حقيقة فيديو رئيس وزراء العراق والمبعوث الأميركي مارك سافايا... النهار تدقق FactCheck

النهار تتحقق 09-11-2025 | 14:28

حقيقة فيديو رئيس وزراء العراق والمبعوث الأميركي مارك سافايا... النهار تدقق FactCheck

 أثار الفيديو ضجّة كبيرة، وأخذ حيزاً في الفضاء الرقمي العراقي، بسبب طبيعته. ما الذي أمكن معرفته عنه؟ 
حقيقة فيديو رئيس وزراء العراق والمبعوث الأميركي مارك سافايا... النهار تدقق FactCheck
لقطة من الفيديو المتناقل لسافايا والسوداني (فايسبوك).
Smaller Bigger

أثار مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى جانب المبعوث الأميركي الجديد إلى العراق مارك سافايا، جدلاً واسعاً خلال الساعات الماضية، إذ ظهرا في لقاء خاص في مكتب السوداني ببغداد، وهو يوجه التهاني لسافايا ووالده بمناسبة عيد ميلاد مارك.

 

 

 

لقطة شاشة من الفيديو المتداول (فايسبوك)
لقطة شاشة من الفيديو المتداول (فايسبوك)

 

وتباينت ردود الفعل على الفيديو، بين من شكّّك بصحته، ومن اعتقد أنَّه مولّد بالذكاء الاصطناعي، ومن عدّه تسريباً يهدف إلى التلاعب بالرأي العام وتأجيجه، قبيل الانتخابات البرلمانية التي بدأ تصويتها الخاص اليوم الاحد، قبل أن ينطلق التصويت العام الثلثاء المقبل.

 

وعلى الرغم من تداول وكالات عراقية محلية، قبل أيام، صورة تجمع السوداني وسافايا ذا الأصل العراقي، فإنَّ الفيديو أثار ضجّة أكبر، وأخذ حيزاً في الفضاء الرقمي العراقي، بسبب طبيعته "الغير رسمية" ومحتواه المتعلّق بعيد ميلاد سافايا.

 

لقطة شاشة لصورة تجمع السوداني وسافايا (وكالات)
لقطة شاشة لصورة تجمع السوداني وسافايا (وكالات)

 

 

"النّهار" دقّقت من أجلكم


يظهر في الفيديو رئيس الوزراء العراقي في جلسة ودّية خاصة في مكتبه، برفقه المبعوث الأميركي إلى العراق مارك سافايا، وكانا يصوران فيديو- يبدو أيضاً أنَّه من مسجّل خلال مكالمة فيديو- يتحدث فيه سافايا عن لقائه السوداني، بينما يوجّه الأخير تهانيه إلى الأول بمناسبة عيد ميلاده، ويرسل تحيات إلى والد سافايا، بالقول: "بارك الله فيك على هذه التربية والابن الصالح".

 

لقطة شاشة أخرى من الفيديو المتداول (فايسبوك)
لقطة شاشة أخرى من الفيديو المتداول (فايسبوك)

 

ويظهر الفيديو حديث سافايا باللغتين الإنكليزية والعربية، فضلاً عن اتقانه اللهجة العراقية، إذ استخدم مثلاً كلمات "آني (أنا)" و"يابة (الأب)" و"اهنانة (هنا)" بلهجة عراقية أصيلة. 

 

وقد تتبّعت "النّهار" الفيديو، واتّضح أنَّه حقيقي، لكنه خارج سياقه الزمني:

1- قمنا بالبحث عن الفيديو في صفحات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ومكتبه الإعلامي، إضافة إلى صفحات المبعوث مارك سافايا، ولم ينشر أي منهما الفيديو، وكذلك الأمر بالنسبة لوسائل الإعلام الرسمية.

 

2- انتشر الفيديو بشكل مفاجئ في صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بينها صفحات إعلاميين، ومحللين سياسيين وسائل إعلام محلية، من دون الإشارة إلى مصدره ومناسبة نشره.

 

3- اختبرنا الفيديو على مرحلتين، لفحص احتمالية كونه مولّداً بالذكاء الاصطناعي، أو تضمنه أي تزييف، إلّا أن النتيجة أوضحت أن الفيديو حقيقي بنسبة كبيرة، بل أنَّه ليست هناك نسبة لاحتمالية أن يكون متلاعباً به.

