منبر 07-03-2025 | 18:25

الجامعة اللبنانية بين خطاب القسم ووزيرة التربية: العودة إلى الأصول القانونية

هل الجامعة اللبنانية هي ضمن أولويات الحكومة؟
الجامعة اللبنانية بين خطاب القسم ووزيرة التربية: العودة إلى الأصول القانونية
الجامعة اللبنانية.
Smaller Bigger

طوني خليل

خلال تسلّمها مهام وزارة التربية شددت الوزيرة ريما كرامي على "أننا بأمسّ الحاجة للاعتراف بأننا فقدنا ثقة المجتمع بهذه الوزارة، التي يجب أن تكون الحليف والملاذ الأول للمجتمع ومصدر عزّته". ولم تأتِ كرامي على ذكر الجامعة اللبنانية التي هي على موعد مع استحقاقات بارزة وأساسية مع انطلاقة العهد الجديد وأهمّها تعيين عمداء أصيلين بدلاً من استمرار العبث بمصير العمادات وتركها فريسة ممارسات غير قانونية نتيجة غياب مجلس أصيل للجامعة أقدم على حلّه الرئيس السابق للجامعة واعتباره غير قائم قانوناً خلافاً لنص المادة 14 من القانون 66 (تاريخ 4/3/2009)، حاصراً بذلك صلاحيات المجلس بينه وبين وزير التربية.

 

وقد أفاد من هذا الواقع المستجد الرئيس الحالي بسام بدران بحيث شكّل مع الوزير عباس الحلبي "ثنائياً" تربوياً اختزل البت في مختلف شؤون الجامعة بدلاً من مجلس أصيل للجامعة يضمّ عمداء الكليات والمعاهد الـ19 بالإضافة إلى 16 ممثلاً للأساتذة ومفوّضين اثنين عن الحكومة. وهكذا تمكن بدران من التفرّد والتأثير في القرارات بالنظر إلى تشعب مهمات الوزير وعدم تفرّغه لها كرئيسها. ويرى أهل الجامعة أن هذه الممارسة تؤخر تعيين مجلس للجامعة لأن التعيين يتمّ بناءً على اقتراح وزير التعليم العالي، وقد لا يكون من مصلحته من أجل استمرار استخدام صلاحيته المقررة على الجامعة عند غياب المجلس، ما يشجعه على تصريف شؤونها بينه وبين رئيسها والتأثير في القرارات والنفوذ.

 

ومؤخراً، تطرق خطاب القسم الدستوري للرئيس جوزف عون إلى شؤون الجامعة اللبنانية بإيجاز شديد ورد فيه: "عهدي أن نستثمر في العلم ثم العلم ثم العلم، وفي المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية وفي الحفاظ على التعليم الخاص وحريته". وجاء في مناسبة أخرى لدى استقباله وفداً من الجامعة اللبنانية دعوته "لإبعاد الجامعة عن الزواريب السياسية والطائفية والمذهبية" (30/1/2025).

 

إلا أن واقع الجامعة ينطبق عليه اليوم المثل الشعبي: "اسمع تفرح، جرّب تحزن"، لا سيما مع توجه كشف عنه رئيس الجامعة بنفسه بنشره أو بتسريبه تعميماً مثيراً للجدل يحمل الرقم 1/2025 غير مسجل خلافاً للأصول القانونية، وبتاريخ يحمل مفعولاً رجعياً لا يستقيم قانوناً ينطوي على تلاعب بالوقائع والتواريخ والاستحقاقات، إذ نشره في 28 شباط، فيما يحمل تاريخ 13 شباط.

