مدينة سينمائية عند الأهرام… مشروع ضخم يرسّخ مكانة مصر السياحية ويدعم مسار النموّ
في خطوة تحمل أبعاداً اقتصادية وثقافية واسعة، تخطط مصر لإطلاق مشروع إنشاء مدينة سينمائية وإعلامية عالمية بالقرب من منطقة الأهرام، في رؤية طموحة تستهدف تحويل واحدة من أهم مناطق الجذب التاريخي إلى منصّة إنتاج فني وسياحي متكاملة.
ويأتي هذا التوجّه ليعزز مكانة مصر على خريطة صناعة السينما العالمية، ويدعم جهود الدولة في تنويع روافد الاقتصاد وتحقيق مستهدفاتها السياحية والتنموية.
إعادة رسم المشهد السياحي والإبداعي
وبحسب رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، تضع الدولة تصوراً شاملاً للمدينة الجديدة، يتضمّن استوديوهات ضخمة ومناطق تصوير متنوّعة قادرة على استيعاب الإنتاجات العالمية والمصرية، كما تستهدف المدينة أن تصبح منصّة كبرى للفعاليات الفنّية، بما يحقق تكاملاً استثنائياً مع مشروع المتحف المصري الكبير وخطط التطوير المستهدفة.
وأوضح رئيس الوزراء أن المشروع يستوحي أفكاره من نماذج المدن السينمائية الكبرى حول العالم، مشيراً إلى أنه خطوة استراتيجية لتمكين مصر من جذب كبريات شركات الإنتاج العالمية، وستوفر المدينة فنادق وإقامات للعاملين في المجال السينمائي، ما يعزز التجربة السياحية ويخلق دورة اقتصادية متكاملة في إحدى أكثر المناطق التاريخية أهمية في العالم.
.jpg)
ربط استراتيجي مع مستهدفات 2030
ويتكامل هذا المشروع مع استهداف الدولة المصرية جذب 30 مليون سائح بحلول عام 2030، ضمن رؤية شاملة لتعزيز مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي، وتواصل الحكومة تنفيذ مشاريع تنموية كبرى على البحرين الأحمر والمتوسط لزيادة الطاقة الاستيعابية للفنادق وتطوير البنية التحتية السياحية بما يلبّي احتياجات هذا النموّ المتسارع.
وتسعى استراتيجية التنمية المستدامة 2030 إلى تحويل مصر إلى وجهة سياحية عالمية قادرة على المنافسة، مع التركيز على تنويع المنتج السياحي وتطوير التجربة المقدمة للزوار، وهو ما يعززه مشروع المدينة السينمائية، إذ يضيف منتجاً جديداً يجمع بين السياحة الثقافية وصناعة المحتوى والترفيه.
مؤشرات داعمة
ويتزامن الإعلان عن المشروع مع توقعات إيجابية من صندوق النقد الدولي بشأن نموّ الاقتصاد المصري. فقد كشف الصندوق، خلال مؤتمر صحافي لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي، أن مصر مرشحة لتحقيق معدّل نموّ يبلغ 4.3% بنهاية العام المالي 2024-2025، على أن يرتفع إلى 4.5% في عام 2025-2026.
وتوقع التقرير تراجع معدل التضخم من 33.3% في عام 2024 إلى 20.4% خلال العام الجاري، ثم إلى 11.8% في عام 2026، بما يعكس تحسّناً تدريجياً في بيئة الاقتصاد الكلي، ويخلق مناخاً أكثر جذباً للاستثمارات الكبرى، ومنها مشروع المدينة السينمائية.
عوائد ومكتسبات قوية
وفي هذا السياق يؤكد مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث، أبو بكر الديب لـ"النهار"، أن إنشاء مدينة سينمائية كبرى في محيط منطقة الأهرام يُعد خطوة جريئة ورائدة قادرة على إحداث نقلة اقتصادية وسياحية ضخمة، شرط تنفيذها وفق تخطيط دقيق يضمن الحفاظ على القيمة الأثرية للموقع.
ويضيف أن المشروع لا يُنظر إليه بوصفه مبادرة ترفيهية أو ثقافية فحسب، بل بوصفه مشروعاً اقتصاديّاً متكاملاً يمكنه توليد عوائد سنوية بمليارات الدولارات، وتعزيز مكانة مصر كوجهة عالمية للإنتاج السينمائي والسياحة الثقافية.
ويشير الديب إلى أن الدول المتقدمة في الصناعات الإبداعية تعتبر المدن السينمائية قاطرات للنموّ وليست مجرد منشآت للتصوير، مؤكداً أن ما تمتلكه مصر من مقوّمات تاريخية ولوجستية وطبيعية يؤهّلها لتقديم نموذج منافس عالمياً، ولا سيما إذا ارتبط المشروع برمز حضاري فريد هو الأهرام.
ويتوقع أن تتجاوز المكاسب الجانب السياحي لتشمل جذب كبريات شركات الإنتاج، وتوسيع نشاط شركات الخدمات، وتنشيط قطاع الترفيه، وزيادة الطاقة الفندقية، وتطوير البنية التحتية للنقل، وخلق آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، بما يضمن تحقيق عوائد سنوية كبيرة فور اكتمال المشروع.
نبض