سوريا تفتح مجدداً: وفد اقتصادي قريباً و500 شركة لبنانية جديدة في دمشق

اقتصاد وأعمال 17-11-2025 | 17:24

سوريا تفتح مجدداً: وفد اقتصادي قريباً و500 شركة لبنانية جديدة في دمشق

هل تكون العودة اللبنانية إلى سوريا خطوة أولى في كسْر عزلة اقتصادية… أم مغامرة في أرض لا تزال تحت الاختبار؟
سوريا تفتح مجدداً: وفد اقتصادي قريباً و500 شركة لبنانية جديدة في دمشق
العلم السوري يرفرف خارج سفارة البلاد في لندن بعد يوم من إعادة فتح البعثة الدبلوماسية (أ ف ب).
Smaller Bigger

في دمشق، التي أنهكتها الحرب ثم أعادتها الجغرافيا إلى صدارة الحسابات، تدور اليوم حركة غير مألوفة: لبنانيون يعودون إلى الاستثمار في الجارة التي عرفوها شريكا وصديقا وسوقا طبيعية لعقود. وفي بيروت، التي تختنق بأزمتها المالية، تفتح نافذة سورية تبدو لكثيرين أشبه بـ"خط نجاة" اقتصادي، فيما يراها آخرون مغامرة مبكرة محفوفة بالضباب السياسي والعقوبات. بين العاصمتين، يعاد وصل ما انقطع، ببطيء ولكن بثبات.

 

وزيرا المال اللبناني والسوري
وزيرا المال اللبناني والسوري

 

 

اللقاء الذي جمع وزير المال اللبناني ياسين جابر بنظيره السوري محمد يسر برينه في بيروت خلال المنتدى العربي للمالية العامة لم يكن اجتماعا بروتوكوليا عابرا. إذ تحول إلى منصة سياسية واقتصادية حملت إشارات واضحة: دمشق تفتح أبوابها مجددا أمام المال اللبناني، وبيروت تلتقط فرصة الانفتاح في لحظة إقليمية تتبدل فيها الرياح.

 

فالوزير السوري قدم عرضا صريحا: سوريا تتعافى تدريجيا، وتحتاج إلى شراكة لبنانية في مرحلة إعادة الإعمار. "الطاقات اللبنانية"، كما وصفها برينة، مهمة، والخبرة اللبنانية في المال والخدمات والتجارة عنصر لا يمكن الاستغناء عنه.

 

 

 

على الضفة اللبنانية، يقرأ رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير المؤشرات السورية على أنها بداية موجة استثمارية جديدة. المفاجأة كانت في الرقم الذي كشفه: أكثر من 500 شركة لبنانية جديدة سجلت رسميا في سوريا خلال أشهر قليلة، رقم يشي بشهية مفتوحة لدى القطاع الخاص.

 

ووفق ما قال شقير لـ"النهار" فإن الطلب في سوريا يمتد إلى كل القطاعات: السياحة، الضيافة، البناء، التجارة، التسويق، الخدمات… دولة أنهكتها الحرب تحتاج إلى كل شيء، وهذا بالضبط ما يراه المستثمر اللبناني فرصة نادرة."

 

إلى جانب ذلك، تتحدث دمشق عن تحديث تشريعات الاستثمار، تبسيط الإجراءات، وتوسيع التسهيلات، خطوات تعزز الانطباع بأن سوريا تستعد لمرحلة اقتصادية جديدة تواكب الانفتاح العربي المتدرج من الخليج إلى القاهرة فالرياض.

 

وعلى الرغم من أن العقوبات الغربية لا تزال تحاصر التعاملات المالية المباشرة، إلا أن المزاج الدولي، بحسب شقير "يميل تدريجيا نحو تخفيفها، أو على الأقل نحو مقاربة أقل تشددا. وهذا ما يفسر دخول عدد من رجال الأعمال اللبنانيين بالفعل إلى السوق السورية، فيما ينتظر آخرون اتضاح الصورة بشكل أكبر".

 

ومع هذه التطورات، كشف شقير عن وفد اقتصادي لبناني رفيع لزيارة دمشق قريبا، في خطوة تحمل طابعا عمليا لتثبيت الشراكات وإطلاق مشاريع مشتركة.

