ما على أميركا فعله لتقوية ورقة لبنان

كتاب النهار 16-11-2025 | 08:23

ما على أميركا فعله لتقوية ورقة لبنان

إذا لم يُعطِ الأميركيون الدولة اللبنانية أوراق قوّة عبر الضغط على إسرائيل وليس فقط عبر الضغط عليها، فهم يدفعون في اتجاه على إبقاء أوراق الحزب وتقويتها كذلك أيّاً يكن ضعف الحزب أو قوته.
ما على أميركا فعله لتقوية ورقة لبنان
الجيش اللبناني يتفقّد مكان القصف الإسرائيلي في طرفلسيه جنوبي لبنان (أ ف ب).
Smaller Bigger

أسقطت نتائج زيارة الرئيس السوري احمد الشرع ومن دون ضجيج يُذكر السردية التي يرفعها " حزب الله" بمعارضته التفاوض مع إسرائيل مخافة التطبيع مع هذه الاخيرة الذي يدفع لبنان إليه في حال جلس الى طاولة التفاوض. فهناك جبهة من الرفض تُبنى على هذا الأساس علماً أنّ الأفرقاء في أقصى الخصومة مع الحزب يرفضون التطبيع وأيّ كلام في اتجاهه وهو يعرف ذلك ولكنه يوظف موضوع التطبيع لتمكين تبرير موقفه الرافض للتفاوض. فيما أنّ الرئيس السوري لم يذهب أبعد من اتفاق أمني في هذه المرحلة يُعيد فيها ترميم ما حصل على الحدود السورية مع إسرائيل بعد سقوط نظام بشار الأسد. والاستعانة بنتائج زيارة الشرع تتصل بواقع أنّه وفي نظر كُثر أضعف من أن يتصدّى لضغط أميركي في هذا الاتجاه، ولأنّ نموذج سوريا سيفرض نفسه حكماً على لبنان ويحرجه. 

 

ما يتم التعويل عليه من السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى، ما دام يرجح أن يتولّى مهمة الموفد توم برّاك أيضاً، أن يُعطي صدقية لموقف الدولة اللبنانية كدولة اتخذت القرارات اللازمة في 5 و7 آب الماضي لجهة حصرية السلاح وابدى رئيس جمهوريتها الاستعداد للتفاوض. فعلى رغم موقف الحزب المعروف بخلفياته الداخلية والإقليمية، فإنّ الخارج ملزم من حيث المبدأ بتوفير الاعتبار اللازم لموقف الدولة وقرارها من جهة والبناء عليه تالياً، وترك مواقف الأفرقاء الداخليين لتكون مشكلة داخلية لا سيما في ظل إصرار الحزب على اعتبار سلاحه مشكلة داخلية. الإصرار على تظهير معارضة الحزب لقرار الدولة والتريّث الأميركي أو الخارجي في اخذه في الاعتبار وتثميره من شأنه أن يوفّر أوراقاً للحزب حول استمرار قدرته على إدارة القرار اللبناني وفق مشيئته أو لمصلحته ومصلحة إيران من ورائه. فيما يضعف هذا التلكؤ الأميركي موقف الدولة ويُثير المخاوف من انتظارات أميركية لاعتبارات أو أسباب ما قد تُطيح باللحظة المناسبة لانقاذ لبنان ودفعه قدما نحو الخروج من فلك التأثير أو النفوذ الايراني.

 

إذّ انه ومع الثقة الكبيرة لمؤيّدي الرئيس الاميركي دونالد ترامب بموقفه المتشدّد من إيران وازاء سلاح الحزب، ومع الاحتمال الكبير أيضاً أنّ حكم الجمهوريين سيستمر حتى ما بعد انتهاء ولاية ترامب مع نائبه جي دي فانس أو مع وزير خارجيته ماركو روبيو، فإنّ المؤشرات السلبية المبكرة لانتخابات العمدة في بعض الولايات الأميركية حول احتمال خسارة الجمهوريين الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي في تشرين الثاني من السنة المقبلة تثير شهية رهانات قائمة اصلا حول تراجع تأثير ترامب او فاعليته. والمرشد الإيراني علي خامنئي تحدّث أخيراً عن ضرورة مواجهة ترامب وضع الاعتراضات الداخلية في الولايات المتحدة قبل تصعيد الضغوط على بلاده . هذا عدا عن عدم إمكان التنبوء بما يمكن أن يطرأ ويعيق دعم تقدم لبنان في مسار التعافي على غرار نجاح المساعي لإعادة إيران على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة وما قد يؤدي اليه ذلك، ما يستدعي الاستعجال الذي يدفع به البعض في واشنطن لتحرك يتخطى العقبات ويستفيد من الوقت المناسب راهناً مع تصميم ترامب من جهة ومع ضعف الحزب من جهة اخرى وحتى من وجود السيف الاسرائيلي المسلط فوق رأس لبنان لنزع سلاح الحزب.

 

وفي هذه النقطة يقول أصحاب هذا الرأي أنّ لا تشجيع لإسرائيل ولا رهان عليها لا سيما أنّ الحزب هو من استدرج الحرب معها وخسر إزاءها ومن المنصف والمنطقي أن يغتنم البعض الفرصة التي وفرها كل ذلك لاستعادة سيادة البلد ليس من نفوذ طائفة او فريق اساسي في البلد بل من نفوذ طرف إقليمي لم يتوانَ مرة بعد كرة من التفاخر بسيطرته على أربع عواصم عربية ومن بينها لبنان ويستفيد منه لتوسيع نفوذه وامتداده على شاطىء المتوسط. فالنفس الأميركي غالباً ما يكون قصيراً وكذلك مدى تركيزه على لبنان لا سيما إذا تراكم اليأس من التعويل على تجاوز الانقسامات الداخلية للمضي قُدماً في نقل البلد من مكان إلى آخر. وكان من الممكن في رأي البعض العمل على مقايضة مثلاً مع الثنائي الشيعي اذا كان سيتم إجهاض تصويت المغتربين وفق ما تدفع إليه الأمور ولمصلحة اسقاط مخاوف الثنائي من أصوات الاغتراب التي يمكن أن تحدث تعديلات جوهرية في معادلة سيطرته على الطائفة الشيعية على تجاوب أكبر وأوسع في موضوع تسليم سلاح الحزب لقاء ذلك.

 

إذا لم يُعطِ الأميركيون الدولة اللبنانية أوراق قوّة عبر الضغط على إسرائيل وليس فقط عبر الضغط عليها، فهم يدفعون في اتجاه على إبقاء أوراق الحزب وتقويتها كذلك أيّاً يكن ضعف الحزب أو قوته.

rosannabm @hotmail.com

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/15/2025 3:17:00 PM
طائرة مستأجرة تضم فلسطينيين تختفي عن الأنظار ثم تهبط فجأة في جوهانسبرغ بظروف غامضة.
النهار تتحقق 11/15/2025 9:19:00 AM
"تقول السلطات إن الأمر كله مرتبط برجل واحد متهم...". ماذا عرفنا عن هذا الموضوع؟  
لبنان 11/15/2025 11:45:00 AM
وثّقت الحادثة كاميرا المراقبة، فيما لاذ المعتدي  بالفرار