ترقّب عالمي لقرار الفيدرالي الأميركي وسط تصاعد رهانات خفض الفائدة
شهدت الأسواق المالية العالمية موجة صعود، مدفوعة بتزايد التوقعات بخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة. وارتفعت شهيّة المخاطرة مع صدور بيانات اقتصادية أميركية تشير إلى بعض الضعف في إنفاق المستهلك، إضافة إلى تداول اسم كيفن هاسيت مرشحاً محتملاً لرئاسة البنك المركزي، وهو ما أسهم في تعزيز توقعات التيسير النقدي.
وحافظت سندات الخزانة الأميركية على مكاسبها التي حققتها في الجلسة السابقة، بينما تراجع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى ما دون 4% للمرة الأولى منذ نحو شهر، بالتزامن مع ارتفاع احتمال خفض أسعار الفائدة في كانون الأول/ ديسمبر إلى أكثر من 80% وفق تسعير الأسواق المالية. وكان هذا الاحتمال قد تراجع إلى أقل من 30% منذ أسبوع.
وتشير التقديرات الحالية إلى أن الأسواق تسعّر احتمال خفض في كانون الأول بنحو 80%، في ظل غياب بيانات اقتصادية جديدة قبل اجتماع الفيدرالي، واعتماد المتعاملين على المؤشرات الاقتصادية الأخيرة التي عكست تباطؤاً في التوظيف ومبيعات التجزئة.
بعد تثبيت أسعار الفائدة معظم عام 2025، بدأ الفيدرالي خفضها تدريجاً خلال الخريف، عبر تقليص سعر الفائدة الأساسي بمقدار 25 نقطة أساس في أيلول/ سبتمبر ثم في تشرين الأول/ أكتوبر. إلا أن صانعي السياسات أبدوا انقساماً متزايداً بشأن آفاق التضخم وسوق العمل.
وأظهر محضر اجتماع تشرين الأول الماضي اختلافاً واضحاً بين المشاركين؛ إذ رأى عدد منهم ضرورة خفض أسعار الفائدة، بينما فضّل آخرون الإبقاء عليها خوفاً من تباطؤ مسار عودة التضخم نحو الهدف البالغ 2%. وأشار معظم المشاركين إلى أن المزيد من التخفيضات قد يحمل مخاطر ترسيخ معدلات التضخم المرتفعة.
وفي نهاية تشرين الأول، صوّتت لجنة تحديد أسعار الفائدة بأغلبية 10 أصوات مقابل صوتين على خفض الفائدة إلى نطاق 3.75%-4%.

وشهدت أسواق الذهب حالة من الترقب، إذ يرتبط أداء المعدن الأصفر تاريخياً بتوقعات أسعار الفائدة الأميركية. ويستفيد الذهب عادة من بيئة الفائدة المنخفضة، نظراً إلى عدم تحقيقه عوائد مباشرة مقارنة بالأدوات المالية الأخرى.
ودعمت التصريحات الأخيرة لبعض مسؤولي البنك المركزي التوقعات بخفض الفائدة، خصوصاً في ظل تأخر صدور البيانات الاقتصادية نتيجة الإغلاق الحكومي الذي استمر ستة أسابيع. وقدّرت الأسواق احتمال خفض ربع نقطة مئوية إضافية في الاجتماع الأخير لعام 2025 بنحو 75%.
ويواصل المستثمرون مراقبة مستويات الذهب الحالية لتحديد ما إن كان الاستقرار يشير إلى توقعات مؤكدة للخفض، وما إن كان ذلك سيدفع الأسعار نحو مستويات قياسية جديدة، وخاصة في ظل ارتباط تحركات الذهب مباشرة باتجاهات السياسة النقدية.
وتعكس التحركات الأخيرة في أسواق الذهب والأسهم والسندات مدى حساسيتها المباشرة على توقعات السياسة النقدية الأميركية. فالذهب يستفيد تقليدياً من بيئة الفائدة المنخفضة، ما يجعل أي إشارة إلى خفض محتمل عاملاً داعماً لأسعاره. وفي المقابل، يمنح تراجع الفائدة دفعة إضافية لأسواق الأسهم عبر تحسين ظروف التمويل وتعزيز توقعات الأرباح، بينما ترتفع السندات مع انخفاض العوائد وزيادة جاذبية إصداراتها القائمة. وفي ظل ترقّب الأسواق لقرار الفيدرالي المقبل، تبقى هذه التحوّلات مرآة للتوقعات المستقبلية تجاه النموّ والتضخم والسيولة في الاقتصاد الأميركي.
* جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية - Cedra Markets
نبض