ماذا أفعل؟"

منبر 27-11-2025 | 10:32

ماذا أفعل؟"

قد تكون توقَّفتَ يوما وطرحتَ هذا السؤال على نفسك: مَن أنا؟ وماذا أفعل هنا؟
ماذا أفعل؟"
تعبيرية (مواقع تواصل)
Smaller Bigger

الاب ايلي قنبر 

 

 

 

 

قد تكون توقَّفتَ يوما وطرحتَ هذا السؤال على نفسك: مَن أنا؟ وماذا أفعل هنا؟
في رواية لوقا للإنجيل، نقرأ عن رجُلٍ غنيٍّ "جعل يُفكِّر في نفسه: ماذا أَفعل؟" إثْر جلسةٍ متسرِّعة أمام مشهد خِصب ضَيعته. وما آلَ إليه هو الآتي: "أقول: يا نفسُ ... استريحي وكُلي واشربي وتنعَّمي". وهذا ما يوحي به مشهد فاحشي الغنى في هذا العالم..
هذا ما نقرأه في عنوانٍ لمَقالة ما يدلّ على تلك الّلامبالاة حيال مَن يعيشون خارج كوكب فاحِشي الثراء: "أغنياء لا يشبعون: الكوكب في خدمة 1% مـن سكّانه". وهو يُعبِّر عن خلاصة تقرير "أوكسفام. وعن السؤال: لماذا يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقراً؟ والجواب: هذا "أمر لا يُغتَفر للحكومات أن تُشاهِد مليارات الأشخاص يُعانون من الجوع في عالم الوَفرة، حيث تضَع مصالح الشركات" والكارتيلات أولاً، بحسَب هانا سارينن التي تؤكِّد وجود "جيل كامل من الأطفال الذين يُعانون من نقص التغذية في البلدان المخفوضة الدخل الآن من أمراض مزمنة، وضعف الأداء المدرسي، وفي نهاية المطاف، مستقبل يتَّسِم بضعف الدخل والفرَص". لأنّ "النظام الرأسمالي المفتوح يُعاقِب الفقير ويُساعد الغني"بالحصول" على فرَص لا يستطيع الفقراء الوصول إليها.".
بالعَودة إلى نصّ المثَل الإنجيليّ، يُشير الناصريّ إلى خسارة كلّ "مَن يَدَّخِرُ لِنَفسِهِ وَلا يَغتَني لِأَجلِ ٱلله". غير أنّ بعضنا لا يأبَه، بل يَمضي في سبيله لامُبالياً بمَن جارَ عليهم الزمَن، ولا يتوقَّف لِلَحظة لِلتفكُّر بحاله. لم يُرِد اكتشاف هشاشة ما يَستند عليه: "تَبصَّروا واحذَروا كُلَّ طَمَع، لأَنَّ حَياةَ المَرءِ، وإِنِ اغْتَنى، لا تَأتيه مِن أًموالهِ". يُبدي القدّيس كيرلُّس ملاحَظة في هذا الشأن: "لقد أراد أن يتنعّم لوحده بهذه الغِلال الّتي من شأنها أن تكفي مدينة مكتظّة بأسرها. لم ينظر إلى المستقبل؛ لم يرفع عينَيه إلى الله"... والأمر الأكثر جنوناً كان أن قام بتحديد مدّة حياته، ولكأنّي به سوف يجنيها من أرضه أيضاً في وقت يجوز "أن تكون يده مفتوحة حيال حاجات المعوز ... وإلى أقصى حدود طاقته".
تُرى هل فكّر الغنيّ يوماً مَن هو وما هي رسالته في الحياة، وكيف يمكن استثمار غلاله لصالح الآخَر أيضاً؟
كيف يمكن تَجسير الفَجوة بين الأغنياء والفقراء؟
تجيب هانا سارينن على هذا السؤال بالقَول إنّ "الحلول للقضاء على الجوع في العالم موجودة، لكنّها تتطلّب عملاً سياسيّاً جريئاً وموحَّداً. ويتعيَّن على الحكومات أن تدعم صغار مُنتِجي الأغذية،  وأن تُلغي ديون البلدان الفقيرة"....
وبحسب تقرير أوكسفام في 2015 هناك 9 رسائل يجب قراءتها بإمعان وترجمتها ميدانيّاً: على الشعوب الضغط على الحكومات لمُواجهة الحالات المتطرِّفة من اللَّامساواة؛ ودعوتها لتَعزيز العدالة الاقتصاديّة بين الجنسَين وحقوق المرأة؛ بالإضافة إلى اعتماد "راتب المعيشة" عوِضاً عن الحدّ الأدنى للأُجور بالتَوازي؛ كما إلى التوصُّل إلى خدمات عامّة مجّانيّة بحُلول عام2020".

