العدالة الانتقالية أم مقاربة جديدة لأزمة الودائع

آراء 27-11-2025 | 14:39

العدالة الانتقالية أم مقاربة جديدة لأزمة الودائع

كل عناصر العدالة الانتقالية متوفرة في الجريمة الكبرى المسمّاة "سرقة الودائع" فهل من يبادر؟
العدالة الانتقالية أم مقاربة جديدة لأزمة الودائع
عملات أميركية ولبنانية
Smaller Bigger

كتب النائب جورج عقيص في "النهار": 

العدالة الانتقالية (Transitional Justice) هي مجموعة الإجراءات والتدابير القضائية وغير القضائية التي تتخذها الدول والمجتمعات تجاه الخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان في الفترات التي تلي مراحل الاستبداد أو النزاعات العنفية أو الازمات الكبرى.
في تأريخ موجز لنشأة العدالة الانتقالية كمفهوم دولي، أشير إلى أنها طُبّقت للمرة الأولى إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية مع محاكمات نيورمبرغ الشهيرة، إلا أن الحرب الباردة التي تلت ذلك والتوازن الدولي الذي نتج عنها جمّدا تطبيق المفهوم المذكور حتى أواخر القرن العشرين، وهي المرحلة التي شهدت انفجاراً إيجابياً في تطبيق العدالة الانتقالية في دول أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، في أفريقيا الجنوبية بعد انهيار النظام العرقي، كما في بعض دول أميركا اللاتينية المنتقلة من أنظمة استبدادية إلى أنظمة ديمقراطية.
كل هذه الأمثلة تؤشّر إلى أن العدالة الانتقالية لا تطبّق إلا عند توفّر عنصرين أساسيين، واحد ينتمي إلى الحاضر، وآخر إلى الماضي، يؤلّفان البيئة اللازمة للتطبيق:
• حصول تغيير جذري في نظام الحكم.
• سبق حصول انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
إن إسقاط مفهوم العدالة الانتقالية على النموذج اللبناني يقتضي منّا بعض الحذر:
فإذا كان من السهل التأكيد أن سرقة الودائع المصرفية تشكّل فعلياً انتهاكاً عامّاً، شاملاً، وخطيراً لحقوق الإنسان، لا سيما حق الملكية المحمي بأحكام الدستور، حيث خسر أكثر من مليوني مودع لبناني وأجنبي، مقيم ومغترب، كامل ودائعهم في المصارف اللبنانية، إلا أنه من غير المحسوم القول إنه قد حصل فعلياً تغيير جذري في النظام السياسي في لبنان مع وصول الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام، إلا إذا اقترن ذلك بارادتهما الواضحة بأنهما جاءا إلى السلطة ليس لإكمال ما كان قبلهما من طرق وأساليب في إدارة الحكم بل لكسرها وإرساء منهج جديد في إدارة شؤون الدولة والشعب.
ومع ذلك، بإمكاننا القول إن مجرّد قيام عهد رئاسي جديد وقدوم رئيس حكومة غير تقليدي من شأنه إتاحة توفير شرط تطبيق العدالة الانتقالية من خلال تحقق التغيير المطلوب في النظام بحدّه الأدنى على الأقلّ.
وعليه، يصبح من المنطقي إذّاك أن تطبق العدالة الانتقالية على الحالة اللبنانية في شقّها المتعلّق بملف "سرقة الودائع المصرفية".
ما هي الخطوات المطلوبة في هذ المجال:
تطبيق العدالة الانتقالية، حيثما تمّ ذلك، استلزم 4 خطوات متتالية ومتكاملة:
1- الخطوة الأولى هي التحقيق والمصارحة
2- الثانية هي المحاسبة
3- اما الثالثة فهي تعويض الضحايا
4- وأخيراً اصلاح المؤسسات المعنية بهدف تلافي تكرار الانتهاك المقصود في المستقبل.
إن ما حصل حتى اليوم في موضوع سرقة الودائع يتلخّص بثلاثة عناوين:
عدم كشف الحقيقة وبالتالي عدم تحديد المسؤوليات، عدم محاسبة المرتكبين، وعدم التعويض على المتضررين وهم عموم المودعين. كل ذلك في ظلّ تخبّط رسمي، وعود ومزايدات سياسية لم يعد أحد يصدّقها أو يعوّل عليها، ارتباك قضائي حادّ لم يؤدّ في أحسن الأحوال إلى وضع حلول قانونية للأزمة.
وفي حصيلة السنوات الست، من الناحية التشريعية، صدور عدد كبير من القوانين الاصلاحية لم تنقل لبنان، حتى الساعة، إلى ضفّةٍ أخرى، لا في إطار المحاسبة ولا في إطار الحوكمة.
