افتتاح المتحف المصري الكبير: 5 أفلام رسمت ملامح مصر القديمة
تفعل مصر اليوم ما سعت السينما للقيام به طوال قرنٍ كامل: أن تجمع القصة الفرعونية تحت سقفٍ واحد. مع افتتاح المتحف المصري الكبير أخيراً على هضبة الجيزة، حيث يُعرض كنز توت عنخ آمون كاملاً، ويستقبل رمسيس الثاني الزوّار بوقاره الملوكي، تقدّم مصر بياناً بصرياً وسياسياً وسياحياً حول ذاكرتها الحضارية وتعيد رواية تاريخها.
يُعدّ هذا اليوم فرصةً مثالياً للعودة إلى أبرز الأفلام التي حاولت، كلٌّ في عصره وبدرجات متفاوتة من الدقة التاريخية، أن تحقّق ما يفعله المتحف المصري الكبير اليوم، وهو إحياء مصر القديمة على نطاقٍ أسطوريٍّ ضخم. من الملاحم الهوليوودية الدينية إلى أهرام الخمسينيات اللامعة بتقنية "سينما سكوب"، تبقى هذه الأفلام من الأفضل لكلّ من يستهويه تاريخ الفراعنة ومصر القديمة، وهي مستندة إلى مصادر موثوقة ومتعددة.
غير أنّه، عبر عقودٍ طويلة، قدّمت السينما العالمية صُوَراً نمطية ومبالغاً فيها عن الحضارة الفرعونية، مزجت بين الواقع والأسطورة، وتغذّت على الظواهر الخارقة و"اللعنات"، واستندت إلى الخيال الرومانسي والمغامرات الغامضة أكثر مما استندت إلى الحقائق التاريخية، في محاولة لصناعة دراما مشوّقة تجمع بين الغموض والافتتان بعظمة مصر القديمة.
"كليوباترا" (جوزف مانكيويتس، 1963)
على رغم أنه يتناول المرحلة البطلمية المتأخرة، فإنّه يُقدّم صورة سينمائية مميّزة لآخر حكّام مصر. كاد يُفلس استوديو "توينتيث سنتشري فوكس" في سعيه لجعل إليزابيث تايلور أيقونة خالدة لتجسيد كليوباترا.

بعد انتصار يوليوس قيصر على بومبيوس، تراهن كليوباترا السابعة على استعادة عرشها والحفاظ على استقلال مصر. تبدأ بتحالفٍ وعلاقةٍ مع قيصر، ثم، بعد اغتياله، مع مارك أنطونيوس، محاولةً اللعب بسياسة القوة الرومانية من الإسكندرية. حكمها المتألق سرعان ما ينهار أمام صعود أوغسطس، لينتهي بموتها وانتهاء الحكم الفرعوني. أربع ساعات من الملحمة تجمع بين الإمبراطورية والإغراء والسياسة.
"أرض الفراعنة" (هوارد هوكس، 1955)
الفيلم الكلاسيكي الوحيد الذي يُظهر عملياً كيف بُني الهرم وكيف اكتمل. حوّل هوكس عملية البناء إلى ملحمة هندسية مشوّقة؛ ومن بين معجبيه المخرج مارتن سكورسيزي.

خوفو، الفرعون المهووس بنقل كنوزه بأمان إلى الحياة الأخرى، يستعبد الآلاف لبناء هرمٍ لا يمكن للصوص اختراقه. يعقد صفقة مع "فاشتر"، المعماري الأسير، لتصميم مقبرة ذاتية الإغلاق مقابل حرية شعبه. ومع مرور العقود، تُنهك مصر بالمشروع، وتتآمر الملكة الطموحة "نيلفير" داخل القصر. ذروة الفيلم - لحظة إغلاق المقبرة - لا تزال من أعظم مشاهد السينما في الخمسينيات.
"المصري" (مايكل كورتيس، 1954)
فيلم مقتبس من رواية للفنلندي ميكا فالتاري، ويدور في عهد أخناتون، وهو من الأفلام القليلة التي تناولت الثورة الدينية في مصر القديمة - الانتقال نحو عبادة آتون - من داخل البلاط الملكي. فيلم مثالي لكل من يريد أن يُلقي نظرة على جزء مهم من تاريخ مصر القديمة.

سنوحي، فتى فقير يصبح طبيباً في البلاط، يدخل الدائرة المقربة من أخناتون، الذي يحلم بتوحيد العبادة في إلهٍ واحد هو الشمس. يرى سنوحي كيف يمكن لحاكمٍ رؤيوي أن يكون ساذجاً سياسياً في الوقت نفسه؛ فالكهنة يتمرّدون، والقادة يتآمرون، وتغدو تناقضات البطل الأخلاقية - بين الحب والطموح والخيانة - انعكاساً لانهيار حلم مصر الجديدة وعودتها إلى تقاليدها القديمة.
"الوصايا العشر" (سيسيل ب. ديميل، 1956)
لا يزال النموذج الأوضح للمواجهة بين فرعون والنبي موسى الذي تربّى في القصر الملكي. صُوّر جزئياً في مصر، وبُنيت له ديكورات ضخمة، ولا يزال يُدرَّس حتى اليوم كقالبٍ للملحمة الدينية المصرية على الشاشة.

في مصر الحديثة العهد، يُنقذ الطفل موسى من قرار فرعون بقتل المواليد، ويُربّى كأمير مصري، ليصبح قائداً عسكرياً ومعمارياً عظيماً. حين يكتشف أصله العبري ويشهد معاناة قومه، يواجه رمسيس مطالباً بتحريرهم. يرفض الفرعون، فتبدأ الضربات الإلهية وتنتهي بخروج بني إسرائيل وشقّ البحر الأحمر، حيث يقود موسى شعبه إلى الحرّية ويتلقى الوصايا العشر.
"المومياء" (ستيفن سومرز، 1999)
أعاد الفيلم إحياء نوع "مغامرات مصر القديمة" بميزانية ضخمة، جامعاً بين الرعب الخارق والمغامرة الرومانسية، ومكرّساً مصر كفضاءٍ أسطوري لصيد الكنوز واللعنات. ويجسّد كيف حوّلت السينما ماضي مصر إلى أسطورةٍ شعبية.
في مصر نحو عام 1290 قبل الميلاد، يقع الكاهن الأعلى إمحوتب في علاقةٍ محرّمة مع عشيقة الفرعون سيتي الأول عنخس إن آمون. بعد انكشاف الخيانة، يقتلان الفرعون ويفران إلى مدينة الأموات "حمنعتر"، لمحاولة إحيائها بالسحر.

في القاهرة عام 1926، يلتقي المغامر الأميركي ريك أوكونيل بعالمة الآثار إيفلين كارنَهان وشقيقها جوناثان، اللذين يجبرانه على إرشادهما إلى "حمنعتر" بحثاً عن كنزٍ مفقود. هناك تسرق إيفلين "كتاب الموتى" وتقرأ تعويذة تُعيد إمحوتب إلى الحياة. يبدأ الكاهن الملعون بالانتقام، مطلقاً اللعنات والعواصف والرعب في مصر، بينما يحاول ريك وإيفلين وجوناثان إيقافه قبل أن يبعث عنخس إن آمون ويغرق العالم في الفوضى.
نبض