مخاطر توسّع الحرب والرهان لعدم إسقاط الدولة

كتاب النهار 09-11-2025 | 08:42

مخاطر توسّع الحرب والرهان لعدم إسقاط الدولة

مع التقارير المتواصلة التي تبثّها إسرائيل حول إعادة حزب الله بناء قدراته والتي يسعرها الحزب بنفسه بإعلانه أنّه أعاد تأهيل نفسه وتأهيل قدراته، فإنّ الطريق إلى الحرب تبدو حتمية أقلّها وفق المعطيات الديبلوماسية المتواترة الى بيروت
مخاطر توسّع الحرب والرهان لعدم إسقاط الدولة
دمار أحد المنازل في بلدة طيردبا الجنتبية (حسام شبارو).
Smaller Bigger

يواجه الثنائي الشيعي ازمة كبيرة يختلط فيها الشخصي المباشر بالعام وحتى الطابع الإقليمي المتصل بالمحافظة على نفوذ إيران في لبنان. وليس فقط الحزب وحده معنيّ بتجميد الواقع الشيعي عند الوضع الذي تمتع به الثنائي خلال العقدين الماضيين على الأقل، بل إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري منخرط بقوّة بذلك على جبهة الحؤول دون التجاوب مع أكثرية نيابية تطالب بإدخال تعديل على قانون الانتخابات مرتكباً مخالفات كبيرة ينفي الاقرار بها، خشية من أصوات المغتربين الذين سيدخلون حُكماً تغييرات على الكتلة النيابية الشيعية في حال مشاركتهم. فيما أنّ الحزب، ولأسباب داخلية وإقليمية، يقاوم بشدة وبأيّ ثمن محتمل حتى على بيئته وعلى لبنان بأسره نزع سلاحه أو حتى الذهاب إلى مفاوضات مع اسرائيل يمكن أن تضع حدّاً لاحتلالها واعتداءاتها على نحو يُنهي الحرب نهائيّاً.

 

ولا يمكن إنكار أنّ الثنائي رقم صعب في المعادلة الداخلية وهناك مراعاة رسمية كبيرة له يخشى أنّها قد تدفع بلبنان إلى الحرب عليه مجدّداً. فمع التقارير المتواصلة التي تبثّها إسرائيل حول إعادة حزب الله بناء قدراته والتي يسعرها الحزب بنفسه بإعلانه أنّه أعاد تأهيل نفسه وتأهيل قدراته، فإنّ الطريق إلى الحرب تبدو حتمية أقلّها وفق المعطيات الديبلوماسية المتواترة الى بيروت. هذا عدا عن تقارير تفيد بأنّ القيادة الفعلية لدى الحزب يتولاها مسؤولون إيرانيون من الحرس الثوري، فيما أنّ ورشة التعديلات او التغييرات داخل الحزب تحتفظ بالواجهة الأعلامية والسياسية لهم والبحث لا يزال جارياً عن الوجوه المناسبة. وحتى تقييد قدرة لبنان على التفاوض وفق "وصاية" بري من جهة و"وصاية" الحزب من جهة أخرى توجه رسالة يخشى أنّه تتم قراءتها على أنّ لبنان يشتري وقتاً ليس إلّا وليس جديّاً في الوصول الى حلول فعلية.

 

 

 

لحظة وقوع غارة إسرائيلية في جنوب لبنان (حسام شبارو).
لحظة وقوع غارة إسرائيلية في جنوب لبنان (حسام شبارو).

 

هذا الواقع يلقي بثقله على السلطة في لبنان التي يتعيّن عليها في المقابل القيام بكل ما يلزم لتجنّب الحرب أو توسيعها على الاقل فيما يعيش اللبنانيون هاجسها من جديد من دون تطمينات يمكن أن تُقدّمها السلطة إزاء ذلك. فالبعض يعتبر أنّ الثنائي يكبّر الحجر في الاتجاهين تعظيما للأثمان الداخلية التي يريدها. لكن هذا لا ينفي واقع المخاطرة على حافة الهاوية. الرهان فقط من البعض على ضغوط يريد لبنان أن يمارسها الخارج الصديق او المؤثر على إسرائيل لعدم التصعيد بخلفية وجود مصلحة مباشرة لهذا الخارج بعدم تسبّب أي حرب باهتزاز الاستقرار مجدّداً في لبنان نتيجة لذلك وتالياً إعادة الامور الى الوراء ما ينسف الجهود التي بُذلِت من أجل اعادة تركيب السلطة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف حكومة فاعلة.

