أموال روسيا المجمدة: فرصة ذهبية لواشنطن بعد أي اتفاق مع بوتين
يشهد الملفّ الأوكراني الروسي حراكاً دبلوماسياً مكثّفاً خلال الأيام الأخيرة، مع دخول واشنطن مباشرةً على خطّ الوساطة عبر مبعوثيها الذين التقوا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو.
ورغم زخم الاتصالات، يؤكد الكرملين أن أي "حلّ وسط" لم يتحقق بعد، خصوصاً في القضايا الجوهرية المرتبطة بالأراضي. هذا المسار التصاعدي في المحادثات يعكس جدّية دولية في محاولة كبح التصعيد قبل تعمّق أزمة الشتاء.
و في ظل الحراك الدبلوماسي الأخير، تبرز الأموال الروسية المجمدة في الغرب كوسيلة لدعم أوكرانيا وإعادة الإعمار دون استنزاف ميزانيات الدول الغربية.
بالنسبة للولايات المتحدة، تشكّل هذه الأموال أداة لتعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي، وتمكّنها من دعم حلفائها مع الحدّ من المخاطر المالية على خزائنها، خصوصاً إذا نجحت الوساطات الأخيرة في موسكو.

استفادة أميركا...
في السياق، يشير رئيس مركز باريس للاستثمار "ICCP" علي حمّود، في حديثٍ مع "النهار"، إلى أن الولايات المتحدة، في حال توصّل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى صفقة مع بوتين، يمكنها الاستفادة من هذه الأصول بعدة طرق.
أولاً، وبحسب حمَّود، يمكن المطالبة بحصة من عوائد الاستثمار إذا تم إنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار أو التسوية، خصوصاً إذا ساهمت واشنطن بخبرة مالية أو أمنية، ما قد يولّد عوائد سنوية تصل إلى مليار دولار أو أكثر.
ثانياً، فإن تحرير جزء من الأصول قد يفتح الباب أمام منح عقود ضخمة لشركات أميركية في مجالات البنى التحتية والطاقة والأمن، ما يوفر أرباحاً طويلة الأجل وزيادة في إيرادات الضرائب المحلية، وفق المصدر ذاته.
كما يلفت حمَّود إلى أن هذه الأموال تتيح لواشنطن تقليل العبء المالي الفدرالي، بدل ضخّ مساعدات نقدية مباشرة من الميزانية الأميركية، ما يمنح إدارة ترامب هامشاً سياسياً داخلياً.
وتبلغ قيمة الأصول السيادية الروسية المجمّدة عالمياً بين 260-300 مليار يورو، منها نحو210 مليارات يورو داخل الاتحاد الأوروبي، وُضعت أساساً في حسابات بنوك مركزية ومؤسسات مالية كبرى، وتُنتج عوائد سنوية تُقدّر بين 2- 3 مليارات يورو.

خطة تمويلية...
ويأتي هذا بينما تتجه أوروبا نفسها لوضع إطار مالي وقانوني يسمح باستخدام هذه الأموال لدعم أوكرانيا، ما يمهّد الطريق لخطط تمويلية موسّعة تهدف إلى الاستمرار في تغطية احتياجات الدولة دون الضغط المباشر على ميزانياتها.
في هذا الإطار، يشير حمَّود إلى أن "أوروبا تتحرك لتطبيق خطة تمويلية أكبر تعتمد على الأصول الروسية نفسها لدعم ميزانية أوكرانيا".
ويشمل ذلك إصدار قرض ضخم بقيمة تصل إلى140 مليار يورو، يستخدم الأصول الروسية كضمان، لتمويل دفاع أوكرانيا وإعادة إعمار بنيتها التحتية، بحسب رئيس مركز باريس للاستثمار.
كما يوضح حمّود أن العوائد السنوية للأصول المجمدة (2-3 مليارات يورو) ستُحوَّل مباشرة كمساعدات، وتساعد في تقليل العبء على ميزانيات الدول الأوروبية، مع الالتزام القانوني بأن تبقى الأصول ملكًا لروسيا إلى حين انتهاء الحرب.
ويختم بالتأكيد أن الاتفاق المحتمل بين ترامب وبوتين يمكن أن يفتح باباً مالياً ضخماً لكل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لكن تنفيذه يواجه تحديات قانونية وسياسية كبيرة.

ويبقى ملف الأصول الروسية المجمدة نقطة محورية في أي مسار دبلوماسي مستقبلي لإنهاء الحرب، لما له من انعكاسات مالية وسياسية كبيرة على الأطراف المعنية.
وقد يشكّل استثمار هذه الأموال رافعة لدعم إعادة الإعمار وتمويل الدفاع، مع تقليل الضغوط على الميزانيات الوطنية. في المقابل، يبقى تحقيق اتفاق شامل مرتبطاً بعقبات قانونية وسياسية تتطلب تنسيقاً دولياً دقيقاً لتأمين الاستفادة القصوى من دون تصعيد التوترات.
نبض