النجمة العالمية شو كي لـ"النهار": ذات سنة مثَّلتُ في 14 فيلماً

بدأت النجمة التايوانية شو كي مسيرتها الفنية كعارضة أزياء في هونغ كونغ، حيث تصدّرت صفحات النسخة الصينية من مجلة "بلايبوي"، مستعرضةً مفاتنها. لكن انطلاقتها السينمائية الحقيقية لم تتأخّر، فجاءت مع "فيفا إيروتيكا" لمنغ كياو، عمل كوميدي إيروسي حاز شهرة واسعة في التسعينات، ومنحها جائزة أفضل ممثّلة مساعدة. إلا أن التحوّل الفعلي في مسارها الفنّي حصل مطلع الألفية، حين اختارها المخرج الكبير هو شياو شيين لبطولة "ميلينيوم مامبو".
في هذا الفيلم الرؤيوي، تؤدّي شو كي شخصية فيكي، التي تطلّ في عام 2011 لتروي للمُشاهد تفاصيل حياتها قبل عشر سنوات، عندما كانت تعيش صراعاً عاطفياً. يكفي التحديق في وجهها الأيقوني الذي يحتل ملصق الفيلم، حتى يقع المتفرج تحت تأثير سحرها الفوري. استمر تعاونها مع هو شياو شيين في فيلمين بارزين، "ثلاثة أزمنة" و"القاتلة"، ما رسّخ حضورها كممثّلة ناضجة قادرة على خوض التجارب السينمائية الرفيعة، بعيداً من الأدوار التي طبعت بداياتها. رغم ذلك، لم تغب شو كي عن السينما الجماهيرية ذات الانتشار الواسع، فقد شاركت في أفلام حقّقت إيرادات عالية مثل "حياة جميلة" لأندرو لو و"رحلة إلى الغرب" لستيفن شاو. كما لفتت الأنظار دولياً من خلال مشاركتها في الجزء الأول من سلسلة "ذا ترانسبورتر"، إخراج لوك بيسون، إلى جانب جايسن ستاثام. قبل أيام، التقيناها خلال مشاركتها في مسابقة مهرجان البندقية السينمائي، حيث حضرت لتقديم أولى تجاربها في الإخراج من خلال "فتاة". باكورتها هذه تستعرض رحلة نضوج شابة تكتشف ذاتها، وتسعى إلى فهم الحرية وسط توتّرات عائلية وضلالات الماضي.
* "فتاة" هو فيلمك الأول كمخرجة. احكي لي كيف خطر في بالك الانتقال من التمثيل إلى الإخراج.
- كان ذلك قبل 12 سنة. في لحظة، كنت أتناقش مع المخرج هو شياو شيين عن مستقبلي كممثّلة، فسألني لماذا لا أجرب الإخراج. استغربتُ وقلتُ في نفسي "لمَ أنا؟". بعد عامين، التقينا مجدّداً فأراد أن يعرف ماذا حلّ بالفكرة، فصحتُ: "واو، اذاً أنت جديٌّ في اقتراحك!". منذ ذلك الحين، صرتُ أعمل على نصّ سينمائي وتطلّب منّي عشر سنوات قبل ان أنجزه وأصل به إلى هنا.