 

ففي المرحلة الأولى من الاختبار، يتّضح أنَّ حركة الشفاه والإيماءات تتطابق زمنياً مع صوت التحدّث، ولا تظهر أي مؤشرات إلى الفصل بين الإطارين المرئي والمسموع. كذلك تبدو الإضاءة وانعكاسات الظلال على الوجوه والملابس متناسقة في جميع اللقطات، وهو ما يصعب تحقيقه في المقاطع الزائفة التي تُركب أو تولّد بالذكاء الاصطناعي.

 

لقطات شاشة توضيحية
لقطات شاشة توضيحية

 

بالإضافة إلى أنَّ الصوت ونبرته واضحان، ولم يحتويا على أي تقطّعات أو اضطرابات أو نوتات صوتية مريبة. كذلك بدت مخارج ومداخل الحروف طبيعية وواقعية، خصوصاً أنَّ الفيديو يحتوي على صوتين لشخصين، ولغتين (الإنكليزية والعربية)، فضلاً عن حضور اللهجة المحلية العراقية. وهنا يصعب جداً على أدوات التوليد أن تصنع صوتاً زائفاً بهذه الحالة من دون أخطاء.

 

وفي المرحلة الثانية، تم اختبار الفيديو، عبر أداة "Hive moderation" المختصّة بكشف المحتوى المولّد بالذكاء الاصطناعي، وبيّنت النتيجة أنَّ احتمالية توليده هي 0%.


لقطة شاشة لنتيجة تحليل أداة
لقطة شاشة لنتيجة تحليل أداة

 

وبالإضافة إلى ما سبق، أجرينا مقارنة بين لقطات من الفيديو المتداول، وصور أخرى من المكتب الخاص بالسوداني، واتّضح التطابق التام حتّى في أصغر التفاصيل، بما يؤكد أن الفيديو تم تصويره في مكتب السوداني، حيث تظهر بوضوح بعض المعروضات الصغيرة في خلفية المكتب بالفيديو المتداول، وهي ذاتها الموجودة في صور أخرى للمكتب.

 

صورة توضيحية للتطابقات
صورة توضيحية للتطابقات

 

 

صورة توضيحية للتطابقات
صورة توضيحية للتطابقات

 

4- وكما ورد في الفيديو، كان موضوعه الأساسي عيد ميلاد سافايا، وهذا ما قادنا إلى البحث لمعرفة تاريخ التقاط الفيديو. وتوصّلنا إلى حوار صحافي حصري أجرته صحيفة "كلدان برس" مع سافايا، وأوضحت فيه أنَّ قرار تعيينه مبعوثاً أميركياً إلى العراق حصل يوم عيد ميلاده. وشارك سافايا في الحوار على حسابه الرسمي على منصّة إكس.

 

وبالعودة إلى الإعلان الأول لقرار تعيين سافايا، تبيّن أنَّ الرئيس الاميركي دونالد ترامب نشره للمرة الأولى في حسابه الرسمي على منصّة "تروث سوشال" يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

لقطة شاشة لمنشور ترامب (تروث سوشال)
لقطة شاشة لمنشور ترامب (تروث سوشال)

 

وهذا يشير إلى أنَّ يوم عيد ميلاد سافايا وافق يوم 19 من الشهر الماضي، وهو يوم تنصيبه مبعوثاً أميركياً، بحسب الصحيفة الكلدانية، وهذا يقود إلى نتيجة عالية الاحتمالية تفيد بأنَّ سافايا كان في بغداد يوم تنصيبه مبعوثاً إلى العراق.


وتبقى فرضية واحدة مطروحة فقط، وهي احتمالية أن يكون قرار التعيين وٌقّع قبل إعلان ترامب إعلامياً. فبالاعتماد على حقيقة أنَّ "القرار تم يوم ميلاد سافايا"، ومع نقص المصادر الموثوق بها حول معلومات عن حياة سافايا، توصلنا إلى حساب سافايا على منصّة لينكدن- وهو حساب مضمّن في الموقع الرسمي لسافايا- وتبيّن أنَّه أشير فيه إلى تاريخ ميلاده، وهو 16 سبتمبر/أيول.

 

لقطة شاشة لمنشور ترامب (تروث سوشال)
لقطة شاشة لمنشور ترامب (تروث سوشال)

 

وهذا يعني أنَّه يمكن أن يكون قرار التنصيب تم توقيعه في ذلك اليوم، وبالتالي فإنَّ الفيديو المتداول تم تصويره يومذاك. وبالحالتين تبقى الحقيقة أنَّ الفيديو لم يتم تصويره قبل 3 أيام من الانتخابات.