" وأَبطَلَ يسوع ناموسَ ٱلوَصايا بِتَعاليمِه"
في أحد الأيّام نطَق يسوع هكذا: "قيلَ لكم، أمّا أنا فأقول". وأكَّد بولس على الأمر حين نادى: "إنّ ٱلمَسيحَ هُوَ سَلامُنا. هُوَ جَعَلَ ٱلِٱثنَينِ واحِداً". وفي تأوينٍ لطَرح يسوع، قال بولس: "وَأَبطَلَ (يسوع) ناموسَ ٱلوَصايا بِتَعاليمِهِ".
مَن المقصود بـ"جعل الاثنين واحداً؟" المَعنيّون هم اليهود والأُمَم. قامت العداوة بين اليهود والأُمم تاريخيّاً إنطلاقاً من الاختلاف في الدِّين، واستلحاقاً، في المسلكيّة والسياسة، وهي مستمرّة حتّى إشعارٍ آخَر. صحيحٌ أنّ يسوع صالح "كِلَيهما في جسدٍ واحدٍ مع الله بالصليب بِقَتلِه العداوة في نفسه"، وذلك "ليَجمع المُتفَرِّقين إلى واحد"، غير أنّ المصالَحة تنتظر خطوة اليهود لتصل إلى تمامها. إذ "بالتأسيس على أقوال نتنياهو وحلفائه وأفعالهم، فقد اكتشف اليهود ما عرفه الرومان منذ البداية أصلاً. فإذا كان هذا بالفعل ما قد اكتشفه اليهود في كل تلك المدة، فيا لها من مضيعة لألفَي عام!". وتثُرجم تأخُّرهم وثيقة "كايروس فلسطين": فـ"ما يحصل اليوم هو الوجه الحقيقيّ للأيديولوجيا الصهيونيّة... وما سُمّي قانون القوميّة الإسرائيليّ الصادر سنة 2018 جسّدَ ... (إيديولوجيا) الفوقيّة الاستعلائيّة اليهوديّة، في فلسطين".
أمّا إبطال يسوع "ناموسَ الوَصايا بِتَعاليمِهِ"، فيؤول بنا إلى تمام وكمال ما بدأه الإنسان في مسيرته التراكُميّة في كلّ المجالات: "سمعتم أنّه قيل "أحبِب قريبك وأبغِض عدوَّك. أمّا أنا فأقول لكم: أحبّوا أعداءكم". لذا، لا مفرَّ، اليوم، من "حراك عالميّ لاهوتيّ" يُلاقي طرح يسوع. إذ "لا بد لنا من أن نتحدى منطق شعارات السلام الواهية، أو الحياديّة، أو بعض الديبلوماسيّة الكنسيّة التي لا تقول الحق أمام القويّ" ولا بدّ من "التحرّر من لاهوت استعماريّ توارثناه من الغرب".
يا مسيحيّي العالم انحازوا مِثل يسوع إلى "المقهورين والمظلومين وكلّ ضحايا الظلم وأنواع الاستبداد"... وتذكّروا أنّ الإبادة في شرقنا تراكميّة بدأت في أذهان المستعمرين الأوروبيّين الاستيطانيّين، وأنّ "الحلول تبدأ بتفكيك الأنظمة الاستبداديّة". لذلك، أليسَ المطلوب "تشكيل تحالفات تحمي البشريّة من المزيد من الانحدار إلى واقع الظلم والاستبداد والاستقواء؟".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

ايران 11/26/2025 12:07:00 AM
أفادت وسائل إعلام إيرانية غير رسمية بسماع تحليق طائرات حربية مجهولة فوق غرب البلاد، بالتزامن مع تفعيل محدود للدفاعات الجوية
لبنان 11/26/2025 2:32:00 PM
وجّه الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، رسالة إلى "التعبويين المجاهدين" ‏في "يوم التعبئة" السنوي
لبنان 11/26/2025 3:37:00 PM
من خلال الكشف الذي أجرته شعبة المعلومات، تبيّن أن أفراد العصابة أحدثوا فجوة في الجدار الخلفي للمحل من جهة منزل مهجور، وتمكّنوا عبرها من الوصول إلى متخت المتجر.
لبنان 11/26/2025 5:55:00 PM
تمّ تعديل التعاميم بحيث تمّ السماح للموسسات الفردية والجمعيات المرخصة من المراجع المختصة (خيرية أو دينية) الإفادة من التعميمين.