ريما شاتيلا

شهد قطاع السياحة في دبي خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2025 أداءً قوياً، إذ استقبلت الإمارة نحو 12.54 مليون زائر دولي، بزيادة 5% عن العام السابق، ما يبرز قدرة دبي على استثمار موقعها الاستراتيجي وتحويل السياحة إلى محرك مباشر للنمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات العالمية.

كما ارتفع معدل الإشغال الفندقي إلى 78.5%، مع متوسط سعر يومي بلغ 526 درهماً، وهو ما يعكس التوازن الفعّال بين العرض والطلب. وقد تجاوز عدد الغرف الفندقية 152 ألف غرفة، مع حصة كبيرة للفنادق الفاخرة، ما يمنح دبي مكانة متميزة بين الوجهات السياحية الراقية عالمياً. ويظهر تنوع الأسواق المصدرة للزوار — من أوروبا الغربية ودول الخليج وجنوب آسيا — مرونة الإمارة في استقطاب شرائح سياحية متعددة وتحقيق عوائد اقتصادية مستقرة ومتنامية.

ويتضح التكامل بين السياحة والاقتصاد من خلال الأداء المالي للإمارة، حيث سجلت سوق دبي المالية مشتريات استثمارية أجنبية بقيمة 63.6 مليار درهم، مع صافي شراء إيجابي بلغ 4.33 مليارات درهم. وتشير هذه الأرقام إلى أن زيادة أعداد الزوار تعزز الاستثمار وتزيد السيولة في الأسواق المالية، مع دعم نمو قطاع العقار والضيافة، ليصبح كل رقم سياحي مؤشراً اقتصادياً مباشراً يعكس ديناميكية السوق وثقة المستثمرين العالميين.

وعززت البنية التحتية المتطورة هذا النمو، إذ احتل مطار دبي الدولي المركز الأول عالمياً في عدد الرحلات الدولية، بينما بلغ متوسط مدة الإقامة 3.6 ليالٍ، ما يدل إلى نجاح الإمارة في تحسين تجربة الزوار وتشجيعهم على البقاء لفترة أطول، بما ينعكس إيجاباً على الإيرادات السياحية ويضمن استدامة النمو الاقتصادي.

صورة تعبيرية (وكالات)

وفي مجال المشاريع النوعية، يمثل برج Ciel Tower نموذجاً لتحويل النمو السياحي إلى استثمارات فاخرة، إذ يضم أكثر من ألف غرفة وثمانية مطاعم، ما يجذب شرائح السياح الراقية ويزيد العوائد الاقتصادية للقطاع. وقد أثبتت دبي مرونتها أمام التحديات الإقليمية، مثل التوترات بين إسرائيل وإيران في حزيران/يونيو 2025، مع الحفاظ على استقرار النشاط السياحي والاقتصادي.

وتتجه دبي خلال 2026 وما بعده نحو مرحلة جديدة من النمو النوعي، مع خطط لرفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 450 مليار درهم واستقطاب 40 مليون نزيل فندقي سنوياً. وتشمل الاستراتيجيات تطوير منتجات وتجارب سياحية مبتكرة، تعزيز الكفاءات الوطنية، وتحفيز الاستثمار في الاقتصاد الأخضر.
وبذلك، يوضح قطاع السياحة في دبي كيف يمكن للاستثمار الذكي، البنية التحتية المتطورة، والتجربة السياحية المتكاملة، أن تجعل من الإمارة نموذجاً عالمياً للنمو الاقتصادي المستدام، وفرصة جذابة للمستثمرين والسياح على حد سواء، بما يتماشى مع رؤية الإمارات 2031 لبناء اقتصاد قائم على الابتكار والمعرفة.