 

فهناك على الأقل سيناريوات لا يمكن التقليل منها لا تلغي مثلاً، وفي شكل أساسي في ضوء مواقف الحزب التي تقول بالرد الدفاعي في وجه إسرائيل، توسّع الحرب بما قد يؤدي عمليّاً إلى انهيار السلطة وثوابتها الجديدة بحصرية السلاح، وهذا في حال لم تجبر الاعتداءات الاسرائيلية الجيش اللبناني على الرد على هذه الاعتداءات التي ستضع الجيش في موقع حرج بين التزام عدم الانخراط في الحرب واضطراره الدفاع عن لبنان، في وقت يُرجَّح أن يوظف الحزب ذلك لكي يظهر "تكامل" الجيش و"المقاومة" بغض النظر عن النتائج التي يمكن أن يحصدها ذلك للبنان. ولذلك الرهان هو على عدم حشر السلطة والجيش اللبناني الذي يرجح إلّا يستطيع السكوت على حرب موسعة فيما يفتح ذلك على احتمالات كبيرة خطيرة للبنان على اكثر من مستوى ويخلط أوراقاً كثيرة إضافة إلى احتمال انهيار الحكومة وتعطيل الانتخابات النيابية (وهنا سؤال كبير عن مصالح معينة تدفع في هذا الاتجاه,، ما يثير تساؤلات إذا ثمة محاولات استدراج لحرب أوسع من اسرائيل لتطييرها) عدا عن الانعكاسات الكارثية في اتجاهات متعددة، ما لم يكن مطلوباً إعادة تشكيل الاستقرار في لبنان تبعاً للاعتقاد بأنّ حرباً جديدة قد تكون مطلوبة لدفع الأمور قُدماً في لبنان الذي لا يستطيع الجمود في ظل العالم المتغير من حوله فضلاً عن الكلفة الباهظة للتأخير في مواكبة التحولات الاقليمية الجارية.

 

لا يتم تسليط أضواء كافية على عدم الاطمئنان والخوف الذي يعيشه اللبنانيون ربما على قاعدة تكيفهم طوال عقود مع الحروب عليهم وعلى أرضهم. وقد ساء البعض عدم الرد بالحزم المناسب والحاسم على رسالة "حزب الله" في مجلس الوزراء حول رفض التفاوض والتشكيك بقدرة السلطة على المحافظة على السيادة . اذ ان التفسيرات التي قدمها البعض حول توقيتها الذي تزامن مع اعلان واشنطن انضمام كازاخستان الى الاتفاقات الابراهيمية بما يزيد من ارباك ايران المجاورة او تزامنها مع الاعلان عن قاعدة اميركية محتملة في سوريا وما يعنيه من تضييق في اتجاه العراق ولبنان ايضا، لا يبرر السعي الى عدم تبديد الانطباعات بان الحزب لا يزال يمارس قدرة التحكم بقرار الدولة ومسارها رغم اكتمال عقد المؤسسات الدستورية فيما ان انضوائه فيها يفترض ان يعبر عن هواجسه من ضمنها على غير الرسالة التي حاول ان يوجهها باستمرار تمتعه بقدرة التحكم .

[email protected] 



العلامات الدالة

الأكثر قراءة

كتاب النهار 11/8/2025 9:11:00 AM
يكشف وزير أنه خلال الجلسة الحكومية، عرض قائد الجيش تجميد الخطة من باب الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها
تركيا 11/8/2025 3:48:00 PM
لدى القاتل سجل جنائي حافل رغم صغر سنه.
لبنان 11/8/2025 11:06:00 AM
بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، يُسمع غولد وهو يقول بالعبرية: "أنا موجود الآن في مارينا بيروت في لبنان، شوفوا ما أجمل هذا المكان"
سياسة 11/7/2025 4:02:00 PM
بعد أن كتبت "بعلبك إيمتى؟" على تغريدة لأفيخاي... هذا ما جرى معها