فلا الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في القطاع العام التي أنشئت بالقانون رقم 175/2020 استطاعت احداث أي أثر يذكر في بيئة الفساد، على الرغم من نبل أعضائها ونزاهتهم، ولا قانون مكافحة الفساد في القطاع الخاص الذي تقدّمت به شخصياً يخطّ طريقه بسهولة.
أما قانون استرداد الأموال المتأتية عن جرائم الفساد ذي الرقم 214/2021 فلا يزال حبراً على ورق حيث لم يتمّ حتى الساعة تشكيل "الصندوق الوطني لإدارة واستثمار الأموال قيد الاستعادة أو الـمستعادة" الذي نصّ عليه، فلم تتمكّن الدولة اللبنانية من استعادة أي أصل أو مبلغ أو مال تأتّى عن جريمة فساد، سوى بعض الأموال المحجوزة في اطار تحقيقات تجري امام محاكم اجنبية، والمملوكة من قبل الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة وآخرين، لم تصدر بعد أحكام نهائية تحدّد مصيرها.
كما أن قانون الإثراء غير المشروع رقم 189/2021 ليس أفضل حالاً، فهو يطبّق على صغار الموظفين في الملاحقات التي تشرع بها النيابات العامة المختلفة بوجههم، دون كبار الموظفين والسياسيين.
الإصلاح المالي لم يكن أسعد حالاً على الإطلاق، فقانون رفع السرية المصرفية تعثّر مراراً إلى أن أقرّ أخيراً وكان نصّاً قانونياً لا بأس به، إنما تبقى العبرة في الاستفادة من إدخاله في الفناء القانوني اللبناني، واعتباره وسيلة من وسائل الإفصاح والشفافية ومكافحة الفساد.
وقد شكّل إقرار مجلس النواب في الحادي والثلاثين من شهر تموز الفائت قانون إعادة هيكلة المصارف الخطوة الرسمية الأولى والجديّة في مسار حلّ الأزمة المصرفية ومن ضمنها أزمة الودائع، ولكن المجلس علّق تنفيذ القانون إلى حين صدور تشريع يحدد الفجوة المالية ويعيد الانتظام المالي إلى لبنان، وقد انصرمت المهلة التي سبق للحكومة أن وعدت باصدار التشريع المذكور ضمنها دون أن يصدر حتى الساعة.
وظهر التأخير العمدي – إذا صحّ القول – في الإجراءات العلاجية من خلال (1) الامتناع عن إصدار قانون الكابيتال كونترول، تحت حجج وأعذار مختلفة، ما أتاح التمادي في التمييز بين المودعين، بعضهم أصحاب نفوذ استطاعوا تحويل أموالهم المودعة في لبنان إلى المصارف الأجنبية، وآخرين عاديين احتجزت أموالهم واستمرت معاناتهم، و(2) التخبّط الرسمي في توقيع بروتوكول مع صندوق النقد الدولي، الأمر الذي لا يزال يحجب عن بوابة الاقتصاد اللبناني مفتاح المساعدات الدولية.
ازاء كل هذا الواقع، المتأرجح بين الرمادية والسواد، كان لا بد من التفكير خارج الصندوق والسير باجراءات قد تفضي إلى وضع قطار الودائع المصرفية المسروقة على سكة الحلّ القانوني والواقعي، وأعتبر أن اقتراحي الحاضر باعتماد وسائل "العدالة الانتقالية" أحد أوجه التفكير المبتكر لايجاد حل لهذه المعضلة.
اختصر الخطوات الواجب اتخاذها من الحكومة، وأخصّ رئيسها بالذكر ليقيني أنه بحسّه القانوني وتعلقّه بالعدالة الاجتماعية سيفهم تماماً ما أطرحه، بالآتي:
1- سعي الحكومة إلى الطلب من مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة ومركزه جنيف، اعتبار أزمة الودائع المصرفية في لبنان انتهاكاً عاما وشاملاً وخطيراً بحقوق الإنسان يطال بأثره أكثرية الشعب اللبناني. في هذا السياق لا بد من التأكيد أن الخطوة الأولى هذه هي الأكثر أهمية لأنها تحدد الإطار العام غير التقليدي لحلّ المشكلة. ربّ قائل إن الجرائم المالية ليست تقليدياً من جرائم حقوق الإنسان التي اعتادت المنظمات التابعة للأمم المتحدة التحقيق فيها، لكن الأمر جدير بالتجربة والمحاولة: ففعلاً اذا قدّمت الحكومة اللبنانية بنفسها طلب (التحقيق مع نفسها) فإنها تعطي مصداقية عالية لطلبها، وتتيح بالتالي لمجلس حقوق الإنسان (أو الأمين العام للأمم المتحدة) الاجتهاد في هذا المجال وإقرار مبدأ التحقيق الدولي بالجرائم المالية، بالاستناد إلى المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الحفاظ على حق الملكية)، والى أنه يمكن اعتبار ما جرى في لبنان انتهاكاً للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (لا سيما الحق بمستوى معيشي لائق)، والى أن ما جرى، أخيراً، يشكل جريمة منظمة عابرة للحدود تخالف احكام الاتفاقية الدولية لمكافحة تبييض الأموال.
