تفاؤل واشنطن و"حماس" بصمود وقف النار مرده إمساك ترامب بقرار الحرب في غزة

لسوء حظ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طارت القمة الأميركية - الروسية التي كان من المقرر أن تُعقد في المجر لمناقشة السبل الآيلة إلى وقف الحرب في أوكرانيا. ذلك أتاح للرئيس دونالد ترامب متابعة حثيثة لوقف النار في غزة وتطبيق ما تبقّى من بنود الخطة الأميركية.
لوهلة، يبدو مستغرباً أن تكون إدارة ترامب و"حماس" هما الطرفان الأكثر تفاؤلاً بوقف النار، بينما يمكن بسهولة ملاحظة الفتور الذي يُخيِّم على مواقف نتنياهو، الذي لا يستطيع الذهاب أبعد من الخط الأحمر الأميركي. ولا يزال المسؤولون الإسرائيليون يكتمون تحفظهم إزاء اللقاء المباشر الذي عقده المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر ترامب، مع القيادي في "حماس" خليل الحيّة في شرم الشيخ، والذي فتح الطريق أمام وقف النار.
نائب الرئيس الأميركي جي. دي. فانس وكوشنر، كانا حريصين على بث أجواء التفاؤل بصمود وقف النار، وقلّلا من شأن الخروقات التي حصلت حتى الآن. فانس اعتبر أن ما تحقق "يفوق المتوقع"، وتجنّب الخوض في مسألة تحديد جدول زمني لنزع سلاح "حماس"، لافتاً إلى أن الأمر لن "يُنجز في أسبوع". أما كوشنر فوضع الانتهاكات في سياق الأمر الطبيعي "بعد خوض حرب طويلة".
وبالتوازي، كان الحيّة يؤكد من القاهرة تصميم الحركة "المضي في اتفاق وقف النار إلى نهايته"، مذكّراً بحصوله على ضمانات من ترامب وآخرين بأن الحرب قد انتهت.
أجواء التفاؤل هذه تُواجه بعقبتين كبيرتين. من ناحية، هناك إصرار نتنياهو على أن الطريق إلى نهاية دائمة للحرب تمرّ بتخلي "حماس" عن السلاح وعن الحكم. ومن ناحية أخرى، تعتبر "حماس" أن إلقاء سلاحها مسألة تخصّ الفلسطينيين. وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن وفد "حماس" في القاهرة سيسمّي عدداً من الشخصيات لتشارك في لجنة التكنوقراط التي ستدير غزة بموجب الخطة الأميركية، من دون أن يُعرف ما إذا كانت إسرائيل ستضع فيتو على مشاركة هؤلاء في اللجنة.
بحسب مسار الأحداث، الكلمة الفصل في هذا الشأن تعود لترامب، كونه رئيس "مجلس السلام" الذي سيشرف على عمل اللجنة وعلى قوة الاستقرار وعملية إعادة الإعمار، التي قد تكون مدار بحث بين الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض في 18 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وفي محاولة للانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة الأميركية، اقترح كوشنر الشروع في إعادة إعمار المناطق التي لا تقع تحت سيطرة "حماس"، علماً أن نتنياهو أعلن معارضته الشديدة لإعادة الإعمار قبل أن تُلقي الحركة السلاح.
ومع ذلك، فإنه ما دام قرار استئناف الحرب بشكل واسع في يد ترامب، وليس في يد نتنياهو، فهذا يعني أن وقف النار الذي يشرف عليه 200 جندي من القيادة المركزية الأميركية في جنوب إسرائيل، ويحظى بمتابعة سياسية ناشطة سواء من واشنطن أو من الأطراف الموقعة على وثيقة إنهاء الحرب، يتيح مجالاً أوسع للخوض في تفاصيل المرحلة الثانية على رغم التعقيدات المنتظرة.