فلسفة فارغة
أ.أحلام محسن زلزلة
يزفّون لك الموت بلفة، ويتركون صدى مقابر صامتة بيننا. سيجارة واحدة تحوّل المنهار إلى ظلّ يتسوّل الشّعور بالحياة، وهو يستلم الطّلقة بيده.
نفسٌ واحد، ويبدأ التّحليق…لا بجناحين، بل بضباب يروّق العقل ويكتم الهواء .
فلسفة الحشّاشين شمّة بسيطة بنيّة بيضاء تفتح لك دروب السّعادة، وأنت جالس على أريكة متهالكة، تطارد لفافات فارغة وتبحث عن الولاعة وهي بيدك.
عالم من الهروب، تعتقد فيه أن الجدران تتآمر عليك، والسّقف يحاصرك، والوقت يفقد معناه ووزارة الصحة تنصحك بتعاطيها لخلوها من المواد المسرطنة.
الحشيش بدستورهم نبات طبيعي، لا يضرّ، بل يريح، وهو أخفّ من تعاطي الكحول والمخدّرات -لا سمح الله-! مجرد استرخاء بسيط، يخفّف التّركيز والوعي.
لكنه ليس سوى بداية نزوح عقلي بطيء نحو بلادة دائمة، واستقالة من الأحزان في دنيا هالكة لا تستحق...فلنكيّف!

وما بين الجرعة والهلوسة، يتحوّل المتعاطي إلى شاعر رومانسي، يكتب ملحمة لحبيبته عبلة الّتي تكره الكيف والمكيّف ثم يكتشف أنه أرسلها إلى مديره سهواً.
المشكلة ليست في الحشيش، بل في الصورة التي تروّج له في الأفلام، والقصص، والتي تقدَّمه كعلاج آمن للهمّ والاكتئاب، لكن في الحقيقة أن الضّحية لا يُشفى، بل يشقى.
تتآكل قدراته العقلية ببطء، يظن أنه أصبح مبدعًا، بينما هو يدور في الدّائرة نفسها، يكرّر أفكاره بتباطؤ، وذاكرته تصفَّر تلقائيّاً.
وإن كان هذا النبات السّاحر يستخدم في بعض العلاجات الطّبيّة، تحت رقابة صارمة، لا ليحلّق المريض فوق السّحاب، بل ليتمكّن من إخماد الجراح والسِير دون ألم.
الا أنه أصبح وسيلة لدفن الرأس دون محاولة فهمه، وهنا الفرق الجوهري بين ما يُضبط بالجرعات وما يُلفّ في ورقٍ شفاف ويوزَّع مع حبّة مسك في الأزقّة.
فهل هذا النبات السّحري ينسينا همومنا حقّا أم ينسينا أنفسنا؟
نبض