منبر 06-09-2025 | 06:25

شي جين بينغ يعيد رسم ملامح الحوكمة العالمية

ما يميز مبادرة الحوكمة العالمية أنها تأتي في لحظة دولية حساسة. فالنظام الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية ورغم نجاحه النسبي في تجنيب العالم حروباً كبرى، يعاني اليوم من اختلالات واضحة...
شي جين بينغ يعيد رسم ملامح الحوكمة العالمية
مبادرة الحوكمة العالمية امتداد طبيعي لمبادرات أعلنها شي خلال العقد الأخير. (أ ف ب)
Smaller Bigger

وارف قميحة* 


في الأول من أيلول/ سبتمبر، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال قمة "منظمة شانغهاي للتعاون - بلاس" مبادرة جديدة، حملت عنوان "مبادرة الحوكمة العالمية". هذه المبادرة، بتقديري، ليست مجرّد إضافة إلى خطاب العلاقات الدولية، بل امتداد طبيعي للمبادرات الكبرى التي أعلنها شي خلال العقد الأخير: مبادرة التنمية العالمية، مبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية.

 

الجامع بين هذه المبادرات أنها تسعى إلى تقديم تصور صيني متكامل لبناء عالم أكثر عدلاً، حيث لا تقتصر الحوكمة على إدارة المؤسسات الدولية، بل تشمل إعادة صياغة قواعد اللعبة بما يضمن تقاسم الفرص والتصدي للتحديات المشتركة، في إطار من التعددية الفاعلة والمساواة بين الدول والنهج المرتكز على الإنسان.

 

الرئيس الصيني خلال قمة شنغهاي الأخيرة. (أ ف ب)
الرئيس الصيني خلال قمة شنغهاي الأخيرة. (أ ف ب)

ما يميز مبادرة الحوكمة العالمية أنها تأتي في لحظة دولية حساسة. فالنظام الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، ورغم نجاحه النسبي في تجنيب العالم حروبًا كبرى، يعاني اليوم من اختلالات واضحة: ضعف تمثيل الدول النامية، تصاعد سياسات القوة وتراجع فاعلية المؤسسات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة. وهنا، تبدو المبادرة الصينية بمثابة محاولة جادة لمعالجة هذه الفجوة التاريخية، عبر الدفع نحو عالم متعدد الأقطاب يتيح للدول النامية صوتًا أوسع ومشاركة أعمق في صنع القرار.

تتأسس المبادرة على مجموعة من المبادئ التي لا يمكن تجاهلها:

 

-احترام المساواة في السيادة كقاعدة أولى للعلاقات الدولية.

 

-الالتزام الصارم بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بعيداً من المعايير المزدوجة.

 

-تعزيز التعددية الحقيقية التي تقوم على التشاور والمشاركة وتقاسم المنافع.

 

-اعتماد منظور إنساني يجعل التنمية والعدالة الاجتماعية في قلب الحوكمة.

 

-التركيز على الإجراءات العملية بدل الاكتفاء بالشعارات.

من زاوية عربية، تمثل هذه المبادرة فرصة تاريخية. فهي تمنح دول الجنوب إطاراً جديداً للتعبير عن مصالحها، وتفتح الباب أمام صياغة قواعد دولية أكثر إنصافاً في ظل عالم مترابط، كما أنها تنسجم مع رؤية الرئيس شي الأوسع حول مجتمع المصير المشترك للبشرية، الذي يؤكد أن مستقبل الشعوب مترابط، وأن التحديات العالمية  من التغير المناخي إلى الأمن الغذائي  لا يمكن أن تواجهها دولة بمفردها.

 

إن أهمية المبادرة لا تنبع من مضمونها فحسب، بل أيضاً من توقيتها، حيث تتزامن مع الذكرى الثمانين للانتصار على الفاشية وتأسيس الأمم المتحدة. وهذا بحدّ ذاته رسالة واضحة: إذا كان التضامن والتعدّدية قد أنقذا العالم في منتصف القرن الماضي، فإنهما اليوم أيضاً السبيل الوحيد لتجاوز أزمات القرن الحادي والعشرين.

 

يمكن القول إن مبادرة الحوكمة العالمية تجسّد الطموح الصيني في أن تكون قوة دافعة لبناء نظام دولي أكثر عدلاً وتوازناً، وتفتح أمام شعوب العالم، ولا سيما شعوب الجنوب، أفقاً جديداً للتعاون والسلام والتنمية المشتركة.

*رئيس الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل.

-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
تحقيقات 9/30/2025 4:06:00 PM
تقول سيدة فلسطينية في شهادتها: "كان عليّ مجاراته لأنني كنت خائفة"... قبل أن يُجبرها على ممارسة الجنس!
ثقافة 9/28/2025 10:01:00 PM
"كانت امرأة مذهلة وصديقة نادرة وذات أهمّية كبيرة في حياتي"
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