مقتدى الصدر يعود للمشاركة في الانتخابات العراقية ويدعم قائمة إشراقة كانون؟ النهار تتحقق FactCheck
تتداول العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ادّعاءات بشأن عودة زعيم "التيار الوطني الشيعي" (التيار الصدري سابقاً) مقتدى الصدر إلى العملية السياسية والانتخابات البرلمانية في العراق، وإيعازه في دعم قائمة "إشراقة كانون". إلا أنَّ هذه الادّعاءات خاطئة. فالصدر جدّد مقاطعته للانتخابات، ونفى مكتبه صحة مزاعم دعم إشراقة كانون. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
في الادّعاء الأول المتداول، تقرير إخباري يتحدث عن عودة الصدر إلى المشاركة في الانتخابات، وأنَّه دعا خلال مؤتمر صحافي إلى المشاركة الواسعة فيها. وأرفق بتعليق (من دون تدخّل): "السيد الصدر يعلن العدول عن مقاطعة الانتخابات ويدعو للمشاركة المليونية".

ولكن بالبحث العكسي عن الفيديو، باستخدام لقطات منه، تبيّن أنَّه قديم إذ يعود إلى تقرير بثّته قناة "العراقية الإخبارية" في 27 أغسطس/آب 2021، لتغطية دعوة الصدر للمشاركة الواسعة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 10 أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته.
وهذا يعني أنَّه لا يرتبط بالسياق الزمني الحالي والانتخابات المقبلة.

وفي الادّعاء الثاني...
نشرت صفحة "يوميات مواطن شريف" خبراً، نقلاً عن مصادر مقرّبة من الصدر، مفاده أنَّه أوعز إلى أتباعه في التصويت لقائمة "إشراقة كانون" في الانتخابات البرلمانية، لكونها "الأقرب إلى توجيهات مرجعية النجف". الا أنها عادت وحذفته.

ولكن اثر انتشاره السريع، نُشِر قالب إخباري لـ"الحدث العراقي" يتضمّن صورة للصدر مع خبر: "مصادر في الحنانة: السيد مقتدى الصدر يوجه أتباعه بالتصويت لصالح قائمة اشراقة كانون لأنها الأقرب لتوجهات المرجعية الدينية العليا بالنجف الأشرف".

وقد بحثنا في صفحات المصادر المقرّبة من الصدر، وصفحة فصيله المسلّح "سرايا السلام" ومكتبه الخاص، وتبيّن أنَّه ليست هناك أي إشارة إلى توجيه الصدر أتباعه للتصويت لقائمة إشراقة كانون. كذلك لم تنقل وسائل الإعلام خبراً مماثلاً.
في غضون ذلك، نشر الصدر، في حسابه على منصّة إكس، منشوراً جدّد فيه موقفه بمقاطعة الانتخابات. وأوضح أنَّ "قرار المقاطعة صعب مستصعب على الكثيرين. لكنني لم أفعل ذلك إلا طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله".

وأضاف الصدر في منشوره: "ما كانت المقاطعة إلّا ثقة بالصحب والرعية الذين لا أتوقع منهم إلا الطاعة، بل القناعة كما عهدتهم (ولن يحيصوا حيصة) بل هم كالشمس والقمر دائبون طائعون لا يفترون ولا للدنيا يطلبون ولا لمشاركة الفساد يرغبون، بل عنه يرغبون". وختم منشوره بوسم (#مقاطعون).
وبعد البحث في صفحة المقرّب من الصدر "وزير القائد"، اتّضح انَّه علّق على الادّعاء الذي نشرته صفحة "يوميات مواطن شريف" بالقول: "مواطن شريف! وتدّعي كذباً على السادة والقادة". وهذا ينفي صحة الخبر المتداول.

كذلك، راجعنا صفحات صفحة "الحدث العراقي" على مواقع التواصل، وتبيّن أنَّها لم تنشر خبراً مماثلاً، وأن قالبها الإخباري المتداول معدّل.
وتحتوي صورته الأصلية المنشورة في حساب "الحدث العراقي" على فايسبوك، يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري -قبل تداول الادّعاء- على تصريح منقول عن منشور الصدر: "أعلم علم اليقين أن قرار المقاطعة صعب مستصعب على الكثيرين لكنني لم أفعل ذلك إلا طاعة لله ولرسوله ولأولي الإصلاح ولا تدفعوا الأفسد بالفاسد بل ادفعوه بالإصلاح ومقاطعة الفساد إلى أن يأذن الله".
ويأتي تداول هذه الأخبار الخاطئة في سياق سياسي متوتّر يسبق الانتخابات البرلمانية في العراق، المقررة في 11 تشرين الثاني الجاري. وتنتشر مزاعم عن "عودة الصدر" إلى العمل السياسي في إطار الشكوك التي تحيط بموقفه النهائي من المشاركة، ورغبة الجمهور في معرفة ما إذا كان سيغير موقفه، على الرغم من انَّه أكّد مراراً وتكراراً موقفه الرافض للمشاركة.
ويتزامن أيضاً انتشار هذه الادعاءات مع استمرار القوائم الجديدة، مثل "إشراقة كانون"، في نشر حملاتها الدعائية، ما جعل البعض يحاول ربطها باسم الصدر لإضفاء شعبية ودعم عليها.
وفي ظل هذا المناخ المليء بالتجاذبات السياسية والمعلومات المضلّلة، تشكّل هذه الأخبار المضلّلة وسيلة لتوجيه الرأي العام وإثارة الجدل، بالاستناد إلى تقارير وأحداث قديمة تمّ إخراجها من سياقها الزمني، وتعديل بعضها لإيهام المتلقّين بأنَّ الصدر غيّر موقفه من الانتخابات.
نبض