حقيقة الأمر التنفيذي لترامب بتصنيف الإخوان منظمة إرهابية... النهار تدقق FactCheck
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خبر يزعم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "أصدر أمرا تنفيذيا قضى بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين وفروعها منظمات إرهابية أجنبية". الا أن هذا الزعم غير دقيق. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
يقول الخبر (من دون تدخل): "عاجل- ترامب يوقع أمرا تنفيذيا بتصنيف جماعة الإخوان وفروعها منظمات إرهابية أجنبية". وقد انتشر أخيرا في وسائل التواصل الاجتماعي، حاصدا تفاعلا وتعليقات.

حقيقة الخبر
ولكن البحث في الأمر التنفيذي للرئيس الأميركي توصل إلى أن الخبر المتداول غير دقيق تماما.
بداية، نشر الموقع الرسمي للبيت الأبيض، في 24 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، بيانا بعنوان: "ورقة الحقائق: الرئيس دونالد ترامب بدأ عملية تصنيف بعض فروع الإخوان المسلمين منظمات إرهابية أجنبية".
وجاء فيه: "تأمين أميركا من تهديدات استثنائية: اليوم، وقع الرئيس دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يوجه وزيرا الخارجية والخزانة للنظر في ما إذا كان ينبغي تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين منظمات إرهابية أجنبية (FTOs) وتصنيف خاص كإرهابيين عالميين (SDGTs).
وأضاف: "يوجه الأمر (الوزيرين) المذكورين للتشاور مع النائب العام ومدير الاستخبارات الوطنية، لتقديم تقرير حول ما إذا كان سيتم تعيين أي فروع لجماعة الإخوان المسلمين، مثل تلك الموجودة في لبنان ومصر والأردن، كمنظمات إرهابية، ويلزم وزيرا الخارجية والخزانة باتخاذ إجراء خلال 45 يوما بعد صدور التقرير لتعيين الفروع كمنظمات خارجية إذا كان ذلك مناسبا".
وبالتالي هذا يعني أن الأمر ما زال قيد التقدير والدرس.
واشار البيان إلى أن الهدف النهائي هو "القضاء على قدرات الفروع المعينة وعملياتها، وحرمانها من الموارد، وإنهاء أي تهديد تشكله هذه الفروع على المواطنين الأميركيين والأمن القومي للولايات المتحدة".

وبعنوان جانبي: "مواجهة التهديدات الإرهابية"، يواجه ترامب شبكة جماعة الإخوان المسلمين العابرة للحدود، التي "تغذي حملات الإرهاب وزعزعة الاستقرار ضد المصالح الأميركية وحلفائها في الشرق الأوسط"، وفقا للبيان.
وتابع: "في أعقاب هجوم 7 تشرين الاول/أكتوبر 2023، ساعد الجناح العسكري للفرع اللبناني لجماعة الإخوان المسلمين الجماعات الإرهابية في شن هجمات صاروخية متعددة على أهداف مدنية وعسكرية داخل إسرائيل، كذلك شجع قائد مصري كبير في الجماعة على هجمات عنيفة ضد شركاء وأسهم أميركية في الشرق الأوسط في اليوم ذاته الذي نفذت فيه حماس هجومها".
وبعد أقل من ساعة على صدور البيان، نشر البيت الأبيض أمرا تنفيذيا أصدره الرئيس الأميركي بعنوان: "تصنيف بعض فروع الإخوان المسلمين منظمات إرهابية أجنبية...". و"وضع بموجبه موضع التنفيذ عملية النظر في تعيين فصول معينة أو أقسام فرعية أخرى لجماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية أجنبية...".

