تثبيت واشنطن هدنة غزة يمهّد لقوة الاستقرار... ومشاركة الدول تتوقف على الدور وقواعد الاشتباك
تركزت مساعي المسؤولين الأميركيين الكبار، الذين زاروا إسرائيل منذ دخول اتفاق وقف النار في غزة حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، على تثبيت الهدنة قبل كل شيء، تحت رقابة أميركية دؤوبة من "مركز التنسيق المدني - العسكري" المقام في جنوب إسرائيل، والذي انضم إليه ممثل دائم عن وزارة الخارجية الأميركية.
ويصل رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال دان كين إلى إسرائيل هذا الأسبوع، في سياق المتابعة الأميركية لوقف النار، الذي تراقبه المسيّرات الأميركية من الجو، ويحول "مركز التنسيق" الذي يتولاه 200 جندي أميركي تابعين للقيادة المركزية الأميركية، دون اتخاذ خطوات إسرائيلية تصعيدية. لكن هذا لا يمنع الانتهاكات بالكامل.
وتعتقد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن احترام وقف النار سيكون المدخل للشروع في تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة الأميركية المكونة من 20 بنداً. وفي هذا السياق، تمنح واشنطن أولوية لإنشاء قوة الاستقرار الدولية بمشاركة دول عربية وإسلامية.
وبحسب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي أنهى زيارة لإسرائيل السبت، فإن من الممكن أن تدعو الولايات المتحدة إلى قرار من الأمم المتحدة يدعم قوة الاستقرار، حتى يتمكن مزيد من الدول من المشاركة فيها. ومعلوم أن واشنطن تجري محادثات في هذا الصدد مع مصر وقطر وتركيا وإندونيسيا وأذربيجان. وبينما وضعت إسرائيل فيتو على مشاركة تركيا، فإن أنقرة من الممكن أن تساعد في عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية، في ضوء تجربتها في سوريا والعراق.
ورفضت إسرائيل السماح لفريق تركي متخصص في البحث عن الجثث بالدخول إلى غزة لمساعدة "حماس" في البحث عمّا تبقّى من جثث لأسرى إسرائيليين. لكن في خطوة لافتة، منحت الحكومة الإسرائيلية إذناً لمسؤولين مصريين بدخول غزة السبت للمساعدة في مهمة البحث. وسبقت ذلك زيارة قام بها رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد الأسبوع الماضي لإسرائيل واجتماعه برئيس وزرائها بنيامين نتنياهو. وبمساعدة المصريين، وسّعت "حماس" نطاق البحث عن الجثث.

وبطبيعة الحال، يدور النقاش الآن بشأن المهمات التي ستناط بقوة الاستقرار. وبينما تطالب إسرائيل بأن تشرف القوة على نزع سلاح "حماس" وتدمير الأنفاق، رحّب القيادي في الحركة خليل الحية بالقوة من أجل "الفصل ومراقبة وقف النار"، في حين لفت إلى أن إلقاء السلاح يتحقق في ظل دولة فلسطينية، وأن نقاشاً بدأ للتو مع الفصائل الفلسطينية الأخرى في هذا الشأن.
الأمر المؤكد هو أن أي دولة لن تساهم بجنود في قوة الاستقرار إذا كانت المهمة التي ستضطلع بها هي دور قتالي بالنيابة عن إسرائيل. لذا، لا بد من تحديدٍ مفصلٍ لقواعد الاشتباك. وطبعاً، ستسعى واشنطن والدول الموقعة على وثيقة وقف الحرب في غزة إلى تجنب تكرار تجارب سابقة، على غرار ما حدث في الصومال في التسعينات، والتركيز عوض ذلك على نموذج كوسوفو.
وقوة الاستقرار يُفترض بها، وفق الخطة الأميركية، مساعدة هيئة التكنوقراط الانتقالية التي ستدير غزة بديلاً من "حماس". وهذا ما سيكون معبراً ضرورياً إلى مرحلة إعادة الإعمار.
ويبقى الأساس للمرحلة الثانية متوقفاً بشكل أساسي على مدى احترام وقف النار. وزيارات المسؤولين الأميركيين ومراقبة الوضع الميداني عن كثب، لا شك في أنها تأخذ في الاعتبار جسامة العقبات الكامنة عند كل مفصل من مفاصل الخطة الأميركية. وإلى الآن، لا يريد ترامب ترك أي شيء للمصادفات.
نبض