فيمَ تستثمر: الذهب أم صناديق الذهب؟
وسط تقلبات الأسواق العالمية وصعود الدولار الأميركي، يظل الذهب خيار المستثمرين الموثوق لحماية القيمة وتحقيق الاستقرار المالي. في مقابلة مع "النهار"، تفتح كبير المحللين في أكيواندس أسيل العرنكي نافذة واضحة على عالم الاستثمار بالذهب، مفسرة الفروق الجوهرية بين امتلاك الذهب المادي والاستثمار في صناديق الذهب، مع نصائح عملية للمستثمرين على اختلاف أعمارهم وأهدافهم.
تشير العرنكي إلى أن أسعار الذهب شهدت تبايناً في تداولات الجمعة، مع تراجع الأسعار الفورية مقابل ارتفاع العقود الآجلة، وسط انتعاش الدولار. "الرسم البياني الشهري للذهب يظهر مكاسب متتالية لثلاثة أشهر، وارتفاعاً بأكثر من 15% منذ بداية العام، ما يعكس أداءً قوياً رغم التحديات الاقتصادية والسياسية"، تقول العرنكي.
وأضافت أن تصريحات رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول الأخيرة، التي أبقت الباب مفتوحاً أمام أي قرار بخصوص خفض الفائدة، أثرت على تذبذب السوق.
حول الفرق بين الاستثمار في الذهب المادي وصناديق الذهب، توضّح العرنكي أن الأمر يتركز على ثلاثة محاور: طريقة التملّك، السيولة، والتكلفة. فالذهب المادي يشمل السبائك والعملات الذهبية، ويعتبر وسيلة آمنة وطويلة الأمد لحفظ القيمة، مع مراعاة تكاليف التخزين والتأمين. "كبار السن يفضلون هذا الخيار لكونه أقل مخاطرة، بينما المستثمرون الأصغر سناً يبحثون غالباً عن أرباح أسرع عبر صناديق الذهب"، تضيف.
أما صناديق الذهب، فتتيح سهولة التداول والسيولة دون الحاجة لتخزين المعدن فعلياً. وتنقسم إلى نوعين: صناديق الاستثمار التقليدية، التي تُدار من قبل شركات مالية تستثمر في الذهب الفعلي أو أسهم شركات التعدين، وصناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، التي تتبع حركة أسعار الذهب العالمية أو الاستثمار في شركات التعدين، وتتميز بسهولة التداول عبر الأسواق العالمية.
وتشير العرنكي إلى أهمية فهم الهدف الاستثماري قبل الدخول إلى أي نوع من الصناديق أو الذهب المادي، مع طرح أسئلة أساسية على النفس مثل: هل الاستثمار طويل أم قصير الأمد؟ هل الهدف الحماية من التضخم أم تحقيق أرباح سريعة؟ كما تنصح بتوزيع الاستثمار بين الذهب الفعلي وصناديق الذهب لضمان إدارة أفضل للمخاطر وتحقيق التوازن المالي.
وحول الأداء العالمي لصناديق الذهب خلال عام 2025، تسجل العرنكي زيادة ملحوظة. "حسب بيانات مجلس الذهب العالمي، بلغت التدفقات المالية نحو صناديق الذهب العالمية 38 مليار دولار خلال النصف الأول من العام، مع وصول إجمالي الحيازات إلى 3615.9 طناً، وهو الأعلى منذ آب/أغسطس 2022".
وأوضحت أن النمو جاء مدفوعاً بشكل أساسي بصناديق التداول الأميركية، مع زيادة ملموسة في الصناديق الآسيوية بنسبة 28% من صافي التدفقات العالمية، ما يعكس إقبال المستثمرين على الذهب كملاذ آمن في ظل تقلبات الأسواق.
أما عن المخاطر، فتوضح العرنكي أن صناديق الذهب ليست مضمونة بنسبة 100%، فالعائد يعتمد على إدارة المحفظة، توقيت الشراء، والأداء التاريخي للذهب. لكنها تبقى أداة فعّالة لتنويع المحفظة الاستثمارية وتقليل المخاطر، خاصة إذا دمجت مع أصول وأسواق أخرى.
وتتطرق العرنكي أيضاً إلى التحولات المالية في المنطقة، مشيرة إلى انطلاقة السعودية التاريخية في جذب رؤوس الأموال العالمية ضمن رؤية 2030، مع توقع انتشار هذا الحراك في دول الخليج ومصر، حيث يزداد الطلب على أدوات الاستثمار في الذهب.
وفي ختام الحديث، تقدم نصيحتها للمستثمرين بعد وصول الذهب إلى مستويات قياسية فوق 4000 دولار للأونصة: "ثبات الذهب عند هذا المستوى يعكس قوة الزخم، ومع ذلك يُنصح بالتفكير كمسثمر طويل الأمد، وتنويع المحفظة بين الذهب الفعلي وصناديق المؤشرات المتداولة، وأيضاً بين أصول وأسواق متعددة، لضمان استراتيجية استثمارية متوازنة ومستدامة".
نبض