ابتكر باحثون مشروعاً رقمياً جديداً يُدعى "Itiner-e" شبيهاً بـ"خرائط غوغل" مخصّص للطرق الرومانية القديمة. ويُعيد البرنامج التفاعلي رسم شبكة الطرق التي امتدت عبر الإمبراطورية الرومانية من أوروبا وبريطانيا وصولاً إلى شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

تشير الخرائط عالية الدقة إلى وجود نحو 300 ألف كيلومتر من الطرق، أي ضعف ما كان يُعتقد سابقاً. وتُظهر البيانات الجديدة كيف تنقّلت الشعوب والبضائع والأفكار وحتى الأمراض قبل آلاف السنين. وقال عالم الآثار توم بروغمانز من جامعة آرهوس في الدنمارك لمجلة "نيتشر" إنّ "مثل هذه الاكتشافات تساعدنا على فهم التحديات التي نواجهها اليوم".

قاد الباحث باو دي سوتو فريق العمل الذي عرض منهجيته ونتائجه في دراسة نُشرت حديثاً في مجلة "Scientific Data". اعتمد الفريق على تحديد الطرق من مصادر أثرية وتاريخية، ومقارنتها بخرائط طبوغرافية قديمة وحديثة وصور استشعار عن بُعد، قبل رقمنتها وإرفاقها ببيانات دقيقة حول كل مقطع منها ومستوى التأكد من موقعه. وعلى الرغم من أن أجيالاً من العلماء حاولت دراسة الطرق الرومانية على نطاق محلي، فإن عمليات المسح الرقمية الشاملة للإمبراطورية تبقى نادرة.

جانب من خريطة تُظهر طريقاً رومانياً. (Itiner-e)

ومن بين أهم المصادر التاريخية التي استند إليها المشروع "الطريق الأنطوني" (Antonine Itinerary) و"خريطة بوتينغر" (Tabula Peutingeriana)، وهما مسحان يُعتقد أنهما أُنجزا في عهد الإمبراطور أوغسطس. ويُبنى المشروع أيضاً على جهود مؤسسات أكاديمية مثل مركز رسم خرائط العالم القديم في جامعة نورث كارولاينا ومبادرة "Mapping Past Societies" في هارفرد.

وتعوّض الخريطة الرقمية الجديدة ثغرات "أطلس بارينغتون للعالم اليوناني والروماني" (2000) من خلال إمكانية النقر على أكثر من 14 ألفاً و700 مقطع طريق موثّق، ما يتيح للمستخدم الاطلاع على تفاصيله: هل هو طريق رئيسي أم ثانوي، مدى دقة تحديد موقعه (مؤكد أو افتراضي أو تخميني)، وفترة إنشائه. كما يمكن مقارنة الطرق القديمة بشبكات الطرق الحديثة، مع توثيق مصدر كل مقطع على حدة.

ويقرّ الباحثون بحدود عملهم ويدعون إلى مزيد من البحث، قائلين إنّ "أكبر التحديات تتمثّل في غياب أدلّة زمنية دقيقة لتأريخ إنشاء الطرق أو تغيّرها على مستوى الإمبراطورية بأكملها". ومع ذلك، فقد نجحوا في بناء أرشيف غني للشرايين التي مكّنت الرومان من مدّ نفوذهم عبر القارات والمحيطات.