ونصت المادة 3 من هذا الأمر على آلية تنفيذ حدّدت مدة زمنية هي 30 يوماً ينهي خلالها وزيرا الخارجية والحزانة التشاور مع النائب العام ومدير الاستخبارات الوطنية، لتقديم تقرير مشترك إلى ترامب، عبر مساعده لشؤون الأمن القومي، بشأن تعيين أي فرع أو فروع أخرى لجماعة الإخوان المسلمين، بما في ذلك تلك الموجودة في لبنان والأردن ومصر، كمنظمات إرهابية أجنبية.
وأوضح البيان أنه "خلال 45 يوماً من تقديم التقرير المطلوب بموجب الفقرة الفرعية (أ) من هذا القسم، يتخذ وزيرا الخارجية أو الخزانة، بحسب الاقتضاء، جميع الإجراءات المناسبة المتوافقة مع القوانين الأميركية بشأن تصنيف أي فروع أو أقسام أخرى لجماعة الإخوان المسلمين منظمات إرهابية أجنبية".
رفض إخواني
وأثار هذا التحرك الأميركي مخاوف جماعة الإخوان المصنفة إرهابية في مصر ودول أخرى في المنطقة. وأصدرت، في 26 منه، بيانا على حسابها في إكس أعلنت فيه رفضها القاطع للأمر التنفيذي الاميركي.
وقالت: "كانت حكومات ديموقراطية عديدة، بما في ذلك حكومة الولايات المتحدة، راجعت من قبل مثل هذه المقترحات وتوصلت إلى النتيجة ذاتها، وهي أن تصنيف الإخوان المسلمين أنها جماعة إرهابية أمر منفصل تماماً عن الواقع وغير مدعوم بأي أدلة".
وتابعت: "لم تتغير الحقائق. ولكن ما تغير فقط هو مستوى الضغط الخارجي، كي يتم تبني سياسات تخدم أجندات خارجية، وليس مصالح الشعب الأميركي".
ورأت أن "هذه الأجندات الخارجية تتناقض بشكل مباشر مع مبدأ "أميركا أولا" الذي تبناه الرئيس ترامب واستشهد به مراراً"، معتبرة أن "هذا الأمر التنفيذي ينطوي على دوافع سياسية، ويفتقر إلى أي أساس قانوني أو أمني موثوق...".

ماذا وراء القرار الأميركي؟
قال أحمد سلطان، الباحث في الأمن القومي والإرهاب، لـ"النهار"، إن هذا التحرك الأميركي يحمل العديد من الدلالات، أبرزها وجود رغبة دولية في طي صفحة التنظيمات السياسية الكبرى، خصوصا المرتبطة بالإسلام السياسي.
وأوضح أن هذه الرغبة مصحوبة بـ"دوافع يمينية"، أكانت داخل الولايات المتحدة أم في دول أوروبية، وتأتي ضمن موجة اليمين المتشدد، بحسب وصفه، والتي تستهدف أيضاً الجاليات الإسلامية لديها.
وفي ما يتعلق بتأثير هذا التحرك الاميركي على تنظيم الإخوان، أشار إلى أنه خطوة سياسية كبيرة، لكن أثرها الرمزي أكبر، إذ أن تصنيف أي جماعة منظمة إرهابية يضع أصولها تحت التجميد ويحظر دخول أفرادها الولايات المتحدة.
ولفت إلى أنه لا يوجد أي إثبات مادي ملموس لانتماء أفراد الجماعة إلى الإخوان، بعكس بعض القيادات التنظيمية المعروفة. والعديد من الكوادر التنظيمية الفاعلة غير معروفة لدى العديد من الأجهزة الاستخباراتية.
وفي ما يتعلق بأثر هذه التحرك الاميركي على الجماعة في كل من مصر والأردن ولبنان، أوضح سلطان أن جماعة الإخوان لا تحظى بوجود قانوني من الأساس في مصر والأردن. وبالنسبة الى لبنان، يرتبط نشاط الجماعة الإسلامية (الفرع المحلي للإخوان) بالمشاركة في العمليات ضد إسرائيل بعد أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ومحاولة إحيائها الجناح العسكري، وتم وأدها بسبب خلافات تنظيمية داخلية.
واعتبر أن العقوبات المتوقعة على كيانات تابعة لجماعة الإخوان قد يتم استخدامها في سياق الضغط السياسي على الدول الثلاث التي تضمّنها الأمر التنفيذي. لكنه شدد على أن واشنطن غير راغبة في فتح جبهات مع دول كثيرة، وهو ما يفسر عدم تناول فرع الإخوان في تركيا الأكثر نشاطا، أو قيادات الجماعة في قطر على سبيل المثال.
الخلاصة: لم تتخذ أميركا قرارا بعد بتصنيف جماعة الإخوان أو بعض فروعها منظمات إرهابية أجنبية. ويتضمن الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب بدء عملية التصنيف، انطلاقا من إعداد تقرير بعد إجراء مناقشات مع جهات قانونية وأمنية، وانتهاء بإصدار القرار الرسمي، وذلك خلال 45 يوما.
نبض