* كونكِ لم تدرسي السينما أكاديمياً، هل يمكن القول أنكِ تعلّمتِ صناعة الأفلام فقط من خلال المشاهدة؟
- إني ممتنة جداً لكلّ الذين قابلتهم واشتغلتُ وإياهم خلال عملي كممّثلة. لا تنس أنني في هذا المجال منذ 30 سنة، وراكمتُ بالتالي الكثير من التجارب والدروس عبر الزمن مع الكبار الذين أداروني. شيء واحد لم أكن أعيه قبل خوض هذه المغامرة هو ان الإخراج عملية صعبة ومنهكة، ولكن ما ساعدني هو أني محوطة بأناس بارعين في شغلهم. كما أنني ظهرتُ في جانرات سينمائية مختلفة. كممثّلة، أثّر فيّ هو شياو شيين كثيراً. ومن أجل أنجاز فيلمي الأول، نصحني ان أحكي عن مادة أعرفها جيداً، كالدراما المرتبطة بالطفولة، إلخ. شعرتُ انه من المستحسن لي العودة إلى تايوان الثمنانيات، أي قبل 40 عاماً، ومرة جديدة أتّخذتُ من فيلم هو شياو شيين، "زمنٌ للعيش، زمنٌ للموت"، مرجعاً لي. نرى الشخصيات وهي مندمجة جداً في البيئة حيث تعيش. درسٌ آخر تعلّمته من هو شياو شيين وأفادني كثيراً: عمق الكاراكتيرات. كنت جد محظوظة بوجود هؤلاء الممثّلين والممثّلات من حولي. أحد الممثّلين ما إن استلم السيناريو حتى راح يشتغل على نفسه للدخول في الدور. صبغ شعره ونمّى عضلات جسده. التفاعل مع الممثّلين بطريقة مختلفة هو ما تعلّمته من هو شياو شيين، الأمر الذي يساعد في الانجراف مع الأجواء.
* بما أنكِ تأتين من خلفية تمثيلية، والتمثيل في هذا الفيلم يحتل مرتبة مهمّة، دعيني أسألكِ: هل من الصعب التعامل مع الممثّلين عندما تكون المخرجة نفسها ممثّلة؟
- عملتُ مع عدد كبير من السينمائيين الذين يخرجون ويؤدّون أدواراً في أفلامهم، وبصراحة قد يكون الأمر مربكاً للممثّل. لماذا؟ لأنني حين كنت أقف أمامهم في موقع التصوير، كان يخالجني شعور بأنهم يقيّمونني أو يراقبونني، أكثر من كونهم يتفاعلون معي بصدق داخل الدور. بالنسبة إليهم الأمر مختلف، فكلّ شخصية سبق أن جابهوها في مخيلتهم مئات المرات، وكأنهم يعرفون روحها من الأعماق قبل أن يقدّموها على الشاشة. مع الوقت أدركتُ أنني لا أستطيع أن أنقل هذه العادة إلى الآخرين. لذلك، صرتُ أحرص على خلق بيئة تمنح الممثّل فرصة الدخول في الشخصية بشكل طبيعي وتلقائي. من هنا جاء تأثّري الكبير بهو شياو شيين، إذ إن جوهر عمله قائم على بناء مثل هذا المناخ الخلّاق. فعندما يدخل الممثّل في الشخصية، يكون قد قطع أكثر من نصف الطريق نحوه، وهذا أمر جوهري. من جهتي، أستطيع كمخرجة أن ألجأ إلى أساليب متعدّدة: كأن أجسّد الشخصية أمام الممثّل أولاً، أو أبتكر له مواقف مفاجئة تستدرج منه رد فعل أكثر صدقاً وعفويةً. وبما أنني كنت ممثّلة قبل أن أصبح مخرجة، فإنني أمتلك خبرة تمكّنني من مساعدة الممثّلين في الغوص في أدوارهم والانغماس فيها بسهولة أكبر.
* هل ستواصلين من الآن فصاعداً الانتقال بين التمثيل والإخراج؟
- نعم، التوازن بين الإخراج والتمثيل يحمل بلا شك الكثير من التحديات. أما عن خططي المستقبلية، فبعد أن أنهيتُ هذا الفيلم وجدتُ نفسي أواصل مشروعي، فخرجتْ منّي ثلاث قصص دفعة واحدة. إذا قُدِّر لإحداها أن تتحقّق وتتحوّل إلى فيلم، فسأكون قادرة على المضي قدماً إلى القصّة التالية، واستمر في هذا المسار الذي اخترته لنفسي.
* سمعتُ أن رقمك القياسي في عدد الأفلام التي مثّلتِ فيها خلال عام واحد بلغ الثمانية.
- لا بل 14 فيلماً (ضحك وابتسامة لا تُقاوَم).