ما هي أبعاد بناء إسرائيل جداراً عازلاً على حدودها مع لبنان؟
فجأة ومن خارج مسارات الأوضاع على الحدود الجنوبية، تبني إسرائيل جداراً جديداً على قسم من حدودها مع لبنان، فتسارع اليونيفيل إلى الكشف عن أن هذا الجدار الذي لم يكتمل بعد يتخطى الحدود اللبنانية ويتعدى على الأراضي اللبنانية.
وفي معرض التحذير من خطورة هذا الفعل، يؤكد الناطق بلسان الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دو جاريك "أن الجدار الخرساني الذي أقامه الجيش الإسرائيلي منع السكان المحليين من الوصول إلى مساحة تتجاوز الـ4 آلاف متر ربع من الأراضي اللبنانية".
وذكر أن اليونيفيل أكدت أن جزءاً من جدار آخر قيد الإنشاء في شرق بلدة يارون (الحدودية) ويتجاوز بدوره الخط الأزرق، مشيراً إلى أن اليونيفيل أبلغت الجيش الإسرائيلي النتائج وطلبت إزالة الجدار.
وبطبيعة الحال، كان التأكيد الأممي بتجاوز إسرائيل في فعلها هذا للحدود اللبنانية كافياً لدحض النفي الإسرائيلي لقضم الأراضي اللبنانية.
وعليه، بدا واضحاً أن إسرائيل اختارت أن تفتعل مشكلة حدودية إضافية مع لبنان تضاف إلى إشكالات أخرى تعود إلى ما بعد عام اجتياحها للجنوب وللبنان عام 1982.
وبرغم انسحاب إسرائيل في أيار عام 2000 من البقعة الجغرافية، إلا أنها تركت وراءها مشكلة حدودية، تمثلت في نقاط ومساحات حدودية أظهر المسح الميداني الذي نفذه خبراء عسكريون لبنانيون، أن ثمة تعدياً على الحدود وقضماً لمساحات لبنانية.
وبعد حرب تموز عام 2006 عادت المشكلة الحدودية لتفرض نفسها، خصوصاً أن القوات الإسرائيلية تقدمت في بعض النقاط، كما صرح اللواء المتقاعد عبد الرحمن شحيتلي الذي شغل مندوب الجيش في اللجنة الثلاثية التي ضمت ممثلين عن لبنان وإسرائيل وقوة اليونيفيل.
ويقول اللواء شحيتلي لـ"النهار": إثر ذلك خضنا مواجهة مع الجانب الإسرائيلي وشكّلنا لجنة تقنية فرعية ثلاثية بدأت مهمة إجراء مسح ميداني للحدود. وأثبتت تلك المهمة آنذاك أن مناطق الخرق الإسرائيلي هي 13 نقطة وليس 5 نقاط كما في تقديرات عام 2000، وبات هذا الرقم هو المعتمد حتى بدء المواجهات الأخيرة.
ماذا يتعين على لبنان فعله في مثل الحالة الحالية لإظهار الخرق الإسرائيلي الجديد لأراضيه وسيادته؟
أجاب "أن مسارعة رئيس الجمهورية إلى الطلب من وزير الخارجية أفع شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل لتخطيها الخط الأزرق، هي الخطوة البديهية التي كان على لبنان اتخاذها لإثبات حقه، لكن كان يتعين استهلالاً أن يسارع الجانب اللبناني إلى دعوة اللجنة الثلاثية التقنية للاجتماع ويطلب عبرها إيفاد وفد اختصاصيين إلى البقعة التي تبني إسرائيل عليها الجدار الإسمنتي الحديث لكي نتأكد على الأرض من الخرق بالوثائق والأدلة العملانية، ليكون ذلك الأساس المادي الذي يستند إليه في شكوى لبنان إلى مجلس الأمن.
وعن خلفيات الفعل الإسرائيلي الجديد في هذا الوقت بالذات؟ يقول شحيتلي: الجدار العازل والفاصل ليس أمراً مستجداً على العقل الاستراتيجي الإسرائيلي، فمثل هذا الجدار بنته إسرائيل على حدودها مع الأردن، كما بينها وبين أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وهي بدأت بعد عام 2006 بناء جدار عازل بينها وبين الأراضي اللبنانية، وقد أنجزت قسماً لا بأس به كما هو معلوم. والمفترض، وفق نظريات العلم العسكري، أن الجدار العازل يلجأ إليه من يتبع النهج الدفاعي عن الحدود.
نبض