تتداول العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحاً منسوباً إلى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني جاء فيه أنَّه "سيخفض رواتب المسؤولين والنواب بعد الانتخابات، لأنَّ هذا الخفض سيؤمن تسعة تريليونات لخزينة الدولة". إلا أنَّ هذا الادّعاء خاطئ، ولم يطلق السوداني وعداً مماثلاً. والقالب الإخباري المتناقل معدّل. FactCheck#

"النّهار" دقّقت من أجلكم

في الادّعاء المتداول، قالب إخباري لمنصّة "السابعة" يتضمّن صورة للسوداني مع خبر (من دون تدخّل): "السوداني: خفض رواتب المسؤولين والنواب سيعود على الدولة 9 تريليونات، وسوف نعمل بعد الانتخابات على خفضها".

الخبر الخاطئ المتناقل (فايسبوك)

وقد تحقّقت "النّهار" من الادّعاء، واتّضح أنَّه غير صحيح:

1- بحثنا في الصفحات الرسمية للسوداني، وقناة "العراقية الإخبارية"، ووكالة الأنباء العراقية (واع) الرسميتين، فضلاً عن جريدة "الصباح"، ومجلس النواب العراقي ووزارة المالية، وتبيّن أنَّه ليس هناك أي إشارة إلى تصريح مماثل للسوداني، أو بيان رسمي لمجلس النواب بهذا الشأن.

2- بالبحث في صفحات منصّة "السابعة" على مواقع التواصل، اتّضح أنَّها لم تنشر هذا التصريح، وأنَّ قالبها الإخباري المتداول معدّل. واحتوت صورته الأصلية المنشورة في حساب المنصة على تيليغرام وإكس، يوم 7 فبراير/شباط الماضي، على نص: "نواب الوسط والجنوب يستجيبون لدعوة السوداني غداً ويضعون خارطة طريق من 5 فقرات ويهددون بالتصعيد".

لقطة شاشة لصورة الخبر الأصلي (تيليغرام)

لقطة شاشة لصورة الخبر الأصلي (إكس)

قرار غير مضمّن في القوانين

يشار إلى أن النائب عن حزب "إشراقة كانون" باسم الغرابي أعلن، يوم 11 يوليو/تموز الماضي، أنَّه قدّم مع نواب الحزب، بتاريخ 10 مايو/أيار 2023، مقترح قانون متكاملا لخفض رواتب الرئاسات الثلاث، وأعضاء مجلس النواب والدرجات الخاصّة للرئاسات الثلاث.

لكنه أشار إلى أنه "من بيدهم زمام القرار لم يمضوا بتشريع القانون". وبالتالي لن يمر القانون خلال الدورة البرلمانية الحالية، بسبب انتهائها، إذ لا تفصل العراق سوى أربعة أيام عن الانتخابات البرلمانية.

وبالبحث في قرارات مجلس الوزراء العراقي، وجدنا أنّ قراراً كان صدر بالفعل يوم 23 يوليو/تموز، وجاء فيه "إلزام وزارة المالية بتوحيد رواتب المديرين العامين كافة، ومن بدرجتهم ومن هم بالدرجة العليا (ب)، صعودًا من العاملين في الرئاسات الثلاث، لتكون مساوية لرواتب أقرانهم في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة".

وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ القرار لا يزال غير مضمّن في قوانين موظفي الدولة أو سلّم الرواتب، التي لم يتم إقرار تعديلها، ويُعتبر إدارياً تنفيذياً ويمكن إيقافه. كذلك، لا يوضح بشكل دقيق حجم الخفض أو تفاصيل المخصّصات المالية، بينما لو تم إقراره كمشروع قانون يصوّت عليه البرلمان العراقي، فإنَّ كامل فقراته ستكون واضحة وملزمة دستورياً.

وكان النائب فراس المسلماوي قال، يوم 11 أبريل/نيسان الماضي، لوكالة "شفق نيوز"، إنَّه "تم جمع أكثر من 60 توقيعاً من أعضاء مجلس النواب لتعديل قانون سلم رواتب الموظفين، وشرط أن يتضمّن هذا التعديل خفض رواتب الرئاسات الثلاث والنواب والدرجات الخاصة كافة في عموم العراق لتحقيق العدالة الاجتماعية".

ويأتي تداول هذا التصريح الزائف، تزامناً مع تصاعد الجدل الشعبي حول سلّم الرواتب الجديد، الذي لم يتم إقراره، والحديث عن الامتيازات المالية للمسؤولين مع قرب إجراء الانتخابات العراقية الثلثاء المقبل، ما جعله يجد رواجاً واسعاً بين الجمهور الناقم على التفاوت في الأجور والمخصصات.

وينضم هذا الادّعاء الخاطئ إلى سيل من المنشورات في الفضاء الرقمي العراقي، والتي يسعى ناشروها في بعض الأحيان إلى نسب إنجازات حكومية وهمية، وفي أحيان أخرى إلى مهاجمة جهات سياسية مشاركة في السباق الانتخابي، إذ باتت وسائل التواصل الاجتماعي لاعباً بارزاً في هذه الانتخابات، ووسيلة سهلة الاستخدام للترويج الانتخابي أو إسقاط الخصوم.