هدف "حماس" من 7 أكتوبر كان غزة "ميني دولة"؟

هل قام نتنياهو بحربه على غزة فقط لحرصه على الرد على "حماس" التي نفّذت "طوفان الأقصى" ضد بلاده في 7 أكتوبر 2023 أم لرغبته في البقاء في السلطة؟ من يصنع القرار ويتخذه في "حماس" أجاب عن هذا السؤال وهو خليل الشقاقي، مدير المركز الفلسطيني للسياسات والأبحاث: "حماس" مجموعة منظمة جيداً ذات انضباط كبير، لكن اتخاذ القرار فيها عملية بالغة التعقيد. الآن خليل الحية يبقى الأكثر انهماكاً وعملاً في هذا المجال، علماً أنه كان داخله في السابق. فضلاً عن أنه كان المفاوض الرئيسي منذ عملية 7 أكتوبر. يبدو أنه الآن على قمة هرم اتخاذ القرار في هذه المنظمة. ولديه مجموعتان من الزملاء وهو يحتاج إلى التنسيق معهما. الأولى هي مجلس شورى "حماس"، علماً أن قتل يحيى السنوار أدى إلى اتخاذ قرار بوقف انفراد شخص واحد بالقرار داخل "حماس"، وإلى إيكال ذلك إلى مجموعة أشخاص بعضهم في لبنان وبعضهم في تركيا وقطر، وربما في دول أخرى. إلى ذلك، هناك الشعب على الأرض. وعلى قدر ما نعرف، فإن قائد قوات غزة أزاد الحداد لا يزال حياً ويمارس مسؤوليةً لديه. لكن عليه أن يأخذ مواقف قادة آخرين في غزة في الاعتبار. طبيعي أن يعقّد ذلك أو بالأحرى يصعّد عملية اتخاذ القرار ووضع توصيات لمجلس الشورى الذي اختار لجنةً لموقعه الحالي. إلى ذلك، هناك تعقيدٌ آخر. فالجناح العسكري في "حماس" كان دائماً قريباً من لاعبين خارجيين مثل تركيا وقطر، لكن الجسم السياسي للحركة انفتح على لاعبين عرب من بينهم مصر. يعني ذلك وجود دوافع أو حوافز إقليمية من شأنها تعقيد الصورة داخل "حماس".
كان القطريون والأتراك يقولون لـ"حماس" إن إبقاء الرهائن وحده هو التي يسمح لنتنياهو بمتابعة الحرب. وإذا أعادتهم "حماس" فإن ظروف استمرار هذا التنظيم سياسياً يمكن أن تتحسّن. فهل "حماس" مستعدة للثقة بأن نتنياهو لن يتابع حربه؟ قال الشقاقي جواباً عن هذا السؤال: أعتقد أن حسابات "حماس" باقية على حالها. قد يكون التغيير الأكبر في تأكيدات دول عربية ومسلمة، لأن ذلك يُنهي الحرب والرئيس الأميركي ترامب يؤكد ذلك. عندما أطلق السنوار هجوم 7 أكتوبر كانت حساباته المتعلقة بأخذ رهائن مختلفة كثيراً عن حسابات الحاضر. في 2023 ما أرادته "حماس" كان دولة صغيرة أو دويلة (Ministate) في غزة وشرعيةً تمكّنها من الحكم مع إطلاق سجناء فلسطينيين في سجون إسرائيل. اليوم "حماس" قلقة على وجودها. لم تعد القصة الحصول على "ميني دولة". يعني ذلك أن الرهائن صاروا مصدر قوة لهم وأن المفاوضات إذا حصلت ستكون قاسية جداً، ولكن ليس بقساوة المفاوضات السابقة. فنحن نرى إرادة إطلاق الرهائن بوصفه جزءاً من خطة ترامب. لكن برغم ذلك ليس هناك اتفاق على معظم العناصر الأخرى في خطة وقف الحرب. ربما يكون السبب هو تدخّل المنطقة كلها الآن في هذا الموضوع.
ليست هناك سابقة تفيد بأن رئيساً لأميركا حاضر وهاجم وحاجج رئيس وزراء إسرائيلي لقبول خطة. لم يحصل ذلك أبداً. علّق الشقاقي على ذلك: قبل أن أقول أموراً سلبية عن خطة ترامب دعني أقل إنها تبدو مبدئياً جيدة على الورق في معظمها. لكنها ليست كافية وهي قطعاً ليست خريطة طريق للوصول إلى حصيلة إيجابية قادرة على الصمود. هي جيدة لأن رئيس أميركا يقف وراءها، وهو الذي وضعها وسلّمها وتكلّم عنها وأكد أنه سيعرضها على نتنياهو. والغزّاويون يسألون: ألم يقل ترامب إن القصف يجب أن يتوقف؟ لكنه مستمر. لذا إن وقفه فهمه نتنياهو وقفاً لتقدّم الجيش في غزة لا وقف قصفها. العامل الثاني هو المنطقة وهي العنصر "الأجد" في ذلك كله. واجتماع كل الزعماء حول ترامب صنع فرقاً. إذ إنهم يقولون له سوف "نسلّم" "حماس" فإذا سلّمت نتنياهو نحن قادرون على تسليمك "حماس". هناك عناصر إيجابية في المحتوى أو المضمون حول مفاوضات فلسطينية – إسرائيلية من أجل إقرار حل الدولتين. لكن هناك مشكلات أخرى. ليس هناك شريك فلسطيني بعد. قُدّمت هذه الخطة لـ"حماس" وليس للفلسطينيين. وأنتم تتوقّعون أن شريككم لن يكون "حماس" في النهاية. وهو لم يُعطَ أي شرعية مستقبلاً. هذا يجعل البداية صعبة، أو يجب أن يكون هناك توافق فلسطيني على من يحكم الفلسطينيين. هناك مشكلات أخرى. فالتزام العرب ليس فقط اقتصادياً مثل إعادة البناء بل هو أمني أيضاً.
فالخطة تسمح بوجود متزامن في غزة لأربع قوى عسكرية هي "حماس" والبوليس الفلسطيني والقوة المهدئة أو الموفّرة للاستقرار والجيش الإسرائيلي. وهذا أمرٌ لا "يركب"، هناك سؤال عن الهيئة الواسعة لـ"مجلس السلام". إنه ليس مجلساً لجمع الأموال فقط من أجل إعادة الإعمار. إنه لإشاعة الاستقرار والسير على طريق الحل النهائي للمشكلة. لعل المشكلة عند الفلسطينيين أن ترامب ونتنياهو واحد. إذاً كيف سيُنهي الحرب؟ ربما بمحاربة "حماس". من هو المستعد لنشر قوات عسكرية لقتال "حماس" في غزة؟ في رأيي أمرٌ واحد يمكن القيام به هو توفير دعم إنساني لغزة وفيها وأي عمل آخر سيكون مجنوناً.