2- بعد ذلك، وبطلبٍ من الحكومة اللبنانية أيضاً، تشكيل لجنة تقصّي حقائق دولية، تضمّ خبراء دوليين، حياديين، من أصحاب الكفاءات ومشهود لهم بالنزاهة، يجرون تقييماً للواقع اللبناني، يستمعون إلى شهادات المعنيين، يقومون باستجوابات تمهيدية، ويطلعون على كل الوثائق والتقارير الصادرة حتى تاريخه في موضوع الأزمة المصرفية (تقارير صندوق النقد، البنك الدولي، تقرير الفاريزاند مارسال بشأن التدقيق الجنائي، على سبيل المثال لا الحصر) كل ذلك تمهيداً لوضع تقرير أولي يحدد المسؤوليات عن الأزمة بشكلٍ مبدئي.
3- يمكن للحكومة أن تقرّر بحسب العبء المالي الأدنى، إما تكليف لجنة تقصي الحقائق تلك متبعة التدقيق الجنائي على جميع إدارات الدولة ومؤسساتها العامة الأكثر احتمالاً للشبهة (وزارة الطاقة الصناديق المستقلة، الخ...) أو متابعة إجراءات التدقيق الجنائي الخاص الذي سبق وباشرته بواسطة شركة الفاريز اند مارسال على مصرف لبنان وتوفقت أعماله منذ سنوات.
4- تشكيل محكمة وطنية خاصة بالجرائم المالية – ممكن، لا بل يستحسن، أن تضمّ قضاةً دوليين- على درجتين، كما وتشكيل دائرة تنفيذ خاصة تابعة لها، بمرسوم يصدر في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل وبعد استطلاع رأي المجلس الأعلى القضاء، تكون مهمّة هذه المحكمة مقاضاة جميع من يثبت ارتكابهم جرائم هدر المال العام، وترتيب اعباء على المصارف اللبنانية، هدر أموال المودعين أو التمييز في ما بينهم، إلى ما هنالك من جرائم أخرى أدّت إلى ما أدّت اليه من ضرر عام.
5- في الشق المتعلّق بالتعويض، يتعيّن برأيي على الحكومة اللبنانية أن تقدّم طلبات تدخّل في جميع الدعاوى المرفوعة على مسؤولين لبنانيين امام أي محكمة أجنبية (تجري الآن محاكمات أو ملاحقات في كل من فرنسا والمانيا وسويسرا واللوكسمبورغ) بهدف ضمان تحصيل الحقوق للخزينة اللبنانية.
6- كما يتعيّن على الحكومة ومصرف لبنان وجميع المعنيين بالأمر المباشرة بردّ الودائع التي تتراوح قيمتها بين 100 و150 ألف دولار أميركي، وفق ما أكدّت عزمها على القيام به مراراً دون أن تقرن وعودها بالتنفيذ، ما أفقد الثقة بها من جمهور المودعين.
7- وبالاستناد إلى التوصيات التي ستصدر عن لجنة تقصي الحقائق الدولية المشار اليها أعلاه، يجب على الحكومة اللبنانية أن تستخدم الآليات المتوفرة أمميّاً لا سيما مبادرة Star (Stolen  Asset Recovery Initiative)  وهي مبادرة مشتركة بين مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة UNODC والبنك الدولي، وأن تطلب المساعدة القانونية، أسوةً بدول عديدة استفادت من اعمال هذه المبادرة (13 دولة استفادت عام 2024 من خدمات هذه المبادرة). ولكن الدولة تبقى ملزمة بالدرجة الأولى بتشكيل صندوق استعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد، وتفعيل دوره كي تعطي بذلك اشارة واضحة عن جديتها في تحمّل المسؤولية.