 

وكان رئيس الجامعة قد كلّف قبل نحو سنة، عميداً للحلول مكان عميد الهندسة الأصيل الدكتور رفيق يونس، في سابقة لا تقل خطورة عن حل مجلس عينته الحكومة بمجرد قرار صادر عن رئيس الجامعة السابق، الأمر الذي وجد فيه بدران أن الجوّ يحلو له لفعل ما يشاء في الجامعة اللبنانية، وباتت محاولاته المضمرة للاستغناء عن العميد الوحيد الأصيل الباقي من المجلس المنحل الدكتور محمد حجار شائعة بشكل واضح، وذلك كي لا يضطر إلى تسليمه مهمات رئاسة الجامعة إن تأخر تعيين رئيس جديد العام المقبل 2026 مع انتهاء ولاية الرئيس الحالي.

 

مع العلم بأن قرارات تكليف عمداء هي مخالفة للقانون وتنتهك القانون 66/2009 نصاً وروحاً، وقد نص صراحةً في المادة 7- البند 4 على ما حرفيته: "في حال غياب عميد الوحدة لأكثر من خمسة عشر يوماً ينوب عنه أعلى المديرين رتبةً أو درجةً. وفي حال الشغور يُعيّن عميد جديد لإكمال الولاية وفق الآلية المنصوص عليها في هذه المادة". وبالتالي، فإن هذا القانون يحدد، في حالة الشغور، الطريقة التي يعيّن بها العميد الجديد، ولا يمنح رئيس الجامعة صلاحية تكليف عميد، بل يتبوأ المنصب أعلى المديرين رتبة. وبالإضافة إلى كل ذلك، فلو قام التفتيش اليوم بزيارة العمادات المختلفة، لوجد أن الدكتور محمد حجار وحده لا يعدّ منتحل صفة لكونه معيّناً في مجلس الوزراء، علماً بأن بعض العمداء يخجل من التكليف لاعتباره أنه ينتقص منه. وهذا شعور يقع في موقعه القانوني، إذ لو كان مجلس الجامعة قائماً، فإن العمداء المكلفين لا يشكلون جزءاً من الهيئة الناخبة في المجلس، ولا يحق لهم التصويت في مجالس الوحدات الخاصة بكلياتهم، ما يستدعي تصويب الأمور من الناحية القانونية كي لا تبقى العمادات تحت رحمة ممارسات غير قانونية، وكي لا يبقى العمداء عمداء شكلاً لا صلاحية ولا فاعلية لهم.

 

هذا، ولدى رئيس الجامعة، قرار واضح، بعد صدور التعميم غير القانوني 1/2025، لرفع أسماء خمسة مرشحين للعمادة عن كل كلية بحيث يكون هو المؤثر في اختيارهم، وذلك بهدف وضع وزيرة التربية الجديدة وتالياً مجلس الوزراء أمام أمر واقع باختياره بنفسه المرشحين الخمسة لكل كلية من الأساتذة الذين يوافقون مسبقاً على وضع أنفسهم بتصرفه. وهذا الاختيار لخمسة أسماء، حتى لو حصل بالانتخاب، فليس له أي قيمة قانونية لأنه لا يُستتبع بانتخاب ثلاثة أسماء من الخمسة في مجلس الجامعة لأن هذا الأخير غير قائم اليوم. وبناءً على ذلك، فإن الأسماء التي ستُرفع لا يمكن أن تلزم الوزيرة ولا مجلس الوزراء. وكذلك الدعوة إلى انتخاب ممثلي الأساتذة في مجلس الجامعة في ظل غياب مجلس أصيل للجامعة، وإن القانون في غاية الوضوح ولا يمكن اجتزاؤه. لذلك لا بد في هذه الحالة من العودة إلى القاعدة التي عمل بها مجلس الوزراء عام 2014 لدى تعيينه العمداء.

 

فهل الجامعة اللبنانية هي ضمن أولويات الحكومة؟ وهل تعيين عمداء هو بين المواضيع البارزة التي تخطط لها الحكومة؟ وهل هي قادرة على اعتماد المداورة في العمادات بحيث لا تحتكر أي طائفة العمادة نفسها؟ وهل قاعدة "الثنائي" التربوي أو "المساكنة التربوية" ستظل قائمة في المرحلة المقبلة؟

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".