التوازن الاستراتيجي: الخليج في مواجهة التوتر الأميركي – الصيني

دول الخليج تمضي بحذر بين الولايات المتحدة والصين، وسط تصاعد التوترات الاقتصادية الجيوسياسية بين القوتين العظميين، وفق ما أفاد مسؤولون ومراقبون في المنطقة.
وفي صلب هذه الاستراتيجية، يركز أعضاء مجلس التعاون الخليجي الست على تعميق العلاقات التجارية والاستثمارية العالمية مع الحد من الاعتماد على النفط.
ويقول خبراء إن هذا الدفع نحو التنمية يعتمد على موازنة العلاقات مع واشنطن وبكين، مستفيدين من الأمن ورأس المال الأميركي، ومن التجارة والاستثمار والبنية التحتية الصينية.
وأكد جاسم محمد البدواوي، الأمين العام للمجلس، على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي السنوية في واشنطن الأسبوع الماضي، أن المجلس “فخور” بتعاونه الوثيق والمتنامي مع الولايات المتحدة في مجالات الدفاع والتكنولوجيا وغيرهما.
وفي الوقت نفسه، يحافظ المجلس على “شراكة استراتيجية مهمة جداً مع الصين”، فيما تُعدّ دول الاتحاد الأوروبي من بين “أكبر عملائه”، مشيراً إلى أن اتصالات مماثلة تجري في جنوب وشرق آسيا، وآسيا الوسطى، وأفريقيا، ومناطق أخرى.
وقال البدواوي: “نحن موجودون في كل مكان، وهذا أحد أبرز عناصر علامتنا المميزة”.
وتشهد العلاقات بين واشنطن وبكين منذ عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، حرب رسوم جمركية متقطعة، حيث هدّدت الإدارة الأميركية مرة أخرى بفرض رسوم بنسبة 100% على الصين في وقت سابق من هذا الشهر.
لكن التوترات بين القوتين تمتد لسنوات عدة وعبر إدارات مختلفة، وتشمل صراعاً على التفوّق في التكنولوجيا المتقدمة، وسيطرة الصين على سلسلة التوريد في قطاع التعدين، وعدة قضايا أخرى.
وكانت دول الخليج والشرق الأوسط في قلب هذا التنافس، فيما تتسابق الولايات المتحدة والصين على النفوذ في المنطقة، لكنها حتى الآن نجحت في الحفاظ على علاقات ودية مع الجانبين.
وقال فهد ناصر، المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن، في حدث آخر الأسبوع الماضي: “نعتقد أن ‘الكعكة’ كبيرة بما يكفي للجميع، ونحن لا نبني علاقات مع دول فحسب، بل مع مناطق بأكملها، خاصة في السنوات الأخيرة”.
وأشار إلى أن أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأفريقيا تشكّل فرصاً واعدة للمملكة.
ولا تزال الصين أكبر شريك تجاري للمملكة وأكبر مشترٍ للنفط، كما تؤدي شركات البناء الصينية دوراً رئيسياً في دعم برنامج رؤية 2030 للتنويع الاقتصادي، ولدى الشركات السعودية “استثمارات كبيرة” في قطاع الطاقة الصيني، وفقاً لناصر.
وأضاف: “لا يمكن تجاهل الصين، وبالفعل لا ينبغي تجاهلها. حقيقة أننا نقوّي العلاقات مع الصين أو الهند أو غيرهما من الدول… لا يأتي على حساب العلاقات الطويلة الأمد مع الدول الأخرى”.
وقال محمود العويني، الأمين العام لوزارة المالية العمانية، في المؤتمر نفسه، إن بلاده ومنطقة الخليج ككل تستفيد من النموّ العالمي والتعاون داخل الشرق الأوسط ومع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والهند والصين وحول العالم.
وأضاف: “نحن أصدقاء لكل الدول، بصراحة، عندما يتعلق الأمر بقرارات الاستثمار”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تؤدي “دوراً رئيسياً” في ضمان الاستقرار ووضع قواعد واضحة للتعامل، ما يؤدي إلى التوسع الاقتصادي ويفيد المنطقة في نهاية المطاف.
وأشار الخبراء إلى أن بعض المجالات، مثل التكنولوجيا المتقدمة، باتت أكثر تعقيدًا، إذ تسعى الولايات المتحدة بشكل خاص إلى استبعاد الصين من الخليج مقابل تقديم أفضل عروضها المتقدمة.