العالم يترقّب أخطر لحظة في الشرق الأوسط… لبنان على حافة الشرارة الكبرى‏؟

منبر 19-11-2025 | 00:26

العالم يترقّب أخطر لحظة في الشرق الأوسط… لبنان على حافة الشرارة الكبرى‏؟

العالم يرى في لبنان اليوم نقطة التوازن الأخيرة بين الحرب والتهدئة، وبين السيادة والفوضى. ولهذا السبب بالتحديد أصبح ملف الحدود اللبنانية–الإسرائيلية الأكثر إثارة...
العالم يترقّب أخطر لحظة في الشرق الأوسط… لبنان على حافة الشرارة الكبرى‏؟
صورة التقطت من إسرائيل تظهر برج مراقبة تابع لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) على الجانب اللبناني من الحدود في 16 نوفمبر 2025. (أ ف ب)
Smaller Bigger

د. رانية غانم*

لم يعد ما يجري على الحدود الجنوبية للبنان مجرد توتر اعتيادي، بل تحوّل إلى أكثر الملفات إثارة على الساحة الدولية، لما يحمله من احتمالات قد تشعل المنطقة بكاملها. في لحظة دولية مشحونة، تجد القوى الكبرى نفسها تراقب لبنان كما لو أنه الشرارة التي قد تقلب توازن الشرق الأوسط من جديد. فما الذي يجعل هذا الملف يتصدر الأخبار العالمية ويجذب اهتمام واشنطن وطهران وباريس وتل أبيب في آن واحد؟

 

الجدار الحدودي مع ظهور قرية عين إبل اللبنانية في الخلفية. (أ ف ب)
الجدار الحدودي مع ظهور قرية عين إبل اللبنانية في الخلفية. (أ ف ب)

 

المعادلة تبدأ من حقيقة أن الجنوب اللبناني يشكّل اليوم نقطة التماس الوحيدة في العالم التي تجمع كل خطوط النزاع الإقليمي والدولي: إيران، الولايات المتحدة، إسرائيل، سوريا، "حزب الله"، والجيش اللبناني. وفي كل مرة تُطلق فيها قذيفة أو يخترق فيها طيران حربي الأجواء اللبنانية، تتوتر العواصم الكبرى. هذا الترابط يجعل أي حادث مهما كان صغيراً مؤهلاً لأن يتحول إلى مواجهة أكبر بكثير من حدود بلدة أو تلال متنازع عليها. لذلك يُنظر إلى الملف كاختبار استراتيجي للعلاقات الأميركية–الإيرانية، ولمدى قدرة الأطراف على ضبط وكلائها، في ظل انعدام استقرار غير مسبوق.

الرئيس جوزف عون عبّر عن هذا القلق حين أعلن أن لبنان “ينتظر رد إسرائيل على خيار التفاوض لتحرير الأرض”، مؤكداً أن الجيش “يقوم بعمل جبّار رغم الظروف”. كلام عون يعكس شعور المؤسسة العسكرية بأن أي انزلاق قد يضع الجيش في مواجهة تتجاوز إمكاناته، في وقت يرزح البلد تحت ضغط اقتصادي خانق. وفي السياق نفسه، جاء موقف رئيس الحكومة نواف سلام ليشدّد على أن “قرار الحرب والسلم بيد الحكومة فقط”، لافتاً إلى أن حصر السلاح بيد الدولة ليس مجرد مطلب سياسي بل حاجة وجودية لحماية البلد من الانجرار نحو مواجهة لا يريدها أحد سوى الأطراف التي تعيش على وقع الصراع المفتوح.

أما وليد جنبلاط، فاختار أن يكون أكثر صراحة، محذّراً من “الإملاء الإسرائيلي” ومعتبراً أن فرض شروط أحادية على لبنان “لن يؤدي إلا إلى الانفجار”. موقف جنبلاط يعكس قراءة داخلية دقيقة: الملف ليس فقط نزاع حدود، بل نزاع سيادة، وهو خط أحمر لدى شريحة واسعة من اللبنانيين. فلبنان، الذي لا يزال جرحه مفتوحاً منذ حرب 2006، يقف اليوم بين معادلتين خطيرتين: التفاوض المشروط أو الانفجار غير المحسوب.

من الناحية الدولية، باتت مراكز الأبحاث في واشنطن ولندن وباريس تتعامل مع هذا الملف كأكثر مناطق التوتر قابلية للتحول إلى حرب شاملة. تقارير "رويترز" و"BBC" تشير إلى أن إسرائيل ترى في جنوب لبنان ساحة ضغط استراتيجي لا يمكن تركها بلا مراقبة، وأن "حزب الله" يعتبر أي تنازل في هذه الساحة مساساً بأمنه الإقليمي. هذه الحلقة المغلقة تجعل الجبهة الجنوبية قابلة للاشتعال بأي خطأ، وهو ما يدفع الأمم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا إلى تكثيف زياراتها وتصريحاتها في محاولة لتجميد التصعيد.

العامل الاقتصادي يجعل الملف أكثر خطورة: لبنان على وشك الانهيار الكامل، وأي حرب الآن قد تدمّر ما تبقى من مؤسساته. لذلك، تتعامل الصحافة العالمية مع الجنوب باعتباره مرآة لأزمة أكبر: دولة هشة، سلاح خارج الدولة، مفاوضات معلّقة، وانقسام داخلي حول الخيارات. لهذا يلقى الملف زخماً غير مسبوق، لأنه يختصر أزمة الشرق الأوسط كلها في شريط حدودي لا يتجاوز بضع كيلومترات.

إنّ العالم يرى في لبنان اليوم نقطة التوازن الأخيرة بين الحرب والتهدئة، وبين السيادة والفوضى. ولهذا السبب بالتحديد أصبح ملف الحدود اللبنانية–الإسرائيلية الأكثر إثارة عالمياً، لأنه ببساطة الملف الوحيد الذي قد يقرر شكل الشرق الأوسط في السنوات المقبلة، إما هدوءاً هشاً… أو انفجاراً كبيراً.

 

-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

الأكثر قراءة

سياسة 11/18/2025 10:10:00 PM
استهداف إسرائيلي في عين الحلوة... وعدد كبير من الضحايا.
لبنان 11/18/2025 12:22:00 PM
الياس المر: الجيش اللبناني، بقيادته الحالية، أثبت في أصعب اللحظات أنه يتصرّف برويّة، وبقراءة دقيقة لميزان القوى الداخلي والخارجي
سياسة 11/18/2025 7:24:00 AM
أشارت المحطّة اللبنانية إلى أن السفارة اللبنانية في واشنطن ألغت بدورها استقبالاً كان سيقام لقائد الجيش.
سياسة 11/18/2025 2:21:00 PM
انتخب نائباً للمرة الأولى خلفاً لوالده النائب أنور الخطيب في الانتخابات الفرعية عام 1970