 

النتيجة النهائية

يؤكد التحقق والمعطيات المشار إليها أعلاه أنَّ الفيديو الذي يُظهر لقاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالمبعوث الأميركي الجديد مارك سافايا حقيقي تماماً، ولا توجد فيه مؤشرات إلى تلاعب أو تصنيع بالذكاء الاصطناعي، ويحتمل أنًّه نشره يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول، أو يوم 16 سبتمبر/أيلول الماضيين.

 

امّا الجدل الذي رافق انتشاره فيعكس حجم أزمة الثقة بالمحتوى الرقمي، وحاجة الجمهور إلى أدوات ومهارات تحقق أفضل، أو المزيد من الشفافية من الجهات المسؤولة في عرض المعلومات وإطلاع الرأي العام على مجريات الأحداث السياسية والاقتصادية وبقية المجالات.

وكان السياق السياسي للزيارة واضحاً، إذ جاءت زيارة سافايا بعد أيام من مباشرة مهامه في بغداد، في إطار لقاءات دبلوماسية روتينية، وهو ما جعل الفيديو مادة سهلة للاستخدام من الصفحات ذات الميول المختلفة، إمّا لتأكيد التقارب الأميركي-العراقي، إما للتشكيك في دوافع الزيارة أو ربطها بالدور الأميركي في الانتخابات المقبلة.

 

وبعد تنصيبه، عبّر سافايا عن موقفه ورؤاه بشأن العراق. وقال في منشور عبر حسابه على منصّة إكس، يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي: "على مدى الثلاث سنين الماضية، اتّخذت قيادة العراق خطوات مهمة كي توجّه البلد إلى الطريق الصحيح سياسياً واقتصادياً. العراق باشر العودة كدولة ذات سيادة، والعمل على تقليل التأثيرات الخارجية، ولمّ السلاح بيد الحكومة الشرعية، وفتح أسواقه للشركات العالمية كي تساعد في إعمار البلد وتطوير بناه التحتية الهشّة. لكن العمل لم يكتمل بعد، والعراق لا يزال يحتاج إلى دعم مستمر كي يبقى على هذا الطريق".

ولفت سافايا إلى أنَّ "حكومة الولايات المتحدة وضّحت صراحة أنَّ لا مكان لجماعات مسلّحة تعمل خارج سلطة الدولة. واستقرار العراق وازدهاره يعتمدان على توحيد القوات الأمنية تحت قيادة حكومة وحدة واحدة والقائد العام للقوات المسلحة، وبعلم واحد يمثّل كل العراقيين. ومن دون هذه الوحدة، ستبقى سيادة العراق وتقدّمه بخطر".

 

وشدد على أنَّ "مصالح الشعب العراقي والمنطقة الأوسع تعتمد على عراق كامل السيادة، خالٍ من التدخّل الخارجي الخبيث، بما فيه من إيران ووكلائها، ومكرّس لخدمة مواطنيه والعيش بسلام مع جيرانه". وقال: "مهمّتي، نيابةً عن الرئيس ترامب، أن أتواصل مع العراق وأدعم سعيه المستمر نحو الاستقرار والسيادة والازدهار". وختم: "خلّينا نرجّع العراق عظيم من جديد".

ويأتي تداول هذا الفيديو والجدل المرفق به، في وقت حرج وحسّاس جداً، إذ بدأت الانتخابات العراقية فعلياً من خلال التصويت الخاص (تصويت قوى الأمن) اليوم الاحد، ويبقى الترقّب ليوم التصويت العام الثلثاء 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بينما تستمر حرب الشائعات والأخبار المضلّلة والتسريبات، والتخوف الحذر الذي ينتاب الطبقة السياسية تجاه أي موقف مفاجئ قد يتّخذه زعيم "التيار الوطني الشيعي" مقتدى الصدر.

الأكثر قراءة

سياسة 11/10/2025 5:33:00 AM
قائد الجيش قدّم تقريراً مفصلاً عن سير العمل في خطة حصر السلاح، موضحاً أن المرحلة الأولى التي تشمل الجنوب تسير وفق ما هو مخطط لها
لبنان 11/10/2025 11:53:00 PM
التحقيق جارٍ حالياً لاستكمال الإجراءات القانونية بناءً على إشارة النيابة العامة الاستئنافية في بيروت.
سياسة 11/9/2025 4:03:00 PM
مورغان أورتاغوس تحتفل بعيد ميلاد ابنتها "أدينا آن"