مستقبل النفط العالمي… نحو عصر الانخفاض الهيكلي للأسعار

اقتصاد وأعمال 28-11-2025 | 16:04

مستقبل النفط العالمي… نحو عصر الانخفاض الهيكلي للأسعار

تحليل استشرافي مبني على المتغيرات الجيوسياسية والتكنولوجية والبيئية
مستقبل النفط العالمي… نحو عصر الانخفاض الهيكلي للأسعار
نفط (وكالات)
Smaller Bigger

بقلم المهندس حيدر عبدالجبار البطاط 

لم يعد مستقبل سوق النفط العالمي لغزاً  كما كان في العقود السابقة. فالعوامل الكبرى التي كانت ترفع الأسعار أو تخفضها أصبحت مكشوفة والمشهد الطاقوي الجديد يشير بوضوح إلى أن العالم مقبل على مرحلة انخفاض هيكلي طويل الأمد في أسعار النفط.  لا بسبب عامل واحد بل نتيجة تراكب منظومة من المتغيرات الجيوسياسية والتقنية والاقتصادية والبيئية.
هذا التحليل يتناول خمسة أسباب جوهرية يُنتظر أن تغيّر ميزان العرض والطلب خلال العقد المقبل، وكلّها تؤدي إلى اتجاه واحد هو تراجع الأسعار.

1- عودة فنزويلا… عملاق نفطي يخرج من الحصار
إذا رفعت الولايات المتحدة القيود عن النفط الفنزويلي، واستمرّت استثمارات الشركات الأجنبية، فيمكن لكاراكاس أن تستعيد إنتاجًا يقترب من 1.5 – 2 مليون برميل/يوم.
هذا التطور —إن حدث— سيضيف عرضًا كبيرًا إلى السوق، مما يعزز الضغط النزولي على الأسعار.


2- رفع العقوبات عن إيران… طاقة إنتاجية جاهزة فوراً
إيران تمتلك قدرة فورية لإضافة 1 – 1.5 مليون برميل/يوم خلال أشهر قليلة، إذا تمّ التوصل إلى تفاهمات سياسية. دخول هذا الكمّ الكبير دفعة واحدة سيعمّق فائض المعروض ويدفع الأسعار نحو نطاق أدنى.

 

نفط (وكالات)
نفط (وكالات)

3- استقرار روسيا… عودة الإنتاج إلى المسار التصاعدي
رغم العقوبات، ما زالت روسيا هي المنتج الأكبر ضمن (أوبك+ ). وإذا استقرّت أوضاعها أو وجدت مسارات تصدير جديدة، فيمكن لإنتاجها أن يرتفع أو أن يبقى عند مستويات عالية، ما يضيف عنصرًا آخر يصبّ في اتجاه انخفاض الأسعار.

4 - نمو الذكاء الاصطناعي في الاستكشاف والإنتاج… النفط الأرخص في التاريخ
أحدثت تقنيات الذكاء الاصطناعي نقلة هائلة في عالم الطاقة، خصوصًا في تحليل البيانات الزلزالية، تحديد مكامن النفط بدقة أعلى، تقليل الآبار غير المنتجة، إدارة المكامن وتحسين الاستخراج، تخفيض كلفة الإنتاج.

النتيجة أن العالم أصبح قادرًا على اكتشاف المزيد من النفط في كلّ بقاع العالم بكلفة أقلّ ووقت أقصر. 
وهذا يمثّل انقلاباً  في معادلة السوق، حيث يزداد المعروض بشكل كبير . كذلك، كلّما  انخفضت كلفة إنتاج البرميل أصبح السعر الطبيعي أقرب إلى الهبوط، لأن المنتجين يستطيعون البيع بهامش أقلّ دون خسائر.

وإذا كانت التكنولوجيا تقلب معادلة العرض، فإن التحوّل البيئي يقلب معادلة الطلب.

 

5- تباطؤ الطلب بسبب الطاقة النظيفة… العالم يتغيّر

التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة لم يعد خياراً  سياسياً بل ضرورة وجودية بسبب تغيّر المناخ.
توسّع المركبات الكهربائية، انخفاض كلفة الطاقة الشمسية والرياح، تطور الهيدروجين الأخضر،  وسياسات تخفيض الانبعاثات، كلها تؤدي إلى تباطؤ الطلب على النفط في الدول الصناعية.

ومع انتقال الصين وأوروبا والولايات المتحدة إلى نماذج طاقة جديدة، يصبح النفط أقلّ مركزية في الاقتصاد العالمي، وهو ما يخلق ضغطاً طويل الأمد على الأسعار، خصوصاً مع دخول مرحلة ذروة الطلب، خلال العقد المقبل.


النتيجة: سوق نفطية ذات عرض مرتفع وطلب متراجع
تزامن هذه العوامل الخمسة سيؤدي إلى ازدياد العرض، والطلب سيتباطأ، وهذا يؤدي إلى انخفاض الأسعار وتراجعها. وفق السيناريو الأكثر واقعية، يمكن تلخيص الاتجاه العام كالآتي: 

2026 – 2028: متوسط متوقع: 48–50 دولارًا للبرميل بسبب زيادة المعروض الفعلي. 

2028 – 2032: متوسط متوقع: 42–50 دولارًا للبرميل، مع دخول السيارات الكهربائية نطاق الاستهلاك الواسع وتراجع استهلاك أوروبا.

2032 – 2035: متوسط متوقع: 35–45 دولارًا للبرميل. وهو نطاق يتوافق مع دخول العالم في تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.

في المحصلة: إن مستقبل النفط لم يعد رهينة ارتفاعات كبيرة كما كان في السابق.
فالعصر المقبل هو عصر النفط الأرخص، والسبب ليس اقتصاديًا فقط، بل نتيجة قوة سياسية، وأخرى تكنولوجية، وثالثة بيئية؛ وكلّها تجرّ السوق نحو اتجاه واحد: انخفاض الأسعار وهيكلتها عند مستويات أدنى مما اعتدناه.

إن الدول النفطية مطالبة بقراءة هذا التحوّل مبكراً، والانتقال إلى نموذج اقتصادي أكثر تنوعاً واستدامة 
قبل أن يتحول هذا الانخفاض إلى أزمة بنيوية تهدد مالية الدولة واقتصادها ومكانتها.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/27/2025 1:37:00 PM
بعد عامٍ على الهزيمة، تسلّط رؤية نابليون الضوء على أسباب خسارة الحزب.
شمال إفريقيا 11/27/2025 10:52:00 AM
وفاة الإعلامية المصرية هبة الزياد بشكل مفاجئ خلال نومها، في رحيل غير متوقع شكّل صدمة واسعة لدى متابعيها
الولايات المتحدة 11/27/2025 10:27:00 PM
في لحظة اكتشاف هوية المشتبه به في إطلاق النار على جنديين في  الحرس الوطني وإصابتهما بجر,ح خطرة، وحد اليمينيون، صناع رأي وجماهير لا فرق، خطابهم: إنه الإرهاب الإسلامي.
لبنان 11/26/2025 5:22:00 AM
كل ما يجب معرفته عن زيارة الحبر الأعظم الأحد