قوى التغيير اللبنانية: هل ينتصر "منطق التحالف" على "نقاء المبدأ" في انتخابات 2026؟

منبر 20-10-2025 | 15:30

قوى التغيير اللبنانية: هل ينتصر "منطق التحالف" على "نقاء المبدأ" في انتخابات 2026؟

يمر المشهد السياسي اللبناني بمرحلة هي الأكثر تقلباً منذ سنوات، خصوصاً بالنسبة للقوى التي خرجت من رحم انتفاضة تشرين 2019...
قوى التغيير اللبنانية: هل ينتصر "منطق التحالف" على "نقاء المبدأ" في انتخابات 2026؟
المعارضة والانتخابات... هل يبقى الانقسام سيد الموقف؟؟ (أ ف ب)
Smaller Bigger

ريبال زوين*

يمر المشهد السياسي اللبناني بمرحلة هي الأكثر تقلباً منذ سنوات، خصوصاً بالنسبة للقوى التي خرجت من رحم انتفاضة تشرين 2019. فبعد عامين من دخول 13 نائباً من "حركات التغيير" إلى البرلمان، ساد مزاج مختلط بين الأمل والخيبة في صفوف الداعمين.

ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في عام 2026 يواجه معسكر المعارضة سؤالاً وجودياً: هل ستُترجم التطورات الأخيرة، وأبرزها انتخاب شخصيات إصلاحية مثل الرئيس جوزف عون وتكليف رئيس الوزراء نواف سلام، إلى مكاسب انتخابية جديدة، أم أن الانقسام سيبقى سيد الموقف؟

تحول المزاج: من الإحباط إلى التفاؤل الحذر

منذ انتخابات عام 2022، مرّ مزاج جمهور التغيير بثلاث مراحل رئيسية متتابعة:

المرحلة الأولى كانت مرحلة الأمل المشوب بالإحباط التي تلت الانتخابات مباشرة؛ فرغم الفرحة الأولية بدخول عدد من النواب الجدد إلى البرلمان، سرعان ما سادت خيبة الأمل بسبب التشرذم الداخلي الذي أضعف الكتلة وعدم قدرتها على تحقيق إنجازات تشريعية ملموسة في وجه المنظومة التقليدية.

تلت ذلك مرحلة خطر اللامبالاة التي سادت خلال عامي 2023 و2024، بحيث أدى تعمق الأزمة الاقتصادية والشلل السياسي، خصوصاً في ملف الشغور الرئاسي، إلى شعور عام بالإرهاق. بدأ الجمهور ينظر إلى نواب التغيير على أنهم جزء من "المشكلة البرلمانية"، مما هدد بتفشي اللامبالاة والفتور بين الناخبين.

ومع ذلك، شهدت المرحلة الممتدة من أواخر عام 2024 حتى 2025 ظهور الأمل الحذر المتجدد؛ فقد أعادت عوامل محورية بث الروح في معسكر المعارضة، أبرزها صعود رموز الإصلاح. ويعكس انتخاب شخصيات مستقلة وإصلاحية مثل رئيس الوزراء نواف سلام، رغبة شعبية عارمة في كسر نمط القيادة التقليدية، مما يوفّر أرضية سياسية إيجابية يمكن لقوى التغيير البناء عليها. وتزامن هذا مع تراجع نفوذ المنظومة، إذ أدت التطورات الإقليمية والظروف الداخلية إلى تآكل نفوذ قوى 8 آذار / مارس وحلفائها، مما وسّع بشكل ملحوظ مساحة المناورة المتاحة أمام القوى السيادية والمعارضة.

 

 مزاج مختلط بين الأمل والخيبة
مزاج مختلط بين الأمل والخيبة

 

ولعلّ أهم ما يؤكد هذا التحول الإيجابي هو القفزة في الثقة، إذ أشارت استطلاعات رأي حديثة إلى ارتفاع قياسي في نسبة الرضا الشعبي عن القيادة الجديدة، مما يؤكد أن الجمهور اللبناني بات مستعداً لدعم أي شخصية أو تيار يرفع راية الإصلاح الحقيقي والعمل المؤسساتي.

سؤال الانتخابات: هل ينجح "تحالف الضرورة"؟

فرص قوى التغيير في انتخابات 2026 تبدو أفضل مما كانت عليه في 2022 ولكنها تتوقف على شرط واحد لا ثاني له: الوحدة في مواجهة المنظومة.

لماذا تبدو فرصهم أفضل؟

تبدو فرص قوى التغيير أفضل بشكل ملحوظ في الاستحقاق القادم لسببين رئيسيين يتعلقان بالضرورة الاستراتيجية وإعادة ترتيب الخارطة السياسية. أولاً، يعود هذا التحسن إلى منطق التحالف الانتخابي؛ ففي ظل القانون النسبي الحالي الذي يفرض ضرورة تخطي العتبات الانتخابية، واحتمال عدم تصويت المغتربين، يصبح توحيد صفوف القوى المعارضة هو الطريق الأقصر والأكثر فاعلية لترجمة الأصوات الشعبية إلى مقاعد برلمانية ملموسة. وعليه، فإن تشكيل لوائح موحدة تضمّ قوى التغيير مثل الكتلة الوطنية و"تحالف وطني" وغيرهما من المجموعات التغييرية، إضافةً إلى قوى سيادية ربما مثل كتلة "تجدد" وحزب الكتائب، سيمكّنهم من تجنب تشتيت الأصوات الذي كلفهم خسارة مقاعد عدة في الانتخابات الماضية. ثانياً، يتيح غياب تيار رئيسي للطائفة السنية، بعد انسحاب تيار المستقبل، فرصة لملء هذا الفراغ، بحيث يمكن لشخصيات وقوى وكتل سنية معتدلة ومستقلة، أن تكون جزءاً فاعلاً من هذا التحالف الواسع، مما يمنح المعارضة بعداً وطنياً أعمق وأكثر شمولية.

التحدي الأكبر: الصراع بين "النقاء" و"التطبيق"

يظل التحدي الأكبر أمام قوى التغيير هو كيفية التوفيق بين "نقاء المبدأ" و"منطق التحالف". فالمنطق البراغماتي يدفع بقوة نحو تشكيل لوائح موحدة شاملة، تضم حركات التغيير إلى جانب قوى سيادية لها وجود مؤسساتي وجماهيري، وذلك لضمان الفوز بمقاعد إضافية يمكن أن تصل إلى 15 أو 20 مقعداً. ويرى أصحاب هذا المنطق أن هذا هو الطريق الوحيد لزيادة الثقل البرلماني في مواجهة المنظومة. في المقابل، يرفض المنطق المبدئي هذا التوجه، مُعتبراً أن التحالف مع أي طرف له تاريخ مرتبط بالحرب الأهلية أو البنية الطائفية يُعد خيانة لمبدأ "كلن يعني كلن". وهذا الرفض هو ما يدفع مجموعات يسارية إلى تفضيل خوض الانتخابات بلوائح منفردة، وهو خيار يضمن لها النقاء الأيديولوجي لكنه يُعرضها لخطر تشتيت الأصوات وخسارة فرصة الفوز، مما يقلل في نهاية المطاف من قوة المعارضة ككل داخل البرلمان.

الخلاصة واضحة

أصبحت لدى قوى التغيير اللبنانية فرصة تاريخية في انتخابات 2026. لكن النجاح لن يكون مكفولاً إلا إذا غلب منطق تجميع القوى على منطق التباعد الأيديولوجي. ففي المعركة ضد منظومة متجذرة، لا يمكن إحداث تغيير حقيقي إلا عبر قوة كتلة برلمانية وازنة، حتى لو تطلب ذلك تحالفات انتخابية صعبة مبنية على برنامج إصلاحي مشترك. الفشل في توحيد الجهود يعني إهدار هذه الفرصة وإعادة تأكيد قبضة الطبقة السياسية التقليدية على مفاصل الدولة.

 

-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

الأكثر قراءة

العالم العربي 10/17/2025 6:20:00 AM
"وقهوة كوكبها يزهرُ … يَسطَعُ مِنها المِسكُ والعَنبرُوردية يحثها شادنٌ … كأنّها مِنْ خَدهِ تعصرُ"
ثقافة 10/17/2025 6:22:00 AM
ذلك الفنجان الصغير، الذي لا يتعدّى حجمه 200 ملليليتر، يحمل في طيّاته معاني تفوق حجمه بكثير
ثقافة 10/17/2025 6:23:00 AM
القهوة حكايةُ هويةٍ وذاكرةٍ وثقافةٍ عريقةٍ عبرت من مجالس القبائل إلى مقاهي المدن، حاملةً معها رمزية الكرم والهيبة، ونكهة التاريخ.
ثقافة 10/17/2025 6:18:00 AM
من طقوس الصوفيّة في اليمن إلى صالونات أوروبا الفكرية ومقاهي بيروت، شكّلت القهوة مساراً حضارياً رافق نشوء الوعي الاجتماعي والثقافي في العالم.