سؤال الأزمة الاقتصادية الآتية!
التاريخ لا يُعيد نفسه، لكنه يمدّنا بأنماط مستعادة. والتاريخ الاقتصادي لا يشذّ عن هذه القاعدة، إلا إن كنا نهوى تجاهل الأنماط المكررة واقتراف الخطايا نفسها.
هذا ما طرأ لي وأنا اسمع أندرو بيلي محافظ بنك إنكلترا، الأسبوع الماضي، يدقّ ناقوس الخطر من أزمة عالمية، من دون أن يدعو الناس إلى الهلع. بحسبه، انهيار شركتي "فيرست براندز" لتصنيع قطع غيار السيارات و"تريكولور" لتجارة السيارات الأميركيتين ليس بفألٍ اقتصادي حسن، بل هو تذكير بما كانت عليه الأسواق عشية أزمة 2008 المالية، والتذكير وحده يدفعنا إلى مجاهل الخوف.
إن صحّ منه القول – وبيلي خبير بما يقول - فهذا يعني أن انهيار الشركتين لا يتعلق بهما فحسب، أي خرج الأمر من أزمةٍ فردية إلى جماعية تمثل آفةً حقيقيةً في النظام المالي الدولي، خصوصاً أن الكلام اليوم يدور حول أشكال وأساليب في التعاملات المالية، هي نفسها التي ساهمت في انفجار أزمة 2008.
ما أخفاه العزيز بيلي، أفشته نائبته سارة بريدن: فقد نبّهتنا إلى ما سمّتها نقاط ضعف وتعتيم ورافعة مالية وضعف في معايير الاكتتاب... وقالت صراحةً: "نعرفُ أن هذه أوجه شبه مع مسببات أزمة 2008 المالية العالمية، ولا نعرف بعدُ مدى تأثير هذه العوامل في الاقتصاد الكلي".
حتى لو هوّنت الفاضلة بريدن علينا مأساةً تنتظرنا وراء منعطف قريب، وحتى لو استمرت الأسواق في سلوكها اليومي كأن شيئاً في أميركا لم يكن، وحتى لو استمر تمرّد الذهب وهيمنة الدولار وتضخم أميركا وفائدة الفيدرالي وجمارك ترامب ودلع "أوبك بلاس" النفطي، فإن حكمة التاريخ - الذي لا نعرف اليوم إن كان يريد فعلياً أن يكرر أمامنا أنماطه نفسها – تقول إن الأزمات الكبيرة لا تبدأ كبيرةً، وإن عظيم النار من مُستصغرِ الشرر... وما نُلاحظه من أزمات صغيرة نار تحت رماد.
فمن يكون الإطفائي؟
نبض