هل انتهى بريق الذهب… أم نحن أمام بداية جديدة للعبة؟
في خضم ترقّب الأسواق لقرار الاحتياطي الفدرالي الأميركي المنتظر بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، تتزايد التساؤلات بين المستثمرين والمتداولين: هل تراجع الذهب يعني نهاية الاتجاه الصاعد؟ أم أن ما نراه اليوم ليس سوى تصحيح موقت قبل انطلاقة جديدة؟
في الأيام الأخيرة، اقترب الذهب من أدنى مستوياته في أكثر من أسبوعين، وسط عمليات جني أرباح بعد موجة ارتفاع قوية. التحليل الفني يشير إلى تشكّل نمط Double Top على الإطار اليومي وظهور حرف M على الرسم البياني لأربع ساعات، وهي إشارات قد تدل على احتمال تراجع قصير المدى قبل أن يستعيد الذهب زخمه من جديد.
لكن بعيداً عن ضجيج الأخبار اليومية، يبقى المبدأ الأهم هو النظر إلى الذهب كاستثمار طويل الأجل.
فالمستثمر الذي يشتري الذهب الفعلي (Physical Gold) عليه أن يتبع استراتيجية الشراء المنتظم: مرة كل شهر، أو كل ثلاثة أشهر، أو حتى سنوياً، بحسب قدرته المالية.
بهذه الطريقة، يتم توزيع تكلفة الشراء على فترات زمنية مختلفة، ما يخفف من أثر تقلبات الأسعار ويحقق متوسطاً أكثر استقراراً للشراء.
أما بالنسبة إلى المتداولين في الأسواق الفورية أو العقود، فيُنصح بمراقبة مؤشر ATR (معدل التذبذب الحقيقي)، الذي يسجّل حالياً نحو 139 نقطة يومياً، ما يعكس ارتفاع حدة الحركة السعرية.
وفي ظل هذه التقلبات، تبرز أهمية إدارة الأخطار، وتجنّب ترك الصفقات مفتوحة حتى نهاية اليوم، لأن الأسواق لا تتحرك وفق التوقعات الشخصية، بل وفق تدفقات السيولة واتجاهات المستثمرين العالميين.

الفضة والنفط… وجهان آخران للمشهد
الحديث عن المعادن لا يكتمل من دون ذكر الفضة التي تجمع بين صفتي الملاذ الآمن والمعدن الصناعي.
ومع تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي، تراجع الطلب الصناعي نسبياً، ما انعكس على أداء الفضة في المدى القصير. لكن مع ترقّب خفض أسعار الفائدة، قد تستعيد الفضة زخمها، خصوصاً إذا ضعف الدولار الأميركي وارتفع الطلب على الأصول البديلة.
ويرى محللون أن المستويات الحالية تمثل فرصة شراء تدريجية، خصوصاً لمن يبحث عن تنويع في محفظته الاستثمارية إلى جانب الذهب.أما النفط، فيبقى أكثر الأصول حساسية لتقلبات العرض والطلب.
ضغوط الأسعار مستمرة نتيجة تباطؤ الاقتصاد العالمي وزيادة الإنتاج في بعض دول OPEC+، إلا أن أي خفض للفائدة من قبل الفيدرالي قد يمنح الأسواق دفعة نفسية إيجابية، من خلال تحفيز النمو والطلب على الطاقة.لكن هذه التأثيرات تبقى محدودة ما لم يترافق ذلك مع تحسّن فعلي في البيانات الاقتصادية.
ماذا بعد قرار الفدرالي الأميركي؟
إذا قرر الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة بمقدار 0.25% كما تتوقع الأسواق، فسيكون لذلك تأثير مباشر على أهم الأصول:
-الذهب والفضة: الخفض يعني تراجع العوائد على السندات والدولار، ما يعيد توجيه السيولة نحو المعادن الثمينة ويزيد جاذبيتها كملاذ آمن.
-النفط: قد يستفيد من تحسّن التوقعات الاقتصادية قصيرة الأجل، لكن الاتجاه العام سيظل مرهوناً بوتيرة الطلب العالمي.
-الأسهم والسندات: عادة ما يدعم خفض الفائدة أسواق الأسهم بفضل التمويل الأرخص، في حين قد تتراجع عوائد السندات مع ازدياد الإقبال عليها.
في النهاية، يمكن القول إن الذهب لم يفقد بريقه، بل يعيد ترتيب أوراقه استعداداً للمرحلة المقبلة.
الهبوط الحالي قد يكون فرصة، لا تهديداً. فالقيمة الحقيقية للذهب لا تُقاس بسعر الأونصة في يوم واحد، بل بقدرته على الصمود عبر الزمن.
نبض