حقيقة المرأة السودانية التي ضمت طفلها إلى صدرها قبل أن يقتلها مسلحون... النهار تدقق FactCheck
المتداول: صورة تظهر، وفقاً للمزاعم، "امرأة سوادنية ضمّت طفلها الى صدرها قبل ان يقتلها مسلحون"، في وقت تتحدث تقارير عن انتهاكات واسعة ومقتل مئات المدنيين في مدينة الفاشر، التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع الأحد، بعد حصار دامٍ استمر أكثر من 18 شهرا.
الا أنّ هذا الزعم غير صحيح.
الحقيقة: هذه الصورة مقتطعة من فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي أنشأه منتج الفيديوات في قناة "الجزيرة" الاختصاصي بالذكاء الاصطناعي الابداعي خبيب بن زيو، ونشره بهذا الوصف في 28 تشرين الاول 2025. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
كلام كثير حكي عن هذه الصورة التي انتشرت أخيرا على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، نظرا الى قوتها. فالمرأة جلست على التراب قرب خندق، وهي تعانق طفلا، بينما بدا أمامها ظلا رجلين مسلّحين، وفي الخلف آثار حرائق. وكتب مستخدمون بالعربية ولغات اخرى: "امرأة ملقاة في خندق تحت أقدام المسلحين، تضم طفلها إلى صدرها، وتنتظر موتها بعدما أُحرِق بيتها أمام عينيها. هذه الصورة ليست مشهداً تمثيلياً من قصة أصحاب الأخدود، هذه الصورة من السودان المكلوم...".


مجازر وعمليات قتل في الفاشر
جاء تداول الصورة في وقت أفادت تقارير شهود وناشطون محليون ومنظمات دولية وصور اقمار صناعية بحصول "مجازر" وعمليات قتل واسعة النطاق طالت مدنيين في الفاشر غرب السودان، على ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
وقال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، أمس الأربعاء، إنه "يتأسف لأهل الفاشر" بعد "الكارثة التي حصلت لهم"، مشيرا الى أن سيطرة قواته على المدينة هي لصالح "وحدة السودان" التي ستحصل "سلما أو حربا".
وقال في خطاب بثّ بعد ثلاثة أيام من سيطرة قواته على المدينة، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور بغرب البلاد، إنّ "تحرير الفاشر تحوّل لصالح وحدة السودان، ونحن نقول وحدة السودان سلما أو حربا".
وتحدثت منظمة الصحة العالمية عن تقارير بشأن مقتل أكثر من 460 شخصا في مستشفى في الفاشر، بينما تتواصل "المجازر"، وفقا لصور الأقمار الاصطناعية التي حلّلها مختبر الأبحاث الإنسانية التابع لجامعة ييل.
وأعلن المدير العام لمنظمة الصحة التابعة للأمم المتحدة تيدروس أدهانوم غيبريسوس أن المنظمة "مستاءة ومصدومة بشدة لمعلومات تحدثت عن مقتل أكثر من 460 مريضا وأشخاص يرافقونهم في المستشفى السعودي للتوليد في الفاشر بالسودان، إثر الهجمات الأخيرة وخطف عاملين في مجال الصحة".
وأكد تقرير لمختبر الأبحاث الإنسانية (هيومانيتاريان ريسيرتش لاب) في جامعة ييل، مدعوم بمقاطع فيديو وصور بالأقمار الاصطناعية، "الأدلّة على استمرار المجازر خلال الساعات الـ48 التي أعقبت سيطرة قوات الدعم السريع" على الفاشر.
وشملت الانتهاكات عمليات إعدام بالقرب من مستشفيين من بينهما المستشفى السعودي، و"مسارا منهجيا من التطهير العرقي".
ولا تزال الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية مقطوعة، باستثناء لدى قوات الدعم التي تسيطر على شبكة ستارلينك. كذلك، لا يزال الوصول إلى الفاشر محظورا رغم الدعوات إلى فتح الممرات الإنسانية. وبالتالي، بات من الصعب جدا التواصل مع مصادر محلية مستقلة.
ومنذ الأحد، نزح أكثر من 36 ألف شخص جراء أعمال العنف في الفاشر، غالبيتهم باتجاه ضواحيها وإلى مدينة طويلة الواقعة على بعد 70 كيلومترا إلى الغرب والتي تعد أكبر منطقة استقبال في البلاد، وفقا للأمم المتحدة، إذ تضم أكثر من 650 ألف نازح.
وأظهرت صور نادرة التقطتها وكالة "فرانس برس" في طويلة، نازحين يحملون أمتعتهم على ظهورهم ورؤوسهم. وكان بعضهم ينصبون خيما، فيما بدا آخرون مصابين.
سودانية نازحة من الفاشر تصف عمليات القتل الميدانية بعد سقوط المدينة
حقيقة الصورة
الا ان الصورة المتناقلة "للمرأة السودانية التي تنتظر اعدامها"، وفقاً للمزاعم، زائفة، غير حقيقية.
في الواقع، حملت توقيع khoubaib.bz. كلمة مفتاح توصلنا فوراً الى حساب بهذا الاسم في انستغرام، khoubaib.bz@، يخصّ خبيب بن زيو Khoubaib Ben Ziou، منتج الفيديوات في قناة "الجزيرة" الاختصاصي بالذكاء الاصطناعي الابداعي، على ما عرّف بنفسه.
وقد نشر فيديو تضمّن هذه الصورة، في 28 تشرين الاول 2025، بعنوان: الفاشر تباد بصمت. وذكر ان مقطعه مولد بالذكاء الاصطناعي، اي انه ليس حقيقيا.



تحول مفصلي
وشهدت الحرب التي اندلعت في السودان منذ أكثر من عامين تحولا مفصليا الأحد 12 تشرين الاول 2025، مع سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، ما أتاح لها الامساك بإقليم دارفور في غرب البلاد، مع تركز المعارك في إقليم كردفان المجاور، على ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
وأدت الحرب التي اندلعت في منتصف نيسان 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، إلى تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ بين الطرفين.
وبعد السيطرة على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، باتت قوات الدعم السريع تستحوذ على غرب البلاد وأجزاء من الجنوب، بينما يمسك الجيش بالشمال والشرق والوسط بما في ذلك الخرطوم.
وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، ودفعت الملايين إلى النزوح، بينما بات نحو 25 مليون شخص يعانون الجوع الحاد، وتسببت بـ"أسوأ أزمة إنسانية في العالم" بحسب وصف الأمم المتحدة.
وأثارت سيطرة قوات الدعم على الفاشر مخاوف الخبراء من تقسيم جديد للسودان وتكرار المجازر التي شهدها إقليم دارفور في مطلع القرن الحالي.
تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان "امرأة سودانية ضمّت طفلها الى صدرها قبل ان يقتلها مسلحون"، كما يشاهد في الصورة المتناقلة. في الواقع، هذه الصورة مقتطعة من فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي أنشأه منتج الفيديوات في قناة "الجزيرة" الاختصاصي بالذكاء الاصطناعي الابداعي خبيب بن زيو، ونشره بهذا الوصف في 28 تشرين الاول 2025.
نبض