8- من ناحيةٍ أخرى، يمكن للحكومة أن توقّع مع الدول التي تحتضن أموالاً يعتقد أنها مملوكة من شخصيات سياسية أو مصرفية لبنانية اتفاقيات تعاون قضائي (MLA: Mutual Legal assistance)  وهي اتفاقيات ثنائية تمنح الدولة اللبنانية تسهيلات في الحصول على المعلومات وإتاحة الملاحقات وتنفيذ عمليات الاسترداد بالنسبة للأموال أو الأشخاص.
إن هذه الإجراءات وسواها القابلة لتفصيلٍ لا يسعه مقالي الحاضر، هي مادة للنقاش، كما أنها حتماً مجموعة إجراءات لم تعمل عليها الحكومة اللبنانية بشكل متلازم ومتزامن من قبل، وباعتقادي أن مجرد إعلانها عن نيّتها بمقاربة إصلاح الوضع المصرفي وحماية أموال المودعين من خلال باقة الإجراءات المحلية والدولية التي تملك حتماً اتخاذها في أقرب وقت، من شأنه أن يعطي رسالة إيجابية تجاه الرأي العام المتضرر، تؤكد على عزم الحكومة المصارحة الشفافة والتحري عن الحقيقة في موضوع الودائع، محاسبة من تسبب بها، والتعويض عن الضرر، وأخيراً تمتين النظام العام المالي والمصرفي في لبنان بشكلٍ يمنع حدوث أي أزمة شبيهة في المستقبل.
من الأمثلة الناجحة التي يمكن للبنان الاستفادة منها في اطار الدعم الأممي، هو مثال غواتيمالا حيث تمّ في العام 2006 توقيع أول بروتوكول بين منظمة الأمم المتحدة ودولة عضو، انشئت بموجبه اللجنة الدولية لمكافحة الافلات من العقاب في غواتيمالا CICIG: Commission Internationale pour combattre l’Impunite au Guatemala، وهي لجنة تألفت من خبراء دوليين لم تحلّ محلّ القضاء المحلّي بل ساعدته وساندته، وأدخلت إلى البيئة القضائية تقنيات تحقيق جديدة، وقدّمت إلى مجلس النواب 34 اقتراحاً اصلاحياً لمكافحة الفساد، وساهمت في صدور احكام بحقّ 400 مسؤول سياسي حامت حولهم شبهات فساد، من بينهم رؤساء سابقون وأعضاء كونغرس وقضاة رفيعو المستوى.
أليس جديراً، بالتالي، طرح السؤال المنطقي لماذا صحّ في غواتيمالا ما لم يصحّ حتى تاريخه في لبنان؟ ولماذا لا تبادر الحكومة اللبنانية الحالية، المؤلفة من أعضاء أكثر ما يجمع بينهم هو نظافة الكفّ وحسن السلوك العام، إلى طلب ما سبق لدولة نامية مثل غواتيمالا أن تجرّأت بطلبه؟
كل عناصر العدالة الانتقالية متوفرة في الجريمة الكبرى المسمّاة "سرقة الودائع" فهل من يبادر؟
في الخاتمة، أودّ الخروج أكثرعن الخروج السابق من التفكير داخل الصندوق، لأشرّع حلماً يراودني منذ وقوع الأزمة المصرفية في لبنان، الذي تزامن تقريباً مع دخولي إلى البرلمان، بأن تصل إلى المجلس النيابي، في الانتخابات القادمة ربّما، أكثرية نيابية اصلاحية، لا مصالح شخصية لديها، ومن خارج المنظومات السياسية التي تعاقبت على العمل العام في العقود السابقة، فتشكّل من هذه الاكثرية لجنة تحقيق برلمانية فعّالة، صارمة وجريئة، تضع يدها على جريمة العصر وتعيد صياغة العقد الاجتماعي/الاقتصادي بين سائر اللبنانيين ودولتهم.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

ايران 11/26/2025 12:07:00 AM
أفادت وسائل إعلام إيرانية غير رسمية بسماع تحليق طائرات حربية مجهولة فوق غرب البلاد، بالتزامن مع تفعيل محدود للدفاعات الجوية
لبنان 11/26/2025 2:32:00 PM
وجّه الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، رسالة إلى "التعبويين المجاهدين" ‏في "يوم التعبئة" السنوي
لبنان 11/26/2025 3:37:00 PM
من خلال الكشف الذي أجرته شعبة المعلومات، تبيّن أن أفراد العصابة أحدثوا فجوة في الجدار الخلفي للمحل من جهة منزل مهجور، وتمكّنوا عبرها من الوصول إلى متخت المتجر.
لبنان 11/26/2025 5:55:00 PM
تمّ تعديل التعاميم بحيث تمّ السماح للموسسات الفردية والجمعيات المرخصة من المراجع المختصة (خيرية أو دينية) الإفادة من التعميمين.