موجة الاستثمارات: الإمارات تصنع مستقبل الشركات

اقتصاد وأعمال 28-11-2025 | 11:33

موجة الاستثمارات: الإمارات تصنع مستقبل الشركات

لم يكن صعود الإمارات في خريطة الاستثمار حدثًا عابرًا، بل مسارًا بدأ مبكرًا واستمر حتى أصبح نموذجًا عالميًا.
موجة الاستثمارات: الإمارات تصنع مستقبل الشركات
دبي (وكالات)
Smaller Bigger

 على امتداد شوارع أبوظبي ودبي، حيث تتقاطع الأبراج مع الضوء، وحيث يختلط صوت الأسواق بنبض المدن الحديثة، تبدو الإمارات اليوم كأنها تُعيد رسم جغرافيا الاستثمار بحدسٍ يشبه حدس الموج حين يعرف طريقه إلى الشاطئ.

قبل سنوات، كان المستثمر ينتظر الإجراءات أكثر مما ينتظر الفرصة. أما الآن، فرحلة تأسيس الشركات تبدأ من نافذة رقمية وتنتهي برخصة جاهزة، في مشهد يلخّص عبقرية المكان، وقدرته على تحويل الأفكار إلى حركة، والرؤى إلى واقع.

لم يكن صعود الإمارات في خريطة الاستثمار حدثًا عابرًا، بل مسارًا بدأ مبكرًا واستمر حتى أصبح نموذجًا عالميًا. فبحسب تقرير "أونكتاد 2024"، سجّلت الدولة ما يزيد عن 30 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر، لتحلّ بين أكبر الاقتصادات جذبًا لرؤوس الأموال، وتتصدر المنطقة بلا منازع.

هذا الرقم لا يعكس تدفق المال وحده، بل يعكس الثقة، وهي العملة الأكثر ندرة في عالم الأعمال: ثقة في التشريع، وثقة في الاستقرار، وثقة في منظومة تُدار بالعقل أكثر مما تُدار بالورق.

وفي المناطق الحرة الممتدة من "أبوظبي العالمي" (ADGM) إلى "مركز دبي للسلع المتعددة" (DMCC) و"مجموعة كيزاد" (KEZAD) و"مناطق رأس الخيمة الاقتصادية" (RAKEZ)، تتشكّل اليوم "جزر اقتصادية" لكل منها شخصيتها وقطاعها وبنيتها الخاصة. وليست هذه الجزر مجرد مساحات عمل، بل منصات تفكير، يُعاد فيها تعريف دور الشركات في الاقتصاد الجديد. 

ففي أبوظبي، يجد المستثمر بيئة مالية منظمة بمعايير عالمية، وفي دبي مختبرًا للابتكار الرقمي، وفي المناطق الصناعية شبكة لوجستية تربط آسيا بأفريقيا وأوروبا بمرونة استثنائية. إنه اقتصاد متعدد الطبقات، لا يقوم على قطاع واحد بل على منظومة مترابطة تصنع القيمة من كل اتجاه.

وفي قلب هذه المنظومة، تتحرك الشركات الناشئة بجرأة لا تخلو من الطموح. ففي المقاهي الرقمية وفي مساحات العمل المشتركة، تجلس فرقٌ من عشرات الجنسيات لتصوغ نماذج أعمال تستند إلى الذكاء الاصطناعي والبيانات والاقتصاد السحابي. هنا، لا يسأل المستثمر عن جنسية الريادي، بل عن قوة الفكرة وقدرتها على النمو. ولا يبحث الريادي عن باب مسؤول، بل عن مسرّعة أعمال تحمل مشروعه نحو السوق. لقد تحوّلت الإمارات إلى بيئة تُعامل فيها الشركات الناشئة كما تُعامل الشركات الكبرى: بمعايير واحدة، ورؤية واحدة، واحترام واحد للمستقبل.

لعلّ أكثر الأسئلة حضورًا لدى المستثمرين العرب والأجانب هو: من أين أبدأ؟ وكيف أختار المنطقة المناسبة؟
البداية من الفكرة. فالشركات المالية تجد مكانها الطبيعي في "أبوظبي العالمي" و"مركز دبي المالي العالمي" (DIFC)، وشركات التجارة في "مركز دبي للسلع المتعددة" والمناطق الاقتصادية، وشركات الصناعة في "مجموعة كيزاد" حيث البنية التحتية والموانئ. أما جذب المستثمرين، فيبدأ من وضوح النموذج المالي، ومن تقديم "Pitch Deck" يتكئ على بيانات دقيقة ورؤية قابلة للتوسع. في الإمارات، لا يكفي أن تملك مشروعًا واعدًا؛ يجب أن تملك قصة مقنعة للأرقام وللسوق وللتنفيذ.

ومع تزايد الارتباط بين التحول الرقمي ونمو الشركات، لم تعد الإمارات سوقاً فحسب، بل محطة انطلاق نحو أسواق أكبر. إنها بيئة تمنح الرياديين ما هو أثمن من رأس المال: الوضوح، والسرعة، والثقة، وإيقاعًا يناسب من يريد أن يبني لا من يريد أن يتفرج.

ومع كل موجة استثمار جديدة، تتأكد حقيقة واحدة: الإمارات لا تتنافس مع المنطقة فحسب، بل مع العالم. فهي لا تبني بيئة أعمال تعتمد على التاريخ، بل على الفكرة؛ ولا تنتظر المستقبل، بل تشاركه في صياغته.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل يقود العقد المقبل ولادة نموذج اقتصادي لا تصبح فيه الإمارات مركزًا للأعمال فحسب، بل عاصمة عالمية لصناعة مستقبل الشركات

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/27/2025 1:37:00 PM
بعد عامٍ على الهزيمة، تسلّط رؤية نابليون الضوء على أسباب خسارة الحزب.
شمال إفريقيا 11/27/2025 10:52:00 AM
وفاة الإعلامية المصرية هبة الزياد بشكل مفاجئ خلال نومها، في رحيل غير متوقع شكّل صدمة واسعة لدى متابعيها
الولايات المتحدة 11/27/2025 10:27:00 PM
في لحظة اكتشاف هوية المشتبه به في إطلاق النار على جنديين في  الحرس الوطني وإصابتهما بجر,ح خطرة، وحد اليمينيون، صناع رأي وجماهير لا فرق، خطابهم: إنه الإرهاب الإسلامي.
لبنان 11/26/2025 5:22:00 AM
كل ما يجب معرفته عن زيارة الحبر الأعظم الأحد