في ظل نسبة مشاركة تجاوزت 55% في الانتخابات العراقية… هل يعوّل الشعب على الإصلاحات الاقتصادية والمالية؟
د. علي حمود - رئيس مركز باريس للاستثمار ICCP
مع انتهاء العملية الانتخابية في العراق، يبرز التساؤل حول مدى ثقة الشارع بقدرة الطبقة السياسية على إحداث إصلاحات اقتصادية ومالية حقيقية. فعلى رغم الوعود المتكررة التي تطرحها القوى المتنافسة، يبدو أن جزءاً كبيراً من العراقيين بات يتعامل بحذر، إن لم نقل بشكّ، مع هذه الوعود، نتيجة تجارب سابقة لم تُترجم إلى نتائج ملموسة.
يعاني الاقتصاد العراقي من اختلالات بنيوية عميقة، أبرزها اعتماده المفرط على عائدات النفط وتراجع دور القطاعات الإنتاجية. فالاقتصاد لايزال ريعياً يعتمد بشكل شبه كامل على النفط، ما يجعل أي إصلاح حقيقي صعباً ما لم يتم تنويع مصادر الدخل وتطوير قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات. ويدرك الشعب أن الإصلاحات تتطلب رؤية اقتصادية جريئة واستقراراً سياسياً فعلياً، في ظل تفشي الفساد والبيروقراطية وضعف الإدارة العامة. هذه التحديات جعلت الإصلاح المالي والاقتصادي مهمة شاقة تتطلب إرادة سياسية صادقة تتجاوز منطق المحاصصة والمصالح الضيقة.

في المقابل، يزداد الضغط الشعبي، خصوصاً من فئة الشباب الذين يواجهون ارتفاع معدلات البطالة وتراجع الخدمات وضعف القوة الشرائية. أصبح المواطن العراقي يبحث عن نتائج ملموسة وسريعة بدل الشعارات العامة، ويطالب بفرص عمل وتحسين مستوى المعيشة وإدارة شفافة للموارد. هؤلاء الشباب يشكّلون اليوم الكتلة الأكثر حيوية وقدرة على فرض أجندة التغيير، شرط أن يجدوا من يمثلهم بصدق.
وعليه، يمكن القول إنّ الثقة الشعبية بالإصلاح محدودة، لكن الأمل لم يُفقد بالكامل. فالعراقيون لا ينتظرون وعوداً جديدة بقدر ما يترقبون نتائج ملموسة تعيد الى الدولة توازنها، والى المواطن ثقته بأن التغيير ممكن.
نبض