 

سباق على الوقت
في الوقت الذي تنشغل فيه معظم القوى الاقليمية بمحاولة حجز موقع مبكر لها في السوق السورية، يبدو المشهد اللبناني اكثر ارتباكا. فبين شركات تطرق ابواب دمشق بثقة، واخرى تتردد خوفا من الغموض السياسي والاقتصادي، تقف الاستثمارات اللبنانية اليوم عند مفترق حاسم: هل تتحول سوريا الى فرصة تاريخية تنقذ ما تبقى من الاقتصاد اللبناني، ام تصبح فرصة ضائعة تتفوق فيه دول اخرى بينما يكتفي لبنان بالمشاهدة؟

 

ريما فريجي، رئيسة شبكة القطاع الخاص اللبناني، ترى أن سوريا أصبحت ساحة جذب لدول عدة، من تركيا إلى إيران والإمارات، فيما بعض المستثمرين اللبنانيين يسابق الوقت: "من يدخل أولا يحجز موقعا أفضل في الإعمار"، تقول فريجي.

 

وتشير الى أن المزاج الاستثماري منقسم الى ثلاث فئات متمايزة: فئة متحمسة، ترى أن الفرص في سوريا لن تتكرر، وتعتقد أن الخطر الأكبر هو التأخر. هذه الفئة مستعدة للانطلاق وتوسيع وجودها، وتسعى إلى تثبيت شراكات مبكرة. وفئة حذرة، تنتظر إشارات سياسية واقتصادية أوضح. لا تعترض على المبدأ، لكنها ليست مستعدة للمخاطرة قبل رؤية استقرار أكبر أو إطار قانوني أكثر وضوحا. وفئة متخوفة، تعتبر أن المرحلة لا تزال ضبابية، وأن الدخول المبكر قد يعرضها لخسائر غير محسوبة.

 

بين الفئات الثلاث، يتواصل "جس النبض" في دمشق. الوفود والزيارات الاستطلاعية والاجتماعات غير العلنية باتت جزءا من المشهد، فيما السؤال المركزي يبقى: هل يمكن البناء على الاستقرار الحالي؟ وهل هو مستدام بما يكفي لاستثمارات طويلة الأجل؟ تجيب فريجي "لا أحد يملك جوابا نهائيا حتى الآن."

 

الاقتصاد اللبناني يمر بإحدى أسوأ مراحله منذ عقود. السوق المحلية تتقلص، والسيولة شبه مجمدة، والخطط الاقتصادية غائبة. في هذا السياق، تبدو سوريا واحدة من "الفرص القليلة" المتاحة أمام القطاع الخاص اللبناني. لكن النجاح، وفق فريجي، "لا يتحقق تلقائيا." بل يتطلب تنسيقا رسميا أوثق بين البلدين، ضمانات وإجراءات قانونية واضحة، وحركة دبلوماسية واقتصادية تحمي المستثمرين اللبنانيين، استراتيجية لبنانية موحدة تمنع أن تتحول المبادرات الفردية إلى خطوات متسرعة أو غير مدروسة.

 

ما يحدث اليوم قد يكون بداية فصل اقتصادي جديد في العلاقة بين بيروت ودمشق—فصلٌ لا يزال يُكتب، لكنه يحمل مؤشرات تقول إن لبنان قد يجد في سوريا جزءا من مستقبله الاقتصادي، كما تجد دمشق في بيروت شريكا طبيعيا لمرحلة إعادة البناء.

 

والسؤال:  هل تكون العودة اللبنانية إلى سوريا خطوة أولى في كسْر عزلة اقتصادية… أم مغامرة في أرض لا تزال تحت الاختبار؟

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

النهار تتحقق 11/17/2025 9:19:00 AM
منذ ساعات، يستحوذ الفيديو على اهتمام مستخدمين كثر تفاعلوا معه بآلاف اللايكات والتعليقات. ما قصته؟ 
النهار تتحقق 11/17/2025 11:20:00 AM
"هذه الصور وصلتنا قبل قليل للخلية التي ألقت عناصر من الأمن والداخلية السورية القبض عليها، وهي تابعة لحزب الله..."، تقول المذيعة. ما حقيقة هذا المقطع؟
العالم 11/17/2025 6:30:00 AM
لم يتم بعد الكشف عن طبيعة الحادث الذي تعرضت له الحافلة.
سياسة 11/16/2025 7:55:00 PM
يتمتع مرتينوس بخبرة تزيد عن 25 عاماً في ممارسة المحاماة، وقد شغل عدة مناصب داخل نقابة المحامين في بيروت قبل ترشحه للنقابة