هل خصص الفاتيكان غرفة صلاة للمسلمين في المكتبة الرسولية؟ النهار تتحقق FactCheck

ضجّة واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي بسبب خبر عن "فتح الفاتيكان أخيراً غرفة صلاة للمسلمين في المكتبة الرسولية"، وفقاً لما كُتِب. ووسط جدل كبير أثاره هذا الخبر، يتبيّن بعد تقصي حقيقته أن المكتبة الرسولية خصّصت بالفعل غرفة صلاة ليست متاحة للجميع، بل للعلماء المسلمين الذين قد يكونون موجودين فيها لإجراء أبحاث. وجاءت مبادرتها تلك بناء على طلب منهم. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
منذ أيّام قليلة، تعدّدت العناوين. "للمرة الأولى في الفاتيكان، غرفة صلاة مخصصة للمسلمين"، كتبت حسابات، و"الغرفة هي لجميع المسلمين الزائرين لأداء عبادتهم"، وفقاً لأخرى. وأدلى مستخدمون بدلوهم في فيديوات غزت وسائل التواصل. والحصيلة كلام كثير قيل خلال الايام الماضية، ولا يزال يقال ويتأجج بين رافض ومندد، ومرحّب ومشيد.
ولكن ما حقيقة الأمر؟
البداية كانت من كلام عرضي أدلى به الاب دون جاكومو كاردينالي، نائب محافظ المكتبة الرسولية الفاتيكانية، لصحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، في 8 تشرين الاول 2025، أنّ "بعض الباحثين المسلمين الذين يزورون المكتبة طلبوا غرفة صغيرة فيها سجادة ليؤدّوا صلاتهم، فأُعطيت لهم".
وأضاف: "لدينا مخطوطات قرآنية قديمة مذهلة"، مذكّرًا بأنّ المكتبة الفاتيكانية "عالمية تحتضن كنوزًا من التراث العربي والعبري والإثيوبي والصيني، وحتى أقدم أرشيفٍ يابانيٍّ وُجد خارج بلاد الشمس المشرقة".
ولكن ما بدأ كبادرة حسن ضيافة تجاه العلماء المسلمين الزائرين، أصبح سبباً لجدلٍ حادٍّ داخل أسوار الفاتيكان وخارجها... عاصفة. وخلّف كلام الأب كاردينالي موجةً من الانتقادات العلنية، لا سيما بين المسيحيين، ومنهم كاثوليك، ليس بسبب ما قُدّم فحسب، أنما أيضًا بسبب مكان تقديمه، على ما كتب موقع Zenit.
فكرة تخصيص غرفة صلاة للمسلمين داخل الفاتيكان رأى فيها بعضهم "خيانة للمسيح"، مسّا بالإيمان المسيحي والثوابت التي تمثلها الكنيسة الكاثوليكية والبابوية، بينما تكلّم بعضهم على خلط مُقلق بين الرسالة والهوية. في المقابل، اعتبرها آخرون إشارة إلى "روح حوار رائع بين الأديان" و"احترام لمن يأتون من بعيد لدرس المخطوطات القديمة".
من جهة أخرى، فإن ما أوحت به العناوين المتناقلة عن "غرفة صلاة في الفاتيكان مخصصة للمسلمين" لم يكن دقيقاً كفاية لمنع الوقوع في خطأ الشمولية التي توحيها. ومن المهم التوضيح أنه لا يبدو ان غرفة الصلاة تلك متاحة لجميع المسلمين الزائرين او من سكان روما، بل للبحاثة والعلماء المسلمين الذين قد يكونون موجودين في المكتبة لإجراء ابحاث. وعلاوة على ذلك، لم يتم تخصيصها إلا بناء على طلب العلماء أنفسهم.
وقد تأسست مكتبة الفاتيكان الرسولية في القرن الخامس عشر. وتضم مجموعتها الضخمة مليوني كتاب مطبوع، و80 ألف مخطوطة، و50 ألف وثيقة أرشيفية، ومئات آلاف العملات والنقوش والميداليات، بمثابة كنوز من جميع الحضارات والمذاهب تقريبًا. وبينها بعض أقدم نسخ القرآن الكريم المتبقية، بالإضافة إلى نصوص عبرية وقبطية وصينية نادرة.