هل شاهد الإيرانيون مسلسل "معاوية"؟

ثقافة 27-03-2025 | 09:22

هل شاهد الإيرانيون مسلسل "معاوية"؟

الصورة التي رسمها المسلسل لا تتّسق بالكامل مع معتقدات عموم الإيرانيين وأفكارهم ورؤيتهم
هل شاهد الإيرانيون مسلسل "معاوية"؟
لجين إسماعيل بدور معاوية في المسلسل.
Smaller Bigger
عرضت مجموعة "MBC" التلفزيونية السعودية في رمضان الجاري مسلسل "معاوية". وكان إنتاج هذا العمل الدرامي العربي قد انطلق قبل سنتين، ورُصدت له موازنة ضخمة تُقدر بنحو 100 مليون دولار. ويتناول المسلسل سيرة معاوية بن أبي سفيان مؤسس السلالة الأمويّة التي حكمت البلاد الإسلامية لنحو قرن من الزمن، في الفترة بين 661 و750 للميلاد.

منعت إيران والعراق بث المسلسل عبر القنوات التلفزيونية ومنصات العرض الرسمية، ما جعل الجماهير حريصة على مشاهدته عن طريق القنوات الفضائية وتحميله عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وعلى رغم عدم توافر أرقام رسمية عن نسبة مشاهدة "معاوية" في إيران، تشير المعطيات المادية المتوافرة في المجتمع، إلى أن هذا المسلسل حظي بمشاهدة في البلاد.

وتملك إحدى قنوات تلغرام التي تبثّ المسلسل بترجمة فارسية، 375 ألفاً و582 عضواً حتى ساعة كتابة هذا المقال، وبعض مواد القناة شوهدت لأكثر من 700 ألف مرة، وهو ما يعكس توجهاً لمشاهدة المسلسل، رغم أن بعض وسائل الإعلام التابعة للتيار الرسمي في إيران تسعى جاهدة للإيحاء بأن "معاوية" لا يحظى بالجاذبية ولا بترحيب المتلقين الإيرانيين.

خلال السنوات الماضية، كانت المسلسلات ذات المضامين الدينية والتاريخية والكوميدية والمعنوية، تستقطب الكثير من المشاهدين والمتلقين في إيران، لكن خلال السنوات الأخيرة، وعلى خلفية تراجع جودة المنتجات التلفزيونية، وطبعاً بعض التطورات السياسية والاجتماعية التي ساهمت في ابتعاد قطاع من الجماهير عن الإعلام الرسمي وتنامي تكنولوجيا الاتصالات،  انخفضت أعداد المستمعين والمشاهدين المتابعين للإذاعة والتلفزيون الرسميين بشدة، لأنهم  باتوا يملكون خيارات وإمكانات أوسع لمشاهدة المحتوى الذي يصبون إليه.

"الحشاشين"
كان التوجه لمشاهدة المسلسلات التاريخية عبر الشبكات الدولية، قد بدأ العام الماضي مع عرض مسلسل "الحشاشين"، بيد أنّ نسبة الإقبال على مشاهدة مسلسل "معاوية"، تبدو أكبر من نسبة متابعي "الحشاشين".

إن رغبة الإيرانيين وحرصهم على متابعة المسلسلات التاريخية لهما ماضٍ وتاريخ طويل بطبيعة الحال. وكانت بعض المسلسلات المُنتجة في إيران في الأعوام الماضية بما فيها "الإمام علي" و"أكثر القادة وحدة" (سيرة الإمام الحسن) و"ولاية العشق" (سيرة الإمام الرضا) و"أمير كبير" و"سربداران" و"مختارنامه"،  لقيت إقبالاً واسع النطاق من المشاهدين. حتى إنّ الإيرانيين رحّبوا وأقبلوا على مشاهدة الدراما التاريخية التي أُنتجت في تركيا بما فيها "أرطغرل غازي" و"عثمان"، والتي تناولت سيرة سلاطين السلالة العثمانية.

غير أن مسلسل "معاوية"، يمكن البت فيه في إيران من زاوية أنّ الصورة التي يرسمها عن الشخصيات المهمة والمؤثرة في تاريخ الإسلام بمن فيها أبو بكر وعمر وعثمان وأبو سفيان ومالك الأشتر، وخصوصاً معاوية، لا تتسق بالكامل مع معتقدات عموم الإيرانيين وأفكارهم ورؤيتهم، رغم أنّ المسلسل تناول بإنصاف شخصية الإمام علي بوصفه إنساناً عالماً وفذاً وشجاعاً وواعياً بزمانه ومصالح مجتمعه.

وفي ما يخص المؤثرات البصرية والتقنيات الفنية والقصصية في صناعة المسلسلات، يميل المشاهد العادي إلى الأوجه الدرامية لمسلسل "معاوية" بخاصة علاقة معاوية بالنساء. بيد أن الرواية التاريخية في المسلسل يمكن أن تكون محل نقاش وجدل وخلاف. وهناك كثير من صناع الأعمال الدرامية حاولوا جاهدين قدر الإمكان تجنّب خوض القضايا الخلافية بين المذاهب والطوائف الإسلامية أو أن يتجاوزوها، لكن أن يسعى هذا المسلسل لتقديم صورة جذابة عن شخصية معاوية، أدى إلى احتجاجات كثيرة لدى المتلقين، لا سيما الشيعة، لأن هذه الصورة لا تتّسق تماماً مع ما يحملون من أفكار وذهنية عن بني أمية.

ودفعت هذه القضية بعض وسائل الإعلام والأشخاص في إيران إلى التعبير عن آرائهم ووجهات نظرهم في الفضاء الافتراضي وإعادة قراءة تاريخ الإسلام ضمن الرؤية التي تقف على طرف نقيض مما يطرحه المسلسل، والتذكير بأخطاء بني أمية وانحرافاتهم. وبغض النظر عما إذا كانت أي من الروايات أقرب إلى الحقائق التاريخية التي تعود إلى 1400عام، فإن المهم هو أنّ مثل هذه المسلسلات الدرامية، وقبل أن تتسبّب بإثارة الخلافات والاحتقان بين الأتباع المتعصّبين للمذاهب، يمكن أن تسهم في تحفيز عامة المسلمين وتشجيعهم على دراسة شخصيات تاريخ الإسلام وأحداثه بمزيد من الدقة والمصداقية، والتحرر من الصورة التي ترسمها التيارات المتطرفة، والوصول بالتالي إلى الصورة الأقرب إلى الواقع والحقائق التاريخية، وأن يتم في عالم اليوم التركيز على أوجه الاشتراك والقواسم المشتركة بين المسلمين أكثر من الخلافات الطائفية، والعمل باتجاه تحقيق مصالح الأمة الاسلامية ككلّ.

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/27/2025 1:37:00 PM
بعد عامٍ على الهزيمة، تسلّط رؤية نابليون الضوء على أسباب خسارة الحزب.
شمال إفريقيا 11/27/2025 10:52:00 AM
وفاة الإعلامية المصرية هبة الزياد بشكل مفاجئ خلال نومها، في رحيل غير متوقع شكّل صدمة واسعة لدى متابعيها
لبنان 11/26/2025 3:37:00 PM
من خلال الكشف الذي أجرته شعبة المعلومات، تبيّن أن أفراد العصابة أحدثوا فجوة في الجدار الخلفي للمحل من جهة منزل مهجور، وتمكّنوا عبرها من الوصول إلى متخت المتجر.
لبنان 11/26/2025 5:55:00 PM
تمّ تعديل التعاميم بحيث تمّ السماح للموسسات الفردية والجمعيات المرخصة من المراجع المختصة (خيرية أو دينية) الإفادة من التعميمين.