معركة اليقظة…
ليليان خوري
يلقي الليل بساطه الاسود في السماء ويغرق الكون في سكونٍ وصمتٍ مريبين.
لمّن يتنعّم بلذّة النوم ملء جفونه الآن هو معفيٌ من تقييم هذا الصمت المطبق.
اما للذين سئموا هذا السكون وهذه العتمة وأخفقوا في استجلاب النوم الى افكارهم واجسادهم فهم اتعس الناس في هذه اللحظات، واكثرهم اهتماماً بوصف هذه الحال المزرية.
ما اطول الليل حين يقسو بواسطة سلاح الظلمة الذي يملكه على كائنٍ لا يرجو في هذه اللحظات القابضة على نفسه بزوغ نهارٍ جديد، يبدّد من خلاله ذلك السواد الكالح في الطبيعة الكونية وفي الطبيعة البشرية على حدّ سواء.
يتغنّى البعض بالليل، ويرى في العتمة ملاذاً اكبر من ضوء النهار. فيما يرى البعض الآخر انّه يحجب النور ويعتّم على الروح بسوداوية مأسوية لا يفلت الانسان منها الا وقد عانى شتّى انواع اليأس والحزن.
المشهدية القائمة والقاتمة تقطن لحظتها في النفس البشرية وتفتك بأعصاب من فشلوا في الاستسلام للنوم رغم النعاس والتعب الظاهرين على الروح.
على امتداد الليل الذي يأبى الرحيل، يبدأ المرء بالتحايل تارةً بأن يوحي لنفسه أولاً ولليل ثانياً انه استسلم للجو الهادىء المستشري بمحاولة يائسة انه سينام، وسيكون حاله كبقية الناس الذين يشخرون الآن في نومهم بلذّة المنتصر على العدو الأكبر الا وهو الأرق.
غير ان تلك المحاولة، تبقى مجرّد تجربة فاشلة ارهقته اكثر بدل ان يمسك من خلالها طرف الخيط الذي يقود الى سباتٍ عميق.

حين تفشل التجربة الاولى في السيطرة على ذلك الارق المزمن ينصاع المرء اي "الضحية" لشاشة الهاتف الخليوي يدوّن على صفحاته كلماتٍ لربما تكون بعضاً من عزاء وانتصار وهمي على الزمن، وعلى الحالة التي يكون فيها اسير الطبيعة الكونية التي تظللّه باللون الاسود الذي يخنق النَفْس والنَفَس.
يمرّ الليل والضحية تتبارز واياه في معركة طاحنة، تنسيه همّ منطقة البحر المتوسط، ورغبات ترامب الخائبة في الحصول على جائزة نوبل للسلام. كما متابعة تطبيق حيثيات اتفاق غزة وعثراته التي تبرز بين الحين والآخر، من دون ان ننسى آمال اللبنانيين في ان يتحرّر الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي، وان يجنّب قادة هذا البلد بحكمتهم لبنان حرباً ضروساً يهدّد فيها العدو مع بزوغ كل فجر.
يطرح المرء تلك المسائل الشائكة جانباً كونه يدرك جيداً انّه يفتقر الى دورٍ في لعبة الكبار ممّن يملكون زمام مفاتيح الحرب والسلم في العالم، لينكفىء في معركته الصغيرة مع الأرق ومع احتلالٍ آخر لا يقلّ اجراماً او فتكاً في حياته اليومية.
نبض