسية"، في إشارة الى البابا لاوون الرابع عشر الذي زار لبنان أخيراً. 

الا أنّ هذا الزعم غير صحيح.

الحقيقة: ثلاثة بابوات فقط زاروا لبنان خلال عهد الرئيس بري، منذ توليه رئاسة مجلس النواب عام 1992. وهم البابا يوحنا بولس الثاني عام 1997، والبابا بندكتوس السادس عشر عام 2012، والبابا الحالي لاوون الرابع عشر في تشرين الثاني 2025. FactCheck# 

"النّهار" دقّقت من أجلكم 

في اليوم الاول لوصول البابا لاوون الرابع عشر الى بيروت، الاحد 30 تشرين الثاني 2025، انتشر خبر من سطر واحد في وسائل التواصل الاجتماعي. "الرئيس بري يستقبل رابع بابا خلال مسيرته السياسية"، وايضا "هذا البابا الرابع الذي يستقبله الرئيس نبيه بري". وقد أرفقته حسابات بصورة للبابا لاوون الرابع عشر مصافحاً الرئيس بري في المطار، تحت انظار رئيس الجمهورية جوزف عون.  

المنشور الخاطئ المتناقل (اكس)

الخبر الخاطئ المتناقل (فايسبوك)

ولكن هل هذا الخبر صحيح؟ 

كلا.

والدليل مراجعة تاريخية بسيطة للزيارات البابوية للبنان، وهي أربع مؤرشفة في موقع الكرسي الرسولي: 

1- البابا لاوون الرابع عشر: 30 تشرين الثاني 2025- 2 كانون الاول 2025. 

2- البابا بندكتس السادس عشر: 14- 16 ايلول 2012.

3- البابا يوحنا بولس الثاني: 10- 11 ايار 1997.

4- البابا بولس السادس: 2 كانون الاول 1964 .

ولكنّ ثلاثاً من هذه الزيارات البابوية الاربع حصلت خلال العهد الطويل للرئيس بري، وهي زيارات البابوات لاوون الرابع عشر، وبندكتس السادس عشر، ويوحنا بولس الثاني (فيديو آخر). 

فقد انتُخب بري رئيساً لمجلس النواب، للمرة الأولى، بتاريخ 20 تشرين الأول 1992، وفقا لما جاء في سيرته الذاتية المنشورة في موقع مجلس النواب.

وأعيد انتخابه للمرة الثانية بتاريخ 22 تشرين الأول 1996. ثم انتخب للمرة الثالثة بالإجماع بتاريخ 17 تشرين الأول 2000. وكذلك للمرة الرابعة في 28 حزيران سنة 2005. وهو لا يزال في هذا المنصب حتى اليوم. 

والى جانب مشاهد لاستقبال بري البابا لاوون الرابع عشر في مطار رفيق الحريري الدولي، الاحد 30 تشرين الثاني 2025، عثرنا على صورة له في المطار خلال استقباله البابا بندكتس السادس عشر في 14 ايلول 2012 (غيتي ايماجيز).   

لقطة من الفيديو المنشور في حساب قناة EWTN News في يوتيوب في 30 تشرين الثاني 2025

صورة مؤرشفة في موقع وكالة غيتي ايماجيز وتظهر رسميين بينهم بري في استقبال البابا بندكتس السادس عشر في المطار في 14 ايلول 2012

ماذا عن البابا بولس السادس؟ 

كان أول حبر أعظم تطأ قدماه الاراضي اللبنانية. وقد وصل الى مطار بيروت الساعة 6:22 بتوقيت غرينتش، في 2 كانون الاول 1964، في توقف دام نصف ساعة للتزود بالوقود، قبل مواصلة سفره الى الهند. وكان في استقباله في المطار الرئيس اللبناني شارل الحلو، وفقا لتأريخ وكالة "اسوشيتد برس" الاميركية. 

لقطة من فيديو نشرته وكالة اسوشيتد برس للبابا بولس السادس في مطار بيروت في 2 كانون الاول 1964

فيديو وصول البابا بولس السادس الى مطار بيروت مؤرشف في موقع وكالة اسوشيتد برس

في تلك الساعة، ألقى البابا بولس السادس في المطار خطابًا قصيرًا بالفرنسية، على ما أورد موقع "فاتيكان نيوز". وقال البابا: "يسعدنا أن نقول هذا من هذا المكان إن لبنان يحتل مكانته المرموقة بين الأمم". "إن تاريخه وثقافته والطابع السلمي لسكانه أكسبته، كما يمكن القول، تقدير الجميع وصداقتهم. وتبدو لنا تقاليده الدينية العريقة والموقرة، قبل كل شيء، جديرة بالذكر والثناء".

وأضاف: "لا يمكننا أن ننسى خصوصا كل ما يمثله إيمان السكان المسيحيين في لبنان للكنيسة، والذي يُعبَّر عنه في التنوع المتناغم للطقوس، وفي وفرة الجماعات الدينية والرهبانية وتنوعها، وفي الأنشطة المتعددة ذات الطابع الرسولي والتربوي والثقافي والخيري".

وكان البابا متوجها الى الهند للمشاركة في المؤتمر الإفخارستي في بومباي.

وبالنسبة الى الرئيس بري (من مواليد 1938)، يتبيّن بمراجعة سيرته الذاتية انه كان في تلك الفترة منشغلاً في الحقوق. فـ"بعدما تخرّج من كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية محامياً محتلاً المرتبة الأولى عام 1963، تابع دراساته العليا في الحقوق في جامعة السوربون في فرنسا. وانتسب الى نقابة المحامين في بيروت، وتدرّج في مكتب الأستاذ عبدالله لحود"، على جاء في السيرة.

برّي أمام زوّاره: الفاتيكان لن يترك لبنان

من جهة أخرى، أكد بري، أمام زواره، أن "زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان كانت إيجابية على مختلف النواحي"، قائلاً: "يحتل لبنان مكانة كبيرة في اهتماماته، والفاتيكان لن يترك لبنان".

وأشار إلى أن "ما فعله البابا في زيارته خلال 48 ساعة من عمل ودور وإنتاجية، يحتاج إلى 40 يوماً".

وقد أطلق البابا لاوون الرابع عشر، في ختام زيارته التاريخية لبيروت، نداء لـ"وقف الهجمات والأعمال القتالية"، على وقع مخاوف محلية من تصعيد اسرائيل لضرباتها بعد عام من حرب دامية مع حزب الله، داعيا في الوقت نفسه إلى تجاوز العنف والانقسامات في الشرق الأوسط، على ما ذكرت وكالة "فرانس برس".

وخلال زيارته التي حملت شعار "طوبى لفاعلي السلام"، دعا البابا المسؤولين ورجال الدين واللبنانيين الى أن يكونوا بناة سلام حقيقيين، والى تجاوز الانقسامات والتصدي للعنف والاقصاء. وأكّد إيمانه بقدرة اللبنانيين مسيحيين ومسلمين على "العيش معا" بسلام، وبـ"اندفاع" الشباب القادر على "تغيير مجرى التاريخ".

وفي كلمته الأخيرة من مطار بيروت أمام المسؤولين، قبيل إقلاع طائرته الى روما، شكر البابا اللبنانيين على الأيام الثلاثة التي قضاها في ربوع بلدهم حيث استقبل بحفاوة بالغة وانتظر الآلاف في الشوارع مرور موكبه، ولو تحت مطر غزير.

وقال البابا: "أحيي جميع مناطق لبنان التي لم أتمكن من زيارتها: طرابلس والشمال، البقاع والجنوب الذي يعيش بصورة خاصة حالة من الصراع وعدم الاستقرار. أعانق الجميع وأرسل الى الجميع أمانيَّ بالسلام".

وأضاف: "أطلق أيضا نداء من كلّ قلبي: لتتوقف الهجمات والأعمال العدائية. ولا يظنّ أحد بعد الآن أن القتال المسلح يجلب أية فائدة. فالأسلحة تقتل، أما التفاوض والوساطة والحوار فتبني. لنختر جميعا السلام وليكن السلام طريقنا، لا هدفا فقط"، من دون أن يأتي على ذكر